قال الله تعالى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" "فصلت:30".
نستوحي من هذا المقطع القرآني مجموعة عناصر أساسية في تكوين الشخصية الإسلامية:
الانتماء العقيدي، الالتزام العملي، الثبات والاستمرار.
نتناول هذه العناصر بشيء من التوضيح.
الانتماء العقيدي
"ان الذين قالوا ربنا الله": حينما نقول "ربنا الله" فاننا نؤكد انتماءنا العقيدي، هويتنا الايمانية... ويجب ان نؤكد هذا الانتماء، وهذه الهوية بكل صراحة، وبكل اصرار، وبلا مجاملة ولا مداهنة، ولا خجل ولا استيحاء... في زحمة الانتماءات والهويات المتحركة في الساحة الثقافية والاجتماعية والسياسية يجب علينا كمسلمين ان نعلن انتماءنا الى الله، الى الاسلام، الى القرآن في كل منطلقاتنا، وفي كل حركتنا، وفي كل اهدافنا. ولا يعني هذا أننا نجاهر العداء الى الآخرين وانما هو الانتماء الذي يحدد بوضوح طبيعة وشكل ومستوى العلاقة مع الآخرين.
وانما هو الانتماء الذي يحدد الرؤية والموقف والمنهج والهدف.
ان الايمان بالله وتوحيده هو "القاعدة المركزية" في انتمائنا العقيدي، ومن خلال هذه القاعدة تتشكل كل المكونات العقيدية الأخرى، وتتأسس كل المفاهيم والأفكار. من هنا كانت الأهمية الكبيرة جدا، والقيمة الخطيرة جدا لكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" هذه الكلمة التي تعبر عن اقرارنا لله تعالى بالالوهية والربوبية والوحدانية. عن رسول الله "ص" قال: "قال الله جل جلاله لموسى بن عمران: يا موسى لو أن السموات وعامريهن عندي، والأرضين السبع في كفة، ولا إله الا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله". هكذا ثقل "لا إله الا الله"، اذا قالها العبد مخلصا، ويأتي معنى الاخلاص.
وعنه "ص" قال: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فانها تهدم الذنوب، فقالوا: يا رسول الله فمن قال في صحته؟
فقال "ص": ذاك أهدم وأهدم، إن لا إله الا الله أنس للمؤمن في حياته، وعند موته، وحين يبعث".
ان شهادة التوحيد الصادقة لها آثارها الكبيرة، فهي كفارة للذنوب والمعاصي، وهي تملأ الحياة اطمئنانا وراحة وأنسا، وهي تخفف الوحشة عن ساكني القبور، وهي خير قرين وأنيس في البعث والحشر والنشر.
وعنه "ص" قال: "ليس شيء الا وله شيء يعدله، إلا الله عز وجل فإنه لا يعدله شيء، ولا اله الا الله فإنه لا يعدلها شيء، ودمعة من خوف الله فإنه ليس لها مثال، فإن سالت على وجهه لم يرهقه قتر ولا ذلة بعدها ابدا".
وعنه "ص" قال: "ثمن الجنة لا إله الا الله" فلا يدخل الجنة مشرك أو كافر أو جاحد أو مرتاب.
قال الله تعالى: "ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء""النساء:48".
وقال تعالى: "انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار وما للظالمين من أنصار""المائدة:72".
وقال تعالى: "ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة ان افيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا ان الله حرمهما على الكافرين، الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون" "الاعراف: ،50 51".
وقال تعالى: "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد، مناع للخير معتد مريب، الذي جعل مع الله الها آخر فألقياه في العذاب الشديد"ق:،24 ،25 26".
نعود الى الكلمات التي تتحدث عن ثواب لا إله الا الله: سئل أمير المؤمنين "ع": ما ثواب من قال لا إله الا الله؟ قال: "ع": من قال لا إله الا الله مخلصا طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض، فاذا قال ثانية لا إله الا الله مخلصا خرقت ابواب السموات وصفوف الملائكة حتى تقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله... فاذا قال ثالثة لا إله الا الله مخلصا تنتهي دون العرش فيقول الجليل: اسكني فوعزتي وجلالي لأغفرن لقائلك بما كان فيه...
