العدد 1039 - الأحد 10 يوليو 2005م الموافق 03 جمادى الآخرة 1426هـ

الإصلاح والتحول الديمقراطي في الشرق الأوسط

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عقدت مجموعة من الأكاديميين والباحثين ندوة عن أمن الخليج. وقد جرى توزيع مواضيع البحث على أيام العمل الثلاثة كما يأتي:

اليوم الأول: موضوعات الإصلاح والتحول الديمقراطي وآليات التغيير وإمكانات التغيير واللاعبون الاساسيون. اليوم الثاني: التحالفات والتناقضات بين مختلف الأطراف والتركيز بشكل خاص على المجموعتين الإسلامية والعلمانية.

اليوم الثالث: ثقافة حقوق الإنسان وآليات إيصال الأفكار الإصلاحية الى أوسع الجماهير، ودور النخب الثقافية والسياسية والاعلام.

طرحت في اليوم الأول عدة قضايا تناولت مواضيع الإصلاح والتحول الديمقراطي ومن هذه المواضيع.

1- دور الإسلاميين والتنظيمات الإسلامية في حركة الإصلاح وموقعها في التحالفات من اجل التغيير والإصلاح وخصوصا إمكانية التحالف ما بين التيار الإسلامي والعلماني. وهل سيترتب على التغيير إصلاح إذا ساد الإسلاميون أم سيؤدي الى إقامة نظام ثيوقراطي أكثر استبدادية وتخلفا من الأنظمة البيروقراطية الاستبدادية الحالية؟ وما شروط التحالف؟ وما موقع المرأة في هذا التحالف؟

طرح البعض بايجابية ضرورة هذا التحالف وإمكانية نجاحه واستشهدوا بالتجربة التركية، إذ أحدث حزب الرفاه والعدالة بقيادة اردوغان تغييرات بنيوية على الحياة والمؤسسات والتشريعات على طريق إقامة نظام ديمقراطي تعددي، أعمق وأوسع مما قامت به الأحزاب العلمانية كما عرضت تجربة جمهورية إيران الإسلامية وتناقضاتها من حيث وجود هياكل وآليات ديمقراطية ودستور جمهوري، وفي الوقت ذاته مؤسسات وآليات دينية تملك الحق والقدرة على تقنين الإرادة الشعبية، تحصر السلطة النهائية في المؤسسة الدينية. واستعرضت تجربة الصراع والتعايش ما بين التيارين الإصلاحي والمتشدد في النظام الإيراني. وجرت بشكل خاص مناقشة معاناة المرأة وتهميشها في المجتمع الإيراني، وكذلك معاناة الأقليات والاتجاهات خارج التيار الديني.

عرض احد الباحثين تجربة التيار الإسلامي المقاوم في فلسطين "حماس، والجهاد الإسلامي". وذكر أن الإسرائيليين هم الذين سهلوا ورعوا قيام حماس ليضربوا بها حركة فتح واضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وذكر أن المتطرفين الإسلاميين الفلسطينيين يغذون المتطرفين الإسرائيليين والعكس صحيح. وقد أسهم الطرفان في إفشال اتفاق اوسلو.

وذكر الباحث أنه إذا ما تحقق سلام فلسطيني إسرائيلي حقيقي وقامت الدولة الفلسطينية ذات السيادة فإن شعبية وقوة حماس والجهاد ستتراجع. وعرج على مدلولات فوز حماس في الانتخابات النيابية بأنه رد فعل على فشل السلطة وفسادها والتعنت الإسرائيلي.

باحث آخر طرح أن التحالف مع الإسلاميين من اجل التغيير حاجة موضوعية نظرا إلى الثقل الجماهيري الكبير الذي يتمتع به الإسلاميون واستعدادهم الكبير للنضال والتضحية، وأن العقيدة الإسلامية مكون أساس في عقيد الشعوب العربية والثقافة الإسلامية. ثم إن الانتصار النهائي على الأنظمة الاستبدادية مازال بعيدا ولذلك فلا داعي للتخوف من وصول الإسلاميين الى الحكم ومن ثم ممارستهم التسلط والقمع.

وطرح أن التحالف ما بين الإسلاميين والديمقراطيين وهو لا يحبذ استخدام تعبير العلمانيين مشروط بقواعد متفق عليها وفي مقدمتها احترام قواعد الديمقراطية، واحترام الأكثرية لمصالح الأقلية، واحترام القومية الكبرى لمصالح الأقليات واحترام الحريات العامة والحريات الفردية.

ثم إن ثنائية الإسلاميين مقابل العلمانيين ليست الثنائية الوحيدة فهناك ثنائية المعارضة والموالاة وثنائية السنة والشيعة أو السنة والزيدية وثنائيات وتعدديات داخل المذهب الواحد وثنائية المؤسسة الحزبية مقابل المرجعية الدينية بالنسبة إلى الشيعة. وثنائية الاعتدال والتطرف إلخ. لذلك فإن التحالفات ليست مبسطة بأنها تحالف ديني - علماني، بل هناك اعتبارات أخرى.

