فطنت الدولة أخيرا بشكل أكبر إلى أهمية المؤشرات الاقتصادية في رسم السياسات في القطاع الحكومي بل حتى الخاص، فمع تدشين الجهاز الجديد الذي سيتبع هيئة تنظيم سوق العمل والذي سيتولى تنسيق جهود الاستقصاء والقياس في البحرين، تدخل المملكة خطوة كبيرة نحو تغيير الفكر الاستراتيجي والتخطيطي الذي سيصبح بعد إنشاء الجهاز الجديد حسب الأهداف والآليات المعلنة له أكثر جدوى وواقعية والتصاقا باحتياجات السوق والناس.
المؤشرات والأرقام كلمة سحرية في عالم التخطيط، ولعلها تكون مرادفا لما يعرفه الناس في الخرائط التي تدلنا على الطرق و تعرفنا بالبلدان والمدن. فكيف للسياسي والاقتصادي أن يستدل على القرار الصواب بدون أن يفهم الوضع القائم أصلا في مجتمعه واقتصاده، من هنا تأتي أهمية الاحصاءات في وضع المسئول عن رسم السياسية في صورة واضحة عن الاحتياجات والأدوات التي يمكنها مع معرفة الجوانب السلبية والإيجابية مع كل قرار يتخذه.
لكن السؤال الكبير التي ستبقى إجابته مرهونه مع تفاعل مسئولي الدولة والقطاع الخاص مع الجهاز الجديد لمعلومات السوق، هو مدى استجابة صناع القرار على مستوى الوزارات والشركات وحتى المؤسسات الأهلية والخيرية والاجتماعية البسيطة مع هذا نتائج هذه الجهاز، ومدى التعامل بإيجابية مع الفكر التخطيطي الحديث القائم على أسس علمية واضحة.
ربما يصبح من واجب مجلس التنمية أن يأخذ بزمام الأمور حتى قبل أن يبدأ الجهاز الجديد ببث تقاريره، أن يعزز في القائمين على الوزارات والشركات وخصوصا في ما يتعلق بدائرة اتخاذ القرار أو المساهمة فيه، بكيفية الاستفادة من هذه الأرقام في تطوير العمل وتحسين الإنتاجية.
لعل فكر التخطيط بشكل عام غائب عن الساحة الاقتصادية البحرينية بصورته الصحيحة وربما لا يلام البعض على ذلك لغياب جهاز قوي للمعلومات ومؤشرات تلبي احتياجات السوق ورجال الأعمال ومتخذي القرار، لكن مع ولادة الجهاز الجديد حري بالجميع أن يستفيد منه، وربما تتكون لدى البحرين رؤية استراتيجية واضحة في كثير من الأمور الاقتصادية والاجتماعية تساعدها على استشفاف المستقبل في ظل معطيات الحاضر.
دور كبير ينتظر الجهاز الجديد كأداة فعالة تسهم في رسم السياسات، والتحدي الأكبر أمامه هو أن يكيف نفسه مستقبلا مع الاحتياجات والمتطلبات المستجدة للساحة المحلية، وتفاعله مع التطورات على المستوى الدولي بما يكفل له أن يصبح أحد المراكز المتقدمة لقياس المؤشرات والاحصاءات، كما أن على المركز أن يضع نصب عينيه الاهتمام بصورة غير محدودة بالتكنولوجيا كعامل مهم من عوامل النجاح والتقدم
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1012 - الإثنين 13 يونيو 2005م الموافق 06 جمادى الأولى 1426هـ