ثم تلا هذه الآية "اليه يصعد الكلم الطيب، والعمل الصالح يرفعه" "فاطر:10" - يعني اذا كان عمله صالحا ارتفع قوله وكلامه.
في ضوء ما تقدم من كلمات نجدها تؤكد شرط الاخلاص في قول لا إله الا الله، فماذا يعني هذا الشرط؟
تجيب عن ذلك كلمات أخرى، قال رسول الله "ص": "من قال لا إله الا الله مخلصا دخل الجنة واخلاصه ان يحجزه لا إله الا الله عما حرم الله عزوجل".
فكلمة "لا إله الا الله" التي تكون ثمنا لدخول الجنة والفوز برضوان الله ومغفرته هي تلك الكلمة التي تتحرك في حياة قائلها لتصنع منه الانسان الصالح الذي يعيش التقوى والخشية من الله، ولتحميه من كل الانحرافات والانزلاقات، ولتحصنه من كل اسباب التيه والزيغ والضلال.
وعن جابر بن عبدالله الانصاري "رض" قال: جاء اعرابي الى رسول الله "ص" فقال: يا رسول الله هل للجنة من ثمن؟
قال "ص": نعم.
قال: وما ثمنها؟
قال "ص": لا إله الا الله يقولها العبد الصالح مخلصا.
قال: وما اخلاصها؟
قال "ص": العمل بما بعثت به في حقه، وحب أهل بيتي لمن حقها.
قال: أجل ان حبهم أعظم حقها.
نفهم من هذا الحديث ان حقيقة الاخلاص في قول "لا إله الا الله" أن يكون الانسان عاملا بما جاء به النبي "ص"، ومن أهم ما جاء به "المحبة والولاء لأهل بيته".
وهذا ما نص عليه القرآن في قوله تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى" "الشورى:23".
قال السيوطي في الدر المنثور "7:348": عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية "قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى"،
قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟، قال "ص" "علي وفاطمة وولداهما".
وقد أكدت هذا المعنى عشرات المصادر منها الكشاف للزمخشري "3:402"، مجمع الزوائد للهيثمي "7:106"، المستدرك على الصحيحين للحاكم "3: 172"، صواعق ابن حجر "258"، ذخائر العقبى للطبري "25"، شواهد التنزيل للحسكاني "2: 130"، التفسير الكبير للرازي "27: 166"، القرطبي في الجامع "16: 23".
إلى متى يستمر نزيف الدم في العراق؟
مازال نزيف الدم في العراق مستمرا، ومازالت الايدي الآثيمة تمارس حصد الارواح البريئة، وذبح الاطفال، والنساء والشيوخ، ومازالت قوى الشر، تدمر البلاد والعباد، وتعبث بكل الأوضاع، ومازالت عناصر الاجرام والارهاب والعنف والتطرف تنشر الرعب في كل العراق. ومازالت وسائل الاعلام الكاذبة تسمي ما يحدث في العراق مقاومة.
ومازال المخبولون الموتورون يسمون ذلك جهادا ودفاعا عن أرض العراق، ومازال الطائفيون الحاقدون يباركون هذا النزيف من الدماء، ومازال العالم صامتا يتفرج.
قد يقال: ان العالم يدين الارهاب والعنف والتطرف، هذا صحيح، الا ان هذه الادانة لا تكون الا حينما يقترب ذلك الارهاب والعنف والتطرف من تهديد مصالح الأنظمة السياسية الحاكمة، وأما اذا كان ارهابا وعنفا وتطرفا موجها ضد الشعوب، وضد مصالحها، فهو مبارك كل المباركة من قبل الأنظمة الحاكمة، بل تمارسه هذه الأنظمة، الا انها تعطيه عنوانا آخر وتعطيه مسمى آخر.
أميركا تحمل شعار مكافحة الارهاب والعنف والتطرف... فما مصداقية هذا الشعار؟
انه دفاع عن المصالح الأميركية فقط، اما اذا كان الارهاب والعنف والتطرف ضد الفلسطينيين فلا يشمله شعار المكافحة، بل الإدارة الأميركية هي الراعي الحقيقي للوجود الصهيوني بما يحمله هذا الوجود من أشرس ألوان الارهاب والعنف والتطرف.
وهكذا في العراق... فأميركا وان بدت أنها تلاحق الإرهاب والإرهابيين فإنما في حدود ما يحمي وجودها ومصالحها، وأما في خارج هذه الحدود، فلتدمر كل الأوضاع في العراق، وليذبح الأطفال، ولينتشر الخراب، ولتمارس الاغتيالات ضد الرموز الدينية والسياسية، فذلك لا يعني شيئا في قاموس المصالح الأميركية...
لماذا هذا الصمت على ما يجري في العراق؟ لماذا صمت الأنظمة الحاكمة في دولنا العربية والإسلامية؟ هل أن هذا النزيف من الدماء في العراق لا يمثل شيئا لدى الأنظمة؟ أم أن كونه يستهدف طائفة بعينها في الدرجة الأولى فهو لا يعني هذه الأنظمة، بل ربما يحظى بمباركتها؟ وإذا قالت بعض الأنظمة كلمة، فهي كلمة فيها الكثير من الاستيحاء.
مطلوب من أنظمة الحكم أن تقول كلمة صريحة واضحة، وأن تمارس ضغطا حقيقيا على قوى الإرهاب والقتل والاغتيالات في العراق، مطلوب من هذه الأنظمة أن تلعب دورا كبيرا في حماية أمن العراق واستقراره وفي إيقاف نزيف الدماء. إن عدم استقرار الوضع في العراق له انعكاساته الخطيرة على الوضع السياسي والأمني في كل المنطقة، فمن أجل حماية أوضاع هذه المنطقة وأمنها واستقرارها يجب أن يستقر الوضع في العراق، إن التفرج على مأساة العراق لن يكون في صالح المنطقة ولا في صالح أمنها واستقرارها، ولا في صالح أنظمتها وشعوبها.
ربما تعيش بعض أنظمة الحكم في البلدان العربية والإسلامية قلقا لأنه قد تغيرت المعادلة السياسية في العراق بعد سقوط الطاغية صدام، ولم يعد التهميش التاريخي لمساحة كبيرة من أبناء الشعب العراقي قادرا أن يستمر، ولم يعد الاستئساد الطائفي قادرا أن يفرض نفسه.
لماذا هذا القلق؟
وهذه تصريحات المرجعيات الدينية الشيعية في العراق تؤكد بقوة على ضرورة إشراك كل مكونات الشعب العراقي الدينية والسياسية والعرقية في صنع العراق الجديد، فلا إقصاء، ولا مصادرة، ولا تمييز ولا طائفية...
وهذا خطاب القيادات السياسية في مواقع السلطة وفي خارجها يؤكد حق الشعب العراقي بكل انتماءاته وأطيافه في أن يساهم في العملية السياسية، فما مبررات هذا القلق؟
إننا نخشى أن تكون العقدة التاريخية، والهاجس الطائفي وراء هذا القلق، ووراء هذا الصمت لما يجري في العراق.
إن الأنظمة السياسية الحاكمة إذا كانت تحمل عقدة تاريخية تجاه طائفة تنتمي للوطن هنا أو هناك فإن ذلك يدمر العلاقة بين الأنظمة والشعوب، ويؤزم الانتماء إلى الأرض والنظام، وعندما تتحرر الأنظمة من العقد والحساسيات المذهبية والطائفية فإن ذلك يعمق الولاء والانتماء والانفتاح...
نؤكد ضرورة أن تتعامل أنظمة الحكم في المنطقة مع مأساة الشعب العراقي بعيدا عن كل الحسابات الطائفية والمذهبية، وبعيدا عن كل العقد التاريخية.
ثم نتساءل مرة أخرى: لماذا صمت العلماء والمؤسسات الدينية في دولنا العربية والإسلامية تجاه ما يجري في العراق؟
إذا كنا نطالب علماء الشيعة ومرجعيات الشيعة ومؤسسات الشيعة أن تدين كل العمليات التي تستهدف السنة والشيعة في العراق، فإننا نطالب كذلك علماء السنة ومرجعيات السنة ومؤسسات السنة أن تدين كل العمليات التي تستهدف الشيعة والسنة.
لقد سمعنا صوتا صريحا وواضحا لمرجعيات الشيعة الدينية ولعلمائهم في داخل العراق وفي خارج العراق في إدانة عمليات الاغتيالات والقتل التي تجري في العراق. وما نتمناه أن نسمع صوتا واضحا وقويا للمرجعيات الدينية السنية في بقية الدول العربية والإسلامية يدين عمليات الذبح والقتل على الهوية التي تحدث في العراق. هذه العمليات ليست لها أية علاقة بعنوان الجهاد ومقاومة الاحتلال، فهل أن قتل واغتيال رموز الدين الأبرار الأخيار هو جهاد في سبيل الله؟ وهل أن ذبح الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ هو مقاومة للاحتلال؟
وماذا نسمي تدمير المساجد والحسينيات والمؤسسات والعبث بكل الأوضاع، ونشر الرعب في كل العراق؟ هل نسمي هذا جهادا ومقاومة؟
إن هذا يطيل عمر الاحتلال ويعطيه مبررات البقاء. الاحتلال مرفوض وفق كل الاعتبارات إلا أن ما يحدث في العراق لا يصب أبدا في اتجاه إنهاء الاحتلال.
بالأمس القريب، وفي يوم الجمعة الماضي تم اغتيال أحد الرموز الدينية في العراق وهو سماحة العلامة الكبير السيدكمال الدين الغريفي، ما علاقة هذا بمقاومة الاحتلال؟
وإذا كانت مزاعم هؤلاء القتلة أنهم يلاحقون كل المتعاملين مع قوات الاحتلال، فهذا السيد الجليل ليس له أية صلة إطلاقا بقوات الاحتلال، بل لا صلة له بالعمل السياسي، نعم هو أحد العلماء الذين أخلصوا لله عز وجل وأعطوا كل وجودهم وحياتهم من أجل خدمة دين الله والدفاع عن الإسلام وأحكامه وقيمه... كان "رضوان الله عليه" عالما ورعا تقيا، مارس دورا بارزا فقهيا وعلميا وثقافيا وتربويا واجتماعيا، وعرف عنه أنه من دعاة الوحدة والتقارب والمحبة... كما يعد من خطباء المنبر اللامعين، وقد اعتمدته المرجعية الدينية في النجف الأشرف ممثلا لها في بغداد.
فهل أن استهداف هذا العالم وأمثاله من الدعاة إلى الله تعالى هو الطريق إلى تطهير العراق من رجس الاحتلال؟ ولماذا هذا الاستهداف الخاص بطائفة معينة، وبعلمائها ورموزها ومؤسساتها؟ المسألة لا شأن لها بمقاومة الاحتلال. إن الذين يمارسون هذه الأعمال الشائنة هم أعداء الدين والقيم، وأعداء العراق. إنهم لا يمثلون أي انتماء إلى الإسلام، فمسئولية كل مرجعيات الدين السنية والشيعية أن يعلنوا البراءة منهم، وأن يستنكروا أعمالهم وجرائمهم...
فما أحوج أمتنا في هذا العصر إلى التلاحم والتآزر والتكاتف في مواجهة كل أشكال العبث بالقيم والمبادئ والمقدرات، وفي مواجهة كل مشروعات المصادرة والاستلاب وتدمير الهوية والأصالة... ما أحوج أمتنا في هذا العصر إلى نبذ الطائفية البغيضة بما تحمله من كوارث مدمرة للبلاد والعباد.
الشئون المحلية
تحركت تداعيات وتداعيات إثر الرسم الكاريكاتيري الذي نشرته إحدى الصحف المحلية، وجاءت ردود الفعل طبيعية أحيانا، وانفعالية في بعض الأحيان، ونحن في الوقت الذي نؤكد فيه ضرورة أن تكون ردود الفعل عاقلة ومتزنة، ونرفض أي شكل من أشكال الانفلات والتشنج، فإننا نحمل مسئولية كل ما حدث ويحدث أولئك الذين بدأوا بهذا "الرسم الاستفزازي". أنا لن أحاسب النوايا ولن اتهم الدوافع إلا أن "الرسم" في تعبيراته يحمل دلالات واضحة على الاستخفاف برمز ديني كبير... تصوروا لو أن هذا الشكل من الرسم طال وزيرا أو مسئولا في الدولة - لا أتحدث عن المواقع العليا - ما هي ردود الفعل؟ لماذا نفتعل مبررات التشنج وردات الفعل؟ ولماذا نفتعل أسباب الأزمات؟
أما كان الأحرى بالصحيفة ورسامها تجنب هذا اللون من الإثارات حتى لو كانت النوايا سليمة، مادامت تلامس مواقع لها مكانتها الدينية المتميزة، وتلامس زعامات روحية كبيرة...
اننا نرفض لغة التهديد، إلا أن البادئ هو الأظلم... ابتعدوا عن كل أسباب الإثارة والاستفزاز، وضعوا ألف حساب وحساب لأي كلمة أو صورة أو إشارة، فربما فجر ذلك وضعا لا تملك التبريرات والاعتذارات، أي قدرة على احتوائه والسيطرة عليه...
لماذا نثيرها ضجة وعويلا وندبا ولطما لموقف انفعالي غاضب، بعد أن صمتنا كل الصمت لإهانات وإهانات طالت رموزا وشخصيات ومواقع دينية وروحية؟
نحن لا ندعي العصمة لهذه المواقع، ولا نزعم أنها فوق النقد والمحاسبة، إلا أن هذا شيء وأساليب الإساءة والتحقير والإهانة شيء آخر...
لقد تكررت حالات التطاول على الرموز الدينية والمرجعيات الروحية... وصمت من صمت، وبارك من بارك، ثم إذا انطلقت ردود الفعل الغاضبة في عقلانيتها أو في انفعاليتها ثارت ثائرة الأقلام والصحف والمنابر الإعلامية. لا أريد هنا أن أبرر للانفلاتات والتشنجات غير أن منهج "الإثارة والاستفزاز" هو الذي يتحمل كل المسئولية وتتحمل كل النتائج. غير أن الصمت الرسمي هو الذي أعطى لهذه الإثارات والاستفزازات أن تتمادى وتنشط.
إنني أطالب الحكومة والصحافة وقوى المجتمع والفعاليات والشارع باجتناب كل أسباب الاستفزاز والإثارة... ولا يعني هذا الصمت عن المطالبة بالحقوق، والصمت عن التعبير عن الرأي، والصمت عن التجاوزات.
إلا أن اللغة المطلوبة هي لغة الحوار والتفاهم وليس لغة التحريض والتهديد والعنف وليس لغة البطش والقوة ومصادرة الحقوق وإغلاق الجمعيات والمؤسسات وتجميد الفعاليات. وبالمناسبة فإن ما صدر في حق جمعية العمل الإسلامي من إغلاق إداري لمدة خمسة وأربعين يوما أمر يبعث على القلق وخطوة في اتجاه التصعيد فنأمل أن تعيد الوزارة النظر في هذا القرار. كما نتمنى على كل الفعاليات السياسية أن تمارس أدوارها الوطنية بكل عقلانية وبروح المسئولية
إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"العدد 1036 - الخميس 07 يوليو 2005م الموافق 30 جمادى الأولى 1426هـ