جرى هذا الحوار في المكتب العامر للنائب الأول لرئيس مجلس النواب بمملكة البحرين عبدالهادي مرهون. وشهده نخبة من النواب الأفاضل وذلك بتاريخ 13 مايو/ أيار .2005 وأورد هنا ملخص ما دار في الجلسة من معلومات قيمة أضافها جاشوا كولانجلو وزميله مارك "من مكتب محاماة "دورسي أند وتني"" إلى معلومات الجميع عن هذه القضية الوطنية والمأساة الإنسانية.
إن أشد ما يلقاه المعتقلون البحرينيون بعيدا عن أنظار العالم هو الوساوس التي يغذيها السجان - بغية تحطيم نفوسهم - بأن لا أحد عاد يكترث بهم، ومن بقي من المهتمين لا يمكنه الوصول إليهم أو عمل شيء لهم. ما دفع البعض إلى الانطواء والاكتئاب، وقد عرفنا عن أحدهم على الأقل محاولته الانتحار ثلاث مرات بشهادة ضابط مترجم أصدر كتابا يحوي ما شاهده أثناء عمله في معتقل غوانتنامو. وفي إحدى هذه المشاهدات: معتقل بحريني يسبح في دمائه بعد أن كتب على الجدار بدمه "فعلت هذا لقسوة السجانين". راجع مجلة "تايم" الأميركية، بتاريخ 5 مايو 2005 ص .37
كما رأى المحامون آثار الاعتداء على وجه وجسد المعتقل جمعة الدوسري بالضبط كما تم وصفه من قبل المعتقلين البريطانيين المفرج عنهم وكما جاء وصفه في الكتاب السابق ذكره. وقد ذكرت الحادثة في تقرير وكالة FBI ورأى آثارها الوفد الأمني البحريني. ومع ذلك تكتفي "الخارجية" بسؤال الإدارة الأميركية عن صحة "المزاعم" ولم تتابع الموضوع أو تطالب حتى بتحقيق فيه.
يقبع عيسى المرباطي إلى الآن ومنذ مايو 2004 في زنزانة انفرادية ضيقة جدا. وسبقه جمعة الدوسري الذي يقبع في زنزانة انفرادية منذ يناير/ كانون الثاني .2004 ليس لهم خروج من الزنزانة إلا مرة في الأسبوع وفي منطقة مساحتها مساحة غرفة محاطة بسياج. ويسمح لهم أحيانا بالاستحمام. وهذا كله معلوم للوفد الأمني ووزارة الخارجية.
أما العناية الصحية، فلا يلقى المعتقلون منها إلا اسمها. فعندما اشكتى أحدهم من آلام مستمرة في القلب وتنمل مؤلم في الذراع اكتفى الطبيب بوضع سماعة على قلبه، ثم قال: "كل شيء سليم" وانتهى الكشف! ولم تزل هذه الآلام مستمرة إلى حين زيارة المحامين. ولم يفعل الوفد الأمني أي شي إزاء شكوى مواطنينا في هذا الخصوص.
وقد أبرز المحامون عدة مطالب يحملونها للشعب البحريني وحكومته في سبيل تعجيل خلاص مواطنيهم من هذا الوضع الذي لا يطيق بشر النظر إليه فضلا عن معايشته. وها أنا ألخص وأضيف إلى تلك المطالب من أجل مقارنة واضحة لعيان الجميع بين ما يفعل الآن وما ينبغي توقعه من دولة المؤسسات والقانون وحفظ كرامة المواطن.
المطالب الشعبية
1- المطالبة القوية والضغط المستمر للإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين، وخصوصا بالنظر للظروف الآتية:
أ - أسوة بحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا "بريطانيا" والمحيط الهادي "أستراليا" كون البحرين حليفا استراتيجيا بمنطقة الشرق الأوسط.
ب - جميع معتقلي البحرين مصنفون مقاتلين أعداء "بخلاف المعلومات الخاطئة التي تضمنها جواب الحكومة لمجلس النواب" ومع ذلك أطلقت الولايات المتحدة سراح من رمتهم باتهامات عظيمة "كممدوح حبيب المتهم بإعداد المتدربين لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول" هي أكبر بكثير بل لا يقاربها شيء من التهم البسيطة التي رمي بها مواطنو البحرين.
ت - الفترة الطويلة والتعذيب الثابت الذي تعرض له المعتقلون يعد جزاء كافيا لو كانوا أجرموا فعلا، فما بالك بأنهم لم يثبت أي دليل ضددهم ولم يقدموا إلى أية محاكمة تدينهم.
