في الوقت الذي اكتفت فيه اللجنة المالية بمجلس النواب في تقريرها بشأن باب الإيرادات في الموازنة العامة للدولة بإيراد مجموعة من التوصيات العامة، فيما عدا التوصية بالتشديد على مراقبة الإيرادات المتعلقة بالشركات المملوكة كليا أو جزئيا للدولة من خلال الحساب الختامي، وخصوصا التي لم يتسن للجنة تسلم تقرير الحساب الختامي لها في الوقت المناسب، وكان من أبرزها شركة ألمنيوم البحرين "ألبا". أطلق عضوان من اللجنة ذاتها هما جاسم عبدالعال وعبدالنبي سلمان مطالبات بضرورة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتدقيق في حسابات "ألبا"، وكشف مقرر اللجنة النائب عيسى أبوالفتح حقائق أخرى بشأن الشركة لم تجد الحكومة سبيلا فيما بعد سوى نفيها وإيراد توضيحات اعتبرها نواب "غير مقنعة".
كما انهال عدد آخر من النواب بملاحظات وأطلقوا إشارات تؤطر أهمية إعادة النظر في التقرير بمجمله، إثر التنويه بعوائد عدد من المشروعات والشركات التي لم تتضمنها الموازنة، وعلى رغم كل ذلك مرر المجلس باب الإيرادات وقرر إحالته إلى مجلس الشورى، وكأنه لا داعي لمعظم ما سيق من ملاحظات أثناء مناقشته. فيما نجح المجلس ولو جزئيا على الأقل في التوصية الخاصة بإدراج 25 في المئة من عوائد "ألبا" في الموازنة.
لا ريب في أن اللجنة المالية قامت بجهد مقدر في دراسة الموازنة، مصطدمة في ذلك ببطء التعاون الحكومي معها، وعملت من خلال جميع أعضائها بسلاسة وتنظيم كبيرين قبل أن يخرج التقرير إلى نطاق المناقشة والأخذ والرد تحت قبة المجلس، إلا أنها بعد ذلك شهدت اختلافا ربما لم يكن من المفترض بروزه، ففي حين يؤكد عضواها سلمان وعبدالعال أهمية تشكيل لجنة تحقيق بشأن "ألبا"، يوضح أبوالفتح أن بعض المدلولات يمكن بحثها من خلال الحساب الختامي، ومنها الأسباب التي أدت إلى عدم مساهمة "ألبا" في إيرادات الحكومة، ويرى رئيس اللجنة النائب جهاد بوكمال أن الموضوع يتعلق بأمور مالية بحتة، وبالتالي يمكن بحثه من خلال اللجنة المالية، وإذا لم توفق يمكن تشكيل لجنة تحقيق حينذاك. لاسيما وانه في حال تم تشكيل لجنة التحقيق، فأعضاؤها قد يكونون من أعضاء اللجنة المالية نفسها، كونهم الأكثر اطلاعا على حيثيات الموضوع، وبالتالي تكون اللجنتان كاللجنة الواحدة، التي يفترض أن تقوم بالدور ذاته، وهي رؤية لبوكمال تبدو منطقية جدا.
أما النائب فريد غازي فرأى من جهته أن اللجنة تصطدم بعائق قانوني خاص بامكان رقابة البرلمان على الشركات التي تساهم فيها الحكومة. هذا ناهيك عن أهمية النظر إلى جدوى تشكيل اللجنة - على رغم ما قد يترتب عليها من كشف بعض المستجدات - فالملاحظ أخيرا سرعة المطالبات بتشكيل لجان للتحقيق، من دون النظر إلى المقدرة الحقيقية لعلاج المشكلة المعنية بها، ما قد ينحو باللجان - حال تشكيلها - تجاه الإخفاق أكثر من النجاح، ويعزز منحى التشكيك في الجدية
العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