عرض احد الباحثين النتائج المترتبة على معاداة الولايات المتحدة للاتجاهات الإسلامية المجاهدة والمناضلة وفي مقدمتها حماس والجهاد في فلسطين وحزب الله في لبنان، فذكر أن هذا العداء حفز الكثيرين لدعم هذه التنظيمات والتمسك بها كما تبين في الانتخابات البلدية الفلسطينية والانتخابات النيابية اللبنانية.

عرض باحث آخر لسياسة فرق تسد التي اتبعها الاستعمار البريطاني في مصر، إذ حاول في البداية بث الفرقة ما بين المسلمين والمسيحيين وعندما فشل في ذلك عمد الى بث الفرقة في أوساط المسلمين، وذلك بإقامة تنظيم الاخوان المسلمين، الذين اتبعوا نهج تكفير خصومهم ومن يختلف معهم واللجوء الى الإرهاب والعنف ضد خصومهم. وأكد أنه على رغم ادعاءات الاخوان حديثا تأييدهم للإصلاح وقبولهم بالقواعد الديمقراطية فإنهم غير صادقين والدليل على ذلك رفعهم المصاحف في المظاهرات أخيرا.

أحد الباحثين عرض للتحول الحالي في السياسة الاميركية في الاستعداد للتعامل مع التنظيمات الإسلامية في العراق. وكذلك اللقاءات ما بين دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي مع التنظيمات الإسلامية الفلسطينية وحزب الله، على رغم تصنيفها بأنها منظمات إرهابية.

في اليوم الثاني تم استعراض تجارب في التحول الإصلاحي الديمقراطي.

أ- التجربة التشيكوسلوفاكية

عرض احد النشطاء السياسيين في حركة ميثاق هلسنكرو التي قادها الرئيس فاكلاف هامل والتي أدت الى انهاء النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا، وقيام نظام ديمقراطي على انقاض التجربة التشيكية، عرض تجربة المصالحة الوطنية.

التعامل مع الماضي

1- كشف جميع ملفات الماضي بكل ما تحمله من قسوة ومأساة.

2- محاكمة الضباط المسئولين عن الانتهاكات الفاضحة فقط مثل التعذيب والقتل والاغتيال وطردهم من الخدمة ومنع من هم دونهم من تبوء مناصب رفيعة.

لقد تم ذلك من خلال آليات قضائية ولكنها من دون أن تكون مثالية ولم ترض الجميع.

هناك دور حاسم لأوروبا في دعم التغيير

- دعمت منظمات وحركة حقوق الإنسان.

- ترويج إذاعة أوروبا الحرية للحركة.

- ضغوط على النظام حتى لا يستخدم القوة أو القمع ضد المعارضة.

ومما ساعد في نجاح التغيير سلميا هو أن تاريخ تشيكوسلوفاكيا، ليس دمويا وهناك تقاليد التعايش السلمي، وحتى عندما انفصلت سلوفاكيا عن تشيكيا فقد تم ذلك سلميا ومن دون مرارات.

ب - التجربة الإسبانية

عرض أحد النشطاء السياسيين الذين قادوا حركة التغيير ضد فرانكو لتجربة التحول السلمي في إسبانيا كما يأتي:

لقد كان نظام فرانكو دكتاتوريا تأسس على بحر من الدمار، ارتقى في الحرب الأهلية ووقف النظام النازي بكل قوة فرانكو ضد الحركة الشعبية ثم استتبع انتصاره بنظام قمع شديد للتيار الديمقراطي واليساري والقوميات مثل الباسك والكلائلان.

لقد جرى اعتقالي في المرة الاولى لمدة 15 يوما عندما لمجرد مشاهدتي سرا مع مجموعة من الطلاب فيلما لبونيويل المخرج الفرنسي ثم جرى اعتقالي وسجني لمدة 7 سنوات اثر احتجاجات في جامعة مدريد.

أو عوامل الانتقال السلمي من الدكتاتورية الى الديمقراطية فهي كما يأتي:

1- تشكل طبقة وسطى واسعة تتناقض مصالحها مع مصلحة الدكتاتورية.

2- وجود طليعة من المحاميين والطلبة والمثقفين.

3- وجود تنظيمات سرية مناضلة، سياسية ونقابية.

4- وجود اجماع على الإصلاح والتغيير السلمي سواء من قبل اطراف داخل النظام، مثلا ضباط الجيش أو في المعارضة وخصوصا الحزب الاشتراكي بزعامة سوارنش "أول رئيس وزراء".

5- الدور الايجابي للملك في تحقيق اجماع وطني حول الملكية وهو الدور الذي لعبه الملك خوان كارلوس.