2- مطالبة الإدارة الأميركية بإخراج عيسى المرباطي وجمعة الدوسري من الحبس الانفرادي الذي قبعوا فيه قرابة سنة حتى الآن.
3- الحالة النفسية والصحية المتردية للمعتقلين تشكل أولوية. نطالب بوفد رسمي يحمل صورا ومقابلات مسجلة لأطفال وأهل وذوي المعتقلين لتقديمها لهم. كما نطالب بإرسال بعثة طبية بحرينية لفحص المعتقلين وعلاجهم. إن أقل ما يمكن في هذا المجال هو مطالبة الحكومة الأميركية باطلاعنا على التقارير الصحية الحالية لمعتقلينا.
4- مطالبة الإدارة الأميركية بنتيجة جلسات هيئة المراجعة الإدارية Administrative Review Board للمعتقلين البحرينيين والتي يتم بها تقرير الخطورة المستقبلية والقيمة المعلوماتية للمعتقلين وعلى أساسه تمدد فترة اعتقالهم أو خلافه.
5- المساعدة الفعلية والجادة لمكتب "دورسي أند وتني" الموكل من قبل أهالي المعتقلين للدفاع عن المواطنين البحرينيين وتقديم المعلومات اللازمة لهم. والاستجابة الفورية الملائمة من سفارتنا بالولايات المتحدة لطلبات المكتب، ورصد الموازنة اللازمة لمرافعة المكتب عن المعتقلين أمام المحاكم الأميركية. فكرامة المواطن يرخص أمامها النفيس، ولا نقبل بالدفاع المجاني عنها. ولتأخذ المملكة دولة الكويت الشقيقة مثالا وقدوة، إذ أنفقت الملايين حتى الآن في اختيارها ترافع أحد أعرق المؤسسات القانونية الأميركية من أجل مواطنيها. فها هم محامو معتقلينا يحضرون من بعد شاسع لملاقاة أهالي المعتقلين، وبعد أن أعيتهم مخاطبة سفارتنا في هذا الخصوص. فلا يجدوا إلا الضيافة الكريمة للفاضل نبيل بن رجب الذي ضحى - ولايزال يضحي - بالغالي والنفيس، لا لشيء إلا لإعلاء مبادئ ومواقف وطنية سيذكرها التاريخ وينسى في المقابل شانئيه من خفافيش الظلام. ويرفع الله بالمحن أقواما.
6- اتخاذ الموقف القانوني والواضح من هيئات المراجعة والمحاكمات العسكرية بمعتقل غوانتنامو، وكذلك ما ينتج عن هذه الإجراءات، فما بني على باطل فهو باطل. وذلك أسوة بالمحاكم الأميركية التي رفضت هذه الإجراءات وأقرت حقوق مواطنينا - في دستورها - في الحصول على المحاكمات المتضمنة لجميع متطلبات النزاهة وأسس العدالة والشفافية وغيرها من الحقوق الإنسانية المصانة.
إن الإفراج الذي حصل عن كامل المعتقلين الأوروبيين وفي المقابل 3 في المئة من العرب ينم إما عن عنصرية واضحة أو مآرب سياسية في عملية الاعتقال والإفراج. وفي كلتا الحالتين لا قانون ولا عدالة تحكم الموضوع. فهل عيب علينا كمواطنين وحكومة أن نسأل عن معتقلينا أو أن ننكر مخالفة أميركا لمبادئها هي ذاتها؟ فلماذا يستشف الأهالي من مسئولي وزارة الخارجية الخجل من التحدث أمام المسئولين الأميركان والمطالبة بالتعامل السوي مع المعتقلين والقضية؟
أما معتقلونا، فما قاموا إلا بما يشرف وطنهم ودينهم وأهل الضمير في العالم أجمع. وذلك حين تصدوا لمأساة إنسانية في غزو همجي وغير قانوني لدولة أفغانستان المسلمة، شرد الضعفاء ورمل ويتم وأفقر في أرض مرت بما مرت به من مآس وطفح كيل أهلها من الحاجة والعوز. ولا علاقة لمعتقلينا سابقا أو لا حقا - كما أكدت التقارير الأمنية البحرينية والأميركية - بأية منظمات إرهابية على الاطلاق. والتهم التي أطلقها الأميركان في حقهم أتفه من أن نتناولها بالمراجعة مع المسئولين الأميركان وكشف عوارها المفضوح أمام الشعب البحريني والعالم أجمع
العدد 1015 - الخميس 16 يونيو 2005م الموافق 09 جمادى الأولى 1426هـ