يعاني تناول الثقافة الشعبية والموضوعات المرتبطة بها من إشكالين: الأول، يتحدد في استسهال وعدم إعطاء أهمية كبرى للمرجعيات التي سبقت بحيث تنطلق منها للتأسيس لتناول يعمل على الإضافة، من حيث تناول الموضوعات والمحاولات التي لم يتم التطرق إليها وتناولها، أو الاشتغال عليها من زوايا وموضوعات معاصرة.

والثاني، في أن الدوريات المتخصصة لم تنجح في استقطاب باحثين يعملون على تقريب تلك الموضوعات والمجالات إلى أكبر قدر ممكن من القراء الذين ربما يعاني بعضهم من فقر في هذا الجانب، وعدم اطلاع كاف يتيح لهم التواصل مع طبيعة المادة المنشورة.

ضمن هذين الاشكالين، يمكننا ملاحظة أن الدوريات التي هي من المفترض أن تكون متخصصة في هذا المجال أخفقت أيما إخفاق، إن على مستوى الجدية في التحقيق والاشتغال، وإن على مستوى النتائج التي يمكن التوصل اليها من مجمل ما يتم ضخه ونشره في تلك الدوريات.

لقد أصبح لزاما على دول مجلس التعاون أن تنسق جهودها في هذا الصدد، وتعمد إلى وضع دراسة معمقة لقيام مشروعات في هذا المجال بقيام مراكز تتصدى لتأريخ ودراسة واستقصاء الثقافة الشعبية، والخروج بتصور ينسق جهودها في قيام مسح مهم يرتبط بالشخصيات والنصوص والأمكنة والحوادث لأكثر من قرنين من الزمن هي الفترة التي يكاد جزء كبير منها يكون خارج سياق الرصد والتأريخ والمعالجة.

نعلم أننا بهكذا ذهاب في الحلم نبدو كمن يطلب "لبن العصفور"، ولكننا في الوقت نفسه وبعيدا عن ذلك الحلم سنسهم بوعي أو من دون وعي في طمس مساحة كبيرة من ذاكرتنا التي لا يمكننا أن نثبت جزءا كبيرا من وجودنا بعيدا عنها