6- الضغط الأوروبي و الإغراءات الأوروبية، فمن ناحية هناك العزلة التي فرضتها أوروبا على النظام من ناحية دعمها للمعارضة من ناحية أخرى والمقابل التلويح للنظام بإغراءات التخلي عن عزلته مقابل دعم اقتصادي أوروبي. وفعلا فقد دعمت السوق الأوروبية المشتركة بقوة إسبانيا والبرتغال لاخراجهما بسرعة من وضعية التخلف، وتحقيق الرخاء وبالتالي انجاح التجربة برمتها.

أما التحديات التي برزت أمام التحول فهي:

1- التعامل مع أقطاب النظام وكوادره خصوصا من ارتكبوا جرائم ضد الشعب الاسباني.

2- حل مشكلة الأقليات مثل الباسك والكلائلان.

والمهم في التجربة الاسبانية التركيز على المستقبل وعدم الالتفات الى الماضي وتأكيد روح المصالحة.

- ان تجربة إسبانيا على خلاف مصر، فمصر تفتقد الى السند الإقليمي الذي يمكن أن يقدم دعما وإغراءات بانتهاج منهج الإصلاح والتحول الديمقراطي في حين وفرت أوروبا ذلك لاسبانيا.

جرى بعد ذلك مقاربة ما بين التجربتين الأوروبيتين في تشيكوسلوفاكيا وإسبانيا مع تجارب شرقية إذ تتميز الأوضاع في البلدان العربية بما يأتي:

1- ان إقامة الديمقراطية في البلدان العربية لا يعني العودة الى ما هو سائد كما في حال أوروبا، بل قطيعة مع ما هو سائد من أنظمة استبدادية واوثرقراطية.

2- إن نجاح أو فشل الانتخابات أو الديمقراطية يعتمد أحيانا على موقف المؤسسة الدينية كما هو حال العراق "السيستاني" وإيران " الخميني" وليس على نضوج فكر ديمقراطي وقاعدة شعبية.

3- إن الحكام العرب لا يحكمون فقط بل يملكون أيضا ومن هنا تمسكهم بالسلطة وحرمانهم أطرافا عدة من عناصر القوة.

4- إن تجربة تركيا في التحول الديمقراطي ليست بفعل تحول في التيار الإسلامي فقط بل هي نتيجة عوامل بدأت بالاتاتوركية، وفي ارتباط بأوروبا واقتباس الكثير منها، وإذا كان قد شاب التجربة التركية ظاهرة الاغتراب ما بين النخبة السياسية وعموم الشعب، فقد جرى التصالح تدريجيا بإسهام النخبة الإسلامية في عملية التحول. لكن النظام التركي لايزال علمانيا وليس إسلاميا.

5- بالنسبة للتباين ما بين جورجيا وأذربيجان إذ نجح التحول الديمقراطي في الاولى وفشل في الثانية، فذلك لا يعود الى نصرانية جورجيا وإسلامية أذربيجان، يعود ذلك الى أن جورجيا امة مكتملة النمو والمعالم في حين أن أذربيجان امة مجزأة وبها الكثير من عوامل التوتر.

كما استعرض بعض الباحثين أهمية نجاح التحول الاقتصادي المترافق للخصخصة وتحول دور الدولة من السيطرة الى التنظيم، ما يجر الى مصاعب اقتصادية مثل البطالة وتدهور الأحوال المعيشية للكادحين وهذا ما يتطلب أن تكون لدى الدولة سياسة اجتماعية واضحة وشبكة أمان للعاملين والسكان، وهو ما طبقته تشيكوسلوفاكيا بمساعدة ودعم من أصدقائها الأوروبيين.

الأمن في الخليج

إيران: تركز الحديث عن إيران حول مغزى معركة الرئاسة الانتخابية وماذا يمثل كل مرشح والتداعيات المترتبة على فوز أي من المرشحين، وكان من الواضح أن رفسنجاني هو الأوفر حظا بالفوز وكما كشفت عنه نتائج الانتخابات فقد كان رفسنجاني في المقدمة بـ 18 % من الأصوات ومحافظ طهران احمدي نجاد يليه بـ 16 في المئة، وبالتالي فسيخوض الاثنان الانتخابات يوم الجمعة 24 يونيو/ حزيران 2005 حيث من المتوقع أن يكون التنافس شديدا.

وبغض النظر عن فوز رفسنجاني او "نجاد" فهناك اجماع إيراني على ما يأتي:

1- يعتبر البرنامج النووي الإيراني محل اجماع وطني، ولذلك فسيستمر العمل في البرنامج بما في ذلك امتلاك أسلحة نووية.

2- بالنسبة لمنطقة الخليج والجيران عموما، فقد شهدت رئاسة رفسنجاني 1989-،1997 تحولا حاسما في علاقات المواجهة الى علاقات التعاون والتطبيع ولذلك سيستمر الرئيس المنتخب في ذات النهج بتحسين علاقات إيران مع جيرانها

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1039 - الأحد 10 يوليو 2005م الموافق 03 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً