التغيير - في جانب منه - يعبر عن سلوك ديمقراطي حكيم من قبل الحكم أو المجتمع المدني، والتغيير هو استعداد لمرحلة جديدة "ما بعد المرحلة الانتقالية"، إذ لا يمكن أن يعيش الناس على أحلام التغيير إلى الأبد، وبلا جدول زمني أو أجندة مرحلية تمهد الأرضية للهدف الأساسي من هذا التغيير وترسخ التسبيب والعوامل المناسبة للتغيير. ويجب أن تكون تلك العوامل مؤثرة في حياة الناس سياسيا: من حيث مشاركة الشعب في صنع القرار على المستويين المحلي والوطني، أو ما يسمى "السلطة التشاركية". واقتصاديا: في ملامسة هذا التغيير لحياة الناس الاقتصادية ورفع المعاناة وتحسين ظروف الحياة المعيشية الضاغطة على أفراد المجتمع ودك مداميك الإقطاع وإلغاء الاحتكار وامتياز السلع. واجتماعيا: ناحية تطوير وتعزيز دور القوى المجتمعية الناهضة والطامحة للتغيير، وخلخلة دعامات البنى التقليدية غير الديمقراطية/ الاستبدادية وتفكيك شبكاتها المتغلغلة والمسيطرة على شرائح وقطاعات المجتمع المختلفة والمتخلفة.
الواقع الحالي الذي نعيشه لا يعكس إلا صورا متناقضة متعاضدة مع بعضها ضد التغيير الإيجابي المطلوب. صور سلبية منها: ظهور الطائفية، وزيادة تمترس الفاسدين خلف الطائفة، وتكريس عادات سيئة في التعامل مع الناس بامتهان كرامتهم الإنسانية، وهذه أمور تم القضاء عليها في الدول المتقدمة بترسيخ قوانين متوافقة مع منظومة حقوق الإنسان والحريات العامة، وتثبيت مبدأ الشعب مصدر السلطات... إلخ من مبادئ إنسانية سامية.
التغيير المطلوب هو ضخ دماء جديدة في شتى ميادين العمل، ولا يعني ذلك عدم تدوير المسئولين الذين نجحوا في تطوير وزارات أو إدارات معينة فذلك شئ جيد، وكمثال على ذلك فإنه حينما نجح الوزير علي صالح الصالح في وزارة التجارة، فإنه يحقق اليوم نجاحات أخرى في مكان آخر "وزارة شئون البلديات والزراعة" وتحديدا في علاقة المجالس البلدية المنتخبة مع الأجهزة التنفيذية. وتدوير مثل هذا يعتبر نجاحا، ولكن هناك الكثير من المسئولين الناجحين تم إقصاؤهم بسبب بعيد كل البعد عن قدراتهم المهنية ومؤهلاتهم العلمية... لماذا؟
أما تدوير الفاشلين، فتلك مصيبة، وما أكثر ما يتم ذلك في بلادنا! أعتقد أن التدوير بسبب الفشل حتما سيؤدي إلى فشل آخر، والبعض يتحدث أنه مادام الاستمرار= الاستقرار، فيجب استمرار المسئولين على كراسيهم بلا تزحزح!
إن التدوير لا يجدي نفعا مع الفاشلين، وذلك خطأ كبير، وليس لدينا وقت حتى يتم تجريب "فلان" الفاشل في إدارة معينة وذلك بنقله إلى إدارة أخرى! وبالتالي سيادة المثل: "ما في البلد إلا هذا الولد". ويكفينا ما ضاع من المال العام ونهب لثروات الأمة في زمن "كله تمام يا فندم!". المطلوب هو التغيير... التغيير الذي يجلب دماء جديدة منتقاة على أسس علمية تقانية ومعايير محددة.
إن تدوير الفشل يؤدي إلى فشل آخر، وتدوير النجاح يؤدي إلى نجاح آخر، وعلى ذلك نرجو وقف تدوير الفاشلين، وتغييرهم وليس تدويرهم، وخصوصا "الديناصورات" التي انقرضت ولكنها في البحرين مازالت تحطم كل حلم جميل نأمل أن نعيشه في يوم من الأيام: حلم الكرامة الإنسانية... حلم دولة القانون والمؤسسات... حلم الحرية... حلم الديمقراطية والمملكة الدستورية... فمتى تتحقق أحلام البحرينيين في: "وطن لا يرجف فيه الأمل"!؟
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1011 - الأحد 12 يونيو 2005م الموافق 05 جمادى الأولى 1426هـ