مشتبه من يقول أو يعتقد أن البونس بشكله المشوه الحالي "200 د. ب" يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن البحريني، فأوضاع البحرينيين باتت مستفحلة إلى حد أنه لو تم صرف بونس بهذا الشكل بشكل شهري فانه لن يعدلها بالصورة المطلوبة فما بالكم بأن هذا البونس الذي تحدث عنه الناس كثيرا والذي انتظروه أكثر سيصرف بهذا الشكل الضئيل، وبعد أن "لاعت جبدهم منه"، وكرهوا الاستماع إلى أخباره، كما كرهوا قراءة التصريحات النارية من قبل سعادة النواب ومن الدعايات الانتخابية المبكرة التي أداروها والمطرزة بالوعود والأحلام التي لا تتحقق، ولكن ربما تنجح في دغدغة مشاعرهم، والتي قادها النواب الأفاضل في سبيل ضمان رصيد أكبر من الأصوات في الدورة المقبلة فلم يتبق سوى أيام قليلة مقبلة ودورتهم الانتخابية تنتهي وبالتالي هم بحاجة حتما إلى أرضية خصبة ينطلقون منها، ولاسيما أن النواب الكرام يستحقون الالتفاف حولهم ودعمهم فقد سهروا الليالي في سبيل تحسين أوضاع المواطنين المعيشية ولم يفكروا يوما أبدا في تحسين أوضاعهم المعيشية الذاتية حرصا منهم على الإيثار والتفاني ولا شيء غير الإيثار فلم يكونوا يوما لا سمح الله أن فكروا في الضمان الاجتماعي لأنفسهم ولا التأمين الصحي ولا في العلاوات ولا في تحسين أوضاعهم على رغم أن الأعراف البرلمانية في الدول العريقة تؤكد ذلك ولم يبتدعوا شيئا لا سمح الله، كما أنهم لم يطالبوا بإجازتهم طلبا للراحة والاستلقاء لأن همومهم الوطنية لا تنتهي إلا بعد الانتهاء من تأدية واجبهم الوطني تجاه ناخبيهم، ومنه على سبيل المثال تفريج كرب الآخرين الذين أدلوا بأصواتهم في سبيل تحقيق مكاسبهم، إذ أبوا إلا أن يكونوا لسان حالهم لا لسان لحال حاجاتهم الشخصية وهذا عهد أخذوه على أنفسهم، هذا الواقع المزري يذكرنا على الفور بالمثل الشعبي الدارج "تمخض الجبل فولد فأرا"، هذا هو حالنا مع المجلس التشريعي الذي إلى الآن لم يولد لنا شيئا ويحتمل بعد ولادة متعسرة أن يلد فأرا لا فائدة ترجى منه سوى الصراخ والعويل والخوف والهلع لحظة وجوده والله يستر البونس يصرف من جهة والأسعار والضرائب تحصده من جهة أخرى، أو قد يحتاجه البعض إلى علاج ما قد سببه لهم البونس من وجع وألم في الرأس والكبد والقلب، كل هذا جائز، وخصوصا أن هذا الوليد المنتظر جاء تحت هدف تحسين الوضع المعيشي للفرد وإذا صرف وانتهى من دون أن يؤدي الغرض منه فإنه ذلك سيكون وبالا، إذ سيشعر المرء بعد حين بالإحباط والاكتئاب وسيحتاج إلى صرف مبلغ أكبر من المبلغ الذي صرف له من البونس أضعافا مضاعفة لتحسين وضعه الصحي والنفسي وكلنا نعلم أن الوضع النفسي من الصعوبة بمكان التشافي منه إذ يحتاج العلاج إلى جلسات منتظمة وإلى موازنة تصرف كما أنه يحتاج إلى صبر ووقت طويل وأعتقد أن ذخيرة الناس من الصبر نفدت في سبيل انتظار الوليد المرتقب "البونس" ولاسيما أن موازنة وزارة الصحة لهذا الشأن متواضعة للغاية وبالتالي مزيد من البؤس والشقاء.
يمكننا توقع لو أن وليدنا المرتقب البونس الذي تحدثنا عنه سابقا ونتحدث عنه الآن وربما نتحدث عنه لاحقا لو دخل إلى حسابات الناس منذ زمن ولم تجتره الصحافة ولا أفواه الناس إذ أصبح في فترة من الفترات حديث الساعة لكان سيكون مصدر فرح وحبور لعامة الناس ولا ننتظره باشتياق كما تشتاق الأم لوليدها المرتقب، ولكن يبدو أن حال البونس لا يختلف كثيرا عن حال أخته العيدية التي سال لعاب الكثيرين لها ولكنها ذهبت ولم تعد، حتى بات الناس يتندرون فيما بينهم على سبيل الدعابة والتسلية يخففون قليلا عما في نفوسهم من ضجر وسأم من خلال الرسائل النصية القصيرة التي مازلت احتفظ ببعضها: "الأولى: البونس جننا ونكش شعرنا عساهم يصرفونه لنا وتنزل كشتنا "مرفق صورة لكشة ينبغي أن تنزل"، الثانية: انتقل إلى رحمة الله تعالى بونس بن بونس تقبل التعازي للنساء في مجلس الشورى وللرجال في المجلس النيابي، والرسالة الأخيرة تصور أن جماعة بات فيها "الهندي" يكره أن يكون بحرينيا من جراء مغازلة الحكومة للنواب في قضية البونس، إذ تحكيا: أن أحد اخواننا الهنود بينما هو نائم أخذ يصرخ ويقول "نهي، نهي" وعندما استيقظ من النوم سأله أحد أصحابه: لماذا تصرخ في النوم هكذا؟ أجاب: أعوذ بالله، علمت أنني بحريني، هذا هو حال تجربة البحريني مع البونس كابوس مزعج لا يصلح حتى لأن يكون فيلما سينمائيا لأن ليست هناك ضمانات حقيقية لاستقطاب مشاهدين له.
فهل لنا يا ترى بعد هذا الانتظار الطويل أن نرى طلة البونس البهية؟
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