استقبلت إيران فوز محافظ طهران السابق محمود احمدي نجاد في انتخابات الرئاسة على نظيره ومنافسه رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني كوقع الصدمة والتي كانت قوتها بمعيار قوة "تسونامي" إذ كانت جميع التوقعات سابقا ترجح حدوث العكس.
كانت الجولة الثانية في الانتخابات - والتي كانت هي الأخرى غير مسبوقة منذ الثورة - مفاجأة تضاف في رصيد الحوادث الإيرانية، فقد أظهرت النتيجة فوز نجاد صاحب البسطاء وملهم الفقراء وحصوله على نسبة 61 في المئة مقارنة بـ 35 في المئة لرفسنجاني الذي استطاع الأول أن يستقطب مختلف التيارات السياسية والاقتصادية والثقافية محدثا ظاهرة تاريخية هي الأولى أيضا في الجمهورية وجعل التيارات المتباينة تقف معه في صف واحد مناهض لتيار نجاد المحافظ الذي جعل محور أجندته السياسية هي ثروة النفط والاستفادة من الثروة في سبيل تحقيق الرقي لأبناء الشعب وإعطاء الأولوية لأصحاب الشركات الوطنية في استثمار هذه الثروة الوطنية.
عرف نجاد بالخدمة التطوعية في سبيل مساعدة الناس الفقراء وينتمي لوالد يعمل في الحدادة وكان من الذين رصفوا الطريق واهتموا بشوارع العاصمة وأمر بارتداء الملابس المحتشمة. وداخليا استطاع نجاد أن يكتسح غالبية أصوات الذين اقترعوا في الانتخابات على رغم من الأصوات التي نادت ضده وألقت عليه تهم التلاعب والتزوير إلا انه تمكن من نيل الكفة التي تصب لصالحه وتحقق الفوز الكاسح.
مازال الطريق أمام نجاد طويلا لإثبات قدرته على قراءة الأمور برؤية متزنة خصوصا في ظل الأوضاع المتأزمة التي تمر بها إيران سواء من ناحية الملف النووي ومسألة التطبيع مع أميركا وعلاقاتها مع دول الجوار في ظل وجود احتلال اميركي في العراق واحتلال إسرائيلي في فلسطين.
فقد أصبحت إيران محاصرة من مختلف الجهات سواء من الشرق والشمال والغرب ولم يبق لها منفذ سوى إيجاد استراتيجية مرنة تفرض عليها المتغيرات الإقليمية على الساحة الدولية دورا في رسم الدور المقبل والمؤمل الذي يقع على كاهل نجاد خصوصا حينما أثار فوزه مخاوف خليجية من مغبة عودة أيام ثورة الخميني في عقد السبعينات، فهل من المنتظر من الرئيس المقبل فتح صفحة جديدة تؤرخ لحقبة جديدة تكمل مسيرة سلفه خاتمي الإصلاحية؟
العدد 1025 - الأحد 26 يونيو 2005م الموافق 19 جمادى الأولى 1426هـ