يتذكر البحرينيون جيدا ما كان يمثله مجلس الشورى الذي أريد له أن يكون آلة كبت مصطنعة في عهد التسعينات لـ "التدجين السياسي" والالتفاف على الرغبة الشعبية التي كانت تطالب حينها ببرلمان حر كامل الصلاحيات. ولعل من حسن الطالع أن هذا المجلس القديم/ الجديد لم يعد كما كان في سابق عهده مبالغا في حبه للحكومة بالحد الذي أحرج الحكومة ذاتها.
مجلس الشورى لدينا يتكون من 40 عضوا، ويفترض في هؤلاء الأعضاء بحسب الدستور البحريني أن يكونوا من ذوي الخبرة والمشورة وممن خدموا الوطن خدمات جليلة، وتجربة أعوام ثلاثة خلت أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك كوادر فاعلة في مجلس الشورى، ولا يستهان بها، فهذا المجلس قدم مشروعات جديرة بالاحترام والتقدير ولربما كانت أكثر جدوى من أطروحات بعض النواب الطائفية ومشروعاتهم التي لا تشكل أولوية حقيقية للمواطن البحريني.
لكن الإيجابيات تلك لا تشكل سوى الجزء اللامع من الصورة، ففي المقابل هناك أعضاء في مجلس الشورى لا يرتقون إلى مستوى الوعي للمشروع السياسي الوطني، ولم يدخلوا المجلس لأنهم قدموا خدمات جليلة للوطن أو المواطن، فعدد لا بأس به من أعضاء المجلس - وكما هو الحال في النواب أيضا - انتهازيون ومتسلقون ولهم سوابق غير حميدة في التعامل مع الأطروحات الوطنية المختلفة. والآن ونحن نشهد قرب الدور التشريعي الثالث للمجلس بإمكاننا أن نصنع من مجلس الشورى مجلسا كما أراد له الدستور، وكما أرادت له الإرادة الملكية أن يكون.
من صميم واجب المعنيين بتطور مشروعنا السياسي تقييم تجربة هذا المجلس بشكل موضوعي ودقيق، وإعادة النظر في آلية اختيار أعضائه بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، وتنمية دوره إيجابيا ليعكس مرآة صافية لنقطة توازن صعبة تناصف السلطة التشريعية في بلادنا
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