فوز مدينة لندن بشرف تنظيم الألعاب الأولمبية العام 2012 هو فوز سياسي وانتصار كبير ما بعده انتصار بعد أن حققت المفاجأة الكبرى، وباتت أول دولة في العالم تنال شرف استضافة هذا الحدث الأكبر على المستوى العالمي الذي يقام كل أربع سنوات بعد احتضانها الأولمبياد مرتين من قبل كان آخرها العام ،48 بينما كانت الصدمة على الفرنسيين بعد أن قدمت باريس الملف المتكامل و"قبل" الرئيس الفرنسي "يد" رئيسة الملف العداءة المغربية بقصر الرئاسة في العاصمة الفرنسية قبل مدة من اجتماعات سنغافورة، وهي طريقة متبعة في البريتكول "الباريسي"، إلا أن اللعب خارج الكواليس في مثل هذه المجريات تلعب دورا رئيسيا في تحويل الكفة إلى كفة أخرى كما حدث لملف مونديال الكرة عندما تدخلت الأيادي وحولت زمام الأمور إلى صالح جنوب إفريقيا، فالرياضة جزء مهم من السياسة وكلاهما عملة واحدة من الصعب أن نفرق بينهما، فالمصالح العليا تلعب دورا مؤثرا في القضايا الحساسة والمهمة وخصوصا بتنظيم حدث كبير كدورة أولمبية أو كأس العالم.
السباق الذي جرى بين الدول المتنافسة وشاهدها العالم عبر الفضائيات ونقلت الصورة والكلمة للحدث الأبرز رياضيا أولا بأول من العواصم المرشحة نقل خلالها نبض الشارع في المدن الأوروبية تأكيد أن وسائل الإعلام جعلت العالم قرية واحدة، فالكل عبر عن فرحته وحزنه وتحولت الساعات الأخيرة إلى أجواء متوترة شهدت تحركات على مستوى الرؤساء والملوك والزعماء، فكما قلنا ان السياسة "أقحمت" برأسها بقوة لتأييد لندن، إذ جاءت الضربة القاضية للموقف الفرنسي من الكثير من القضايا الدولية المتعددة، وهي بمثابة رد على الفرنسيين الذين خرجوا عن الموقف الأميركي فجاءت هذه الخسارة التي تعتبر قاسية حتى لرئاسة الجمهورية؟
اللعبة الكبيرة وراء تفوق الملف "اللندني"، فالولايات المتحدة الأميركية ودول الكومنولث ساهمت بترجيح كفة حملة طوني بلير الذي كسب القضية وارتفعت أسهمه في أوروبا، ويكفي انه يترأس الاجتماعات الأوروبية، ولما لبلاده من الثقل السياسي فإن التنافس لم يكن فقط على من يفوز بتنظيم الأولمبياد، وإنما من يتزعم أوروبا القادمة بقوة على الصعيد الدولي في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والصناعية والرياضية وغيرها من العملية التي تقود الشعوب، فقد جندت بريطانيا العظمى كل المشاهير والنجوم للحملة الترويجية من أجل تقديم أفضل دورة للألعاب عبر تاريخها؟
ولأنهم يعرفون معنى التنافس الرياضي والرياضة بمفهومها الصحيح لم يتهم الفرنسيون جيرانهم الإنجليز أو غيرهم، بل إن الرئيس جاك شيراك تمنى للبريطانيين حظا سعيدا في بيان رسمي صدر من قصر الإليزيه عقب النتيجة والإعلان على عكسنا العرب، وقبل أن نعرف الحقائق فالتبريرات جاهزة وتبادل الاتهامات لا تنتهي إلى ما بعد فتح الملفات كما حدث بمواقفنا العربية بخصوص المونديال الكروي. والله من وراء القصد؟
إقرأ أيضا لـ "محمد الجوكر"العدد 1036 - الخميس 07 يوليو 2005م الموافق 30 جمادى الأولى 1426هـ