كشف اصدار جديد عن جوانب مختلفة من الواقع الإسرائيلي بينها الثقافة والاقتصاد والتيارات الفكرية والأزمات التي تعصف بهذا المجتمع القائم على التناقضات والتي تعمقت بعد أكتوبر/ تشرين الأول 2000 وما زالت تتفاقم، وهي تنتج مصطلحات صارت مميزة للإسرائيليين فقط، مثل الهيمنة والغطرسة.
وصدر أخيرا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، العدد المزدوج 17 و18 من مجلة "قضايا إسرائيلية"، واشتمل على عدد من الدراسات الأكاديمية لباحثين إسرائيليين وفلسطينيين، تناولت جوانب مختلفة من الواقع الإسرائيلي بينها الثقافة والاقتصاد والتيارات الفكرية والأزمات التي تعصف بهذا المجتمع القائم على التناقضات.
واستعرض الباحث الفلسطيني مسعود اغبارية في دراسته عن تأثير الانتفاضة على المجتمع الإسرائيلي، متغيرات المواقف الإسرائيلية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ بداية الانتفاضة وحتى منتصف العام الجاري، وبالذات تأثير العمليات العسكرية التي نفذها فلسطينيون في داخل "إسرائيل"، كما انعكس هذا التأثير في الصحف ووسائل الاعلام الإسرائيلية.
دانا ميرتنباوم هي محامية اسرائيلية ومديرة جمعية "ايتاخ" "معك" للدفاع عن حقوق النساء العاملات، أعدت تقريرا للجنة التابعة لهيئة الأمم المتحدة والتي تعنى بمكانة المرأة في العالم إذ قدم التقرير باسم منظمة "ايشا لايشا" وهي منظمة نسوية ويتناول تأثير الاحتلال والعنف على أوضاع المرأة الفلسطينية والمرأة الإسرائيلية.
ليف غرينبرغ من السوسيولوجيين الإسرائيليين الأكثر جرأة في دراسة ونقد المجتمع الإسرائيلي، وتثير مقالاته ودراساته نقاشات كبيرة ليس فقط في أوساط المثقفين والأكاديميين بل السياسيين أيضا، وهو راديكالي في موقفه من الاحتلال فلا يقبل المساومات ولا التأتأة في المواقف أو الشروط المسبقة. وفي مقاله هذا يناقش الإسرائيليين الذين يزعمون انهم ضد الاحتلال ولكن في حقيقة الأمر هم ليسوا كذلك.
ويتناول جوني منصور في دراسته موضوع الأحزاب الصهيونية والايديولوجيات، هل تتمسك بايديولوجياتها التقليدية أم أنها أصبحت ككل الأحزاب في العالم الرأسمالي تلهث وراء المصوتين. في خلال خمسين عاما ونيف سقط الكثير من الأحزاب الاسرائيلية وولد الكثير وتداخلت الأحزاب ببعضها.
البروفيسور يهودا شنهاف من مؤسسي منظمة "القوس الشرقي"، ويقود التيار الذي يؤكد انتماء اليهود الشرقيين الى الثقافة العربية ويدعو الى تعزيز هذا الانتماء. وفي مقاله "صمت اليسار الاسرائيلي: استمرار الهيمنة الأشكنازية"، ينتقد المؤرخين الجدد ويتهمهم بأنهم يواصلون نهج المؤرخين التقليديين في نفي انتماء اليهود الشرقيين وتشويهه والتنكر لدورهم الثقافي استمرارا لنهج الهيمنة الأشكنازية.
هنريت كاليب المحاضرة في جامعة بئر السبع وهي من أصل مغربي، قدمت الى "إسرائيل" العام 1949 وعاشت كطفلة في المعبراة ثم انتقلت للعيش في المدينة وقد عرفت منذ طفولتها مظاهر العنصرية والاستعلاء عليها كيهودية شرقية في المدرسة والحي والمجتمع. وفي هذا العدد قدمت شهادة خاصة عن معاناتها كيهودية من أصل عربي.
ويتناول الباحث أودي أديب موضوع مكانة اليهود الشرقيين في "إسرائيل" والتمييز ضدهم، ليؤكد أن هذا التمييز ليس ناجما عن كون الدولة هي دولة قومية يهودية أشكنازية، بل لأنها دولة قوموية غير ديمقراطية، أي أنها دولة ترتكز على أصولية دينية، ولأن قيادتها اعتمدت الأصول الدينية المرجعية لوجود الدولة وطابعها، والتمييز العنصري في "إسرائيل" لا يحكمه انتماء قادة الدولة الاثني بل توجههم اليهودي الغيبي القوموي العقائدي.
وتواصل "قضايا إسرائيلية" تقديم وجهات نظر مثقفين اسرائيليين في موضوعي النكبة وحق العودة. دان ياهف في مقاله "قانون العودة مقابل حق العودة" ينتقد بشدة قانون العودة الاسرائيلي الذي يجيز لكل يهودي الحصول على المواطنة الإسرائيلية فقط لكونه يهوديا، وفي الوقت نفسه يؤكد ياهف ضرورة الاعتراف بحق العودة للشعب الفلسطيني، هذا الحق المعترف به دوليا و"إسرائيل" هي الوحيدة التي تتنكر له.
وفي موضوع الثقافة الإسرائيلية، تنشر المجلة محاضرة ألقاها، مدير تحرير مجلة "قضايا إسرائيلية" الكاتب سلمان ناطور، في مركز مدار في رام الله، تحدث فيها عن طابع الثقافة اليهودية الإسرائيلية العبرية، التي بدأت تتبلور منذ بداية القرن العشرين، استعدادا لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين.
حوار العدد أجراه فراس خطيب مع ايلان بابيه، أحد أبرز الأكاديميين الإسرائيليين المناهضين للصهيونية، فكرة وعقيدة وممارسة، كما تجسدها حكومات "إسرائيل". والحوار معه يلقي أيضا أضواء على طابع الدولة وماضيها ومستقبلها من وجهة نظر أكاديمي إسرائيلي خارج عن الاجماع العام.
ويسهم الكاتب أنطوان شلحت في قراءة كتابين إسرائيليين صدرا أخيرا لباحثين أكاديميين عن السلام بالمفهوم الإسرائيلي والتغيرات التي خضع لها منذ فشل قمة "كامب ديفيد" في صيف 2000 وإسقاطات ذلك على المشهد الراهن. كما تنشر المجلة مقالا للأستاذ الجامعي والباحث في شئون الاقتصاد والمجتمع، شلومو سبيرسكي، يكشف فيه النقاب عن الخسائر المادية والاجتماعية والاقتصادية التي حلت بـ "إسرائيل" نتيجة احتلالها للضفة الغربية والقطاع. ففي العشرين عاما الأوائل بعد الاحتلال في 1967 لم تكن الخسائر كبيرة، ولكن الوضع انقلب بعد اندلاع الانتفاضة الأولى العام 1987 وازدادت خسائر "إسرائيل" منذ العام .200
العدد 1048 - الثلثاء 19 يوليو 2005م الموافق 12 جمادى الآخرة 1426هـ