العدد 1047 - الإثنين 18 يوليو 2005م الموافق 11 جمادى الآخرة 1426هـ

تجارة المخدرات والعقوبة المقررة لها قانونا

عبدالله محمد الفردان comments [at] alwasatnews.com

المخدرات آفة الآفات، تنخر في كيان المجتمعات الإنسانية وتحولها إلى هياكل بلهاء، تعصف بكثير من الأسر، وتقوض بناءها الاقتصادي والاجتماعي والخلقي، هذه المخدرات منذ أن عرفت وجربت أضاعت أحلام الشباب، ومزقتهم جسديا وروحيا، وحطمت معنوياتهم، وكم من شباب في عمر الورود تهافتوا عليها، فتراهم فتحسبهم شيوخا هرموا قبل إبان المشيب، فتقوست أجسامهم وشحبت وجودهم وتهادمت جلودهم كأنها شارع وعر، والادهى من ذلك والأمر أن تأتيه فاجعة الموت بسبب إفلاسه وانقطاعه عن التعاطي.

قال الشاعر "عباس علي خميس" في خواطر محزنة:

الله يعلم أنها من صنع أفاك أثيم

أعداء كل فضيلة ودعائم الكفر الذميم

رضعوا لبان الشر إذ فطموا عن الخير العميم

ومملكة البحرين عانت من هذه الآفة اللعينة، وازدات محنة شعبها، منذ العام ،1973 لأجل هذا جاء على أعقاب ذلك مراسيم قانونية تحدد الوصف والعقوبة وتطبيقها على الجناة، حماية للمجتمع وقطعا لدابر هؤلاء المجرمين، فصدر أول مرسوم بقانون رقم 4 لسنة 1973م، ثم تلته عدة مراسيم، آخرها مرسوم بقانون رقم 10 لسنة 1984م وقد حدد عقوبة المتاجرة في المخدرات في المادتين 23 و24 بالآتي:

المادة 23: يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد عن خمسين ألف دينار.

أ - كل من استورد أو صدر مواد أو مستحضرات مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة الثالثة من هذا القانون.

ب - كل من زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع مواد أو مستحضرات مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار.

جـ - كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع مواد أو مستحضرات مخدرة أو سلمها أو تسلمها أو نزل عنها أو صرفها بأية صفة كانت أو قدمها للتعاطي أو سهل تعاطيها في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون.

د - كل من أوكل إليه حفظ مواد أو مستحضرات مخدرة أو رخص له بحيازتها لاستعمالها في غرض أو أغراض معينة ويكون قد تصرف فيها بأي صفة كانت في غير تلك الأغراض، ولا يجوز للمحكمة عند تطبيق المادة "72" من قانون العقوبات النزول بالعقوبة عن السجن لمدة عشرة سنوات.

المادة 24: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور وبغرامة لا تزيد عن عشرة آلاف دينار كل من حاز أو أحرز أو اشترى بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي مواد أو مستحضرات مخدرة في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون. ويجوز للمحكمة عند توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفترة السابقة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه تعاطي المواد أو المستحضرات المخدرة إحدى المستشفيات التي يحددها وزير الصحة ليعالج فيها إلى أن تقرر لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الصحة خروجه من المستشفى. وتستنزل مدة الايداع بالمستشفى من مدة العقوبة المحكوم بها.

وتعقيبا على ما تقدم فإن المقصود بالاستيراد في المادة "23" هو جلب المخدر من بلاد ما إلى الحدود الاقليمية لمملكة البحرين من علم الناقل لكنه جوهر المخدر سواء كان الاستيراد بالذات أو بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان استورده لنفسه أو لغيره إذا تجاوز لفعله الخط الجمركي، وجلب المخدر بكميات كبيرة يوحي بأن القصد هو الاتجار بالمخدرات، والنسبة إلى الحيازة والاحراز في المادة "24" فإن القصد الجنائي لا يتوافر بتحقق الحيازة المادية، بل يجب اقامة الدليل الثبوتي لا الافتراض على علم الجاني بأن ما يحوزه من الجواهر المخدرة المحظور احرازها قانونا، وعلى سبيل المثال إذا ضبط المتهم ومعه حقيبة فيها المخدر قد استلمها من شخص وهو لا يعلم بمحتوياتها حيث أوعز له بأن بها أدوية له، فلا يتوافر القصد الجنائي.

ويذكر أن استخلاص قصد الاتجار من استيراد المخدر من سلطة محكمة الموضوع، ما دام استخلاصها سائغا وبالبناء على ذلك تقدمت النيابة العامة بدعوى رقم 688/ 2005 ضد المتهم إلى المحكمة الكبرى الجنائية أسندت إليه تهمتين:

الأولى: باع مادة مخدرة "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

الثانية: أحرز بقصد التعاطي مادة مخدرة "مورفين وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد 1 و2 و23 الفقرة الأولى بند "ج" و24 بند 1 و27 بند 1 من المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 1973م بشأن مراقبة التداول في المواد والمستحضرات المخدرة واستعمالها المعدل بالمرسوم بقانون رقم "15" لسنة 1983م، وقدمت النيابة العامة شهود اثبات وتقرير الخبير الجنائي الذي أثبت احتواء إدرار المتهم على مادتي المورفين والحشيش، والمحكمة حكمت بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة 6 أشهر وتغريمه 500 دينار عن التهمة الثانية وبراءته من التهمة الأولى، وأمرت بمصادرة المخدر المضبوط، وجاء في أسباب حكمها أن المتهم أنكر التهم المسندة إليه وأن المحكمة لا تطمئن إلى شهود الاثبات بشأن واقعة بيع مخدر الهروين، والثابت للمحكمة أن المتهم أحرز للمادتين بقصد التعاطي وتعاطاهما فعلا والمحكمة تعاقبه بالمادة 24 من القانون وتبرئه من التهمة الأولى عن واقعة بيع مخدر الهروين.

وجاء في أسباب دعوى أخرى عرضت على محكمة التمييز بموجب الطعن رقم 15/ 1996 أن وجود المخدر في شرج المتهم يؤكد علمه باستيراده من الخارج وعمله يحظر هذا الاستيراد. نسأل الله أن يجنب هذا البلد الآمن وأهله شر هذه الآفات المدمرة وأن يغمر قلوب شبابنا المتورط بالضلوع بهذه المخدرات بالايمان والعقل والتيقظ والاقلاع عن هذه العادات لنبقي جمعيا في وطن واحد موحد ونفوس طاهرة ومطهرة من رجس هذه الجرائم التي تهدم الأوطان وتحولها إلى حطام يستحيل تقدمها وازدهارها، والله من وراء القصد

العدد 1047 - الإثنين 18 يوليو 2005م الموافق 11 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً