يفتقر مجتمعنا البحريني في الوقت الراهن إلى مفهوم ثقافة الإنتاج الذي ترسخ في الكثير من المجتمعات الشرقية خصوصا الآسيوية التي أخذت على عاتقها الاعتماد على النفس.
ما ضير أن يتعلم المواطن المهن البسيطة مثل تركيب الأجهزة الكهربائية المنزلية البسيطة أو حتى تصليح حنفية المطبخ، ما دام هذا النشاط سيؤدي بشكل ما إلى نوع من الاستقلالية، لا نقول الاستقلالية المطلقة بل استقلالية نسبية تنمي بصورة ولو محدودة من مداخيلنا التي ننفقها على خدمات بسيطة ربما نستطيع إنجازها بمفردنا.
ولعل تأصيل ثقافة الإنتاجية في مجتمع استهلاكي يبدو صعب المنال ولو على المستوى القريب، لكن آثاره الاقتصادية على الفرد قد تبدو واضحة، إذ إننا نعتمد على الكثير من الأعمال اليومية البسيطة على العمالة الأجنبية ونحن في الواقع نستطيع الاستغناء عنها بسهولة لو نملك تلك المهارات، وربما على المستوى البعيد يتأتى لنا أن نكون بمنأى أكبر عن الحاجة إلى العمالة الأجنبية.
ربما تبدو الفكرة بسيطة لتنال هذا التأثير الكبير، لو أمعنا النظر وفكرنا ماليا فيما لو أن كل فرد استطاع أن يصلح الأعطاب البسيطة في سيارته، واستطاعت ربة المنزل أن تقوم بالواجبات المنزلية الممكنة، وتعظم هذا الأثر بالتكرار، ليصبح ثقافة عامة، لربما أصبحت فكرة أن نقلص من العمالة الأجنبية بديهية للغاية.
في الولايات المتحدة - الدولة ذات الإنفاق الاستهلاكي العالي - يعمل طلاب المدارس في توزيع الصحف، ربما لم يكونوا في عوز لكي يعملوا ذلك، لكن كون الإنسان منتجا يدفعه بالمزيد من الثقة ويمتلك كينونة اقتصادية تكون منطلقا لأن يبني له مشروعا في المستقبل، فلعل العمل البسيط يجر واراءه حلما كبيرا ليتحول ذلك الأمل إلى مشروع يضخ على الاقتصاد الأموال، وكم من مشروعات بسيطة يتبناها فتية لم يتخرجوا بعد أو أنهم حديثوا التخرج حتى أصبحت حديث الدنيا وليس ببعيد عنا محرك البحث العالمي المشهور "غوغل" الذي طوره شخصان بسيطان.
عندما نتملك العقلية الإنتاجية كثير من مشكلاتنا الاقتصادية الفردية والقومية ستجد بصيصا من الأمل لحلها ولو بمساهمة بسيطة، لكن مع توافر الارادة وتحفيز المجتمع للمنتج وإعطائه القدر الكافي من الاحترام والتقدير ليندفع للعمل
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1031 - السبت 02 يوليو 2005م الموافق 25 جمادى الأولى 1426هـ