تعرض خليج توبلي لانتهاكات وتجاوزات، بناء "الجدار العازل" في ساحل قرية المالكية، وتسرب غاز في قرية المعامير، مع كل ما أثارته هذه الموضوعات التي تمس البيئة بشكل رئيسي والتي رافقتها ثورات غضب شعبي جسدتها الاعتصامات والمظاهرات واستنكرتها أطراف شتى، يلجأ مجلس النواب إلى تشكيل لجان برلمانية للتحقيق فيها كما حدث بشأن موضوعي خليج توبلي وغاز المعامير، فيما التوجه إلى تشكيل لجنة بشأن جدار المالكية تم إرجاؤه ترقبا لما يمكن أن تتمخض عنه مساع حكومية عليا في سبيل إعادة الحق إلى موضعه.
بديهي أن يلجأ المجلس إلى تشكيل لجان تحقيق وإن كان للحد من الغضب الشعبي العارم على ما يحدث من تجاوزات بيئية خطيرة، ولكن من غير البديهي أن يتم كل ذلك في دولة مؤسسات وقانون، وفي ظل قيادة تردد دوما بأن لا أحد فوق القانون. وبالتالي قد تقل فعالية لجان التحقيق في حال لم يكن هناك تفعيل عملي واضح لكل تلك التوجهات والشعارات التي تنبثق عن مشروع إصلاحي يحق الحق ويضع المصلحة العامة العليا فوق كل اعتبار.
والشاهد، ما الذي تستطيعه لجان التحقيق من دون تعاون الحكومة معها في زجر وردع المخالفين وخصوصا مع الأخذ في الاعتبار كونهم من كبار المتنفذين، وذلك كيلا تقع لجان التحقيق في حفرة تودي بها إلى مطبات الإخفاق. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تأكيد عضو مجلس بلدي الوسطى عباس محفوظ أخيرا على أن الحكومة أقفلت ملف لجنة تحقيق خليج توبلي قبل أن تبدأ عملها. إذ إن اللجنة لن يتجاوز عملها المخالفات التي حدثت قبل أكتوبر/ تشرين الأول 2002 ومعظم المخالفات حدثت بين 1995-،2002 ويمكن كذلك الإشارة إلى حشد الحكومة عددا من وزرائها لمحاولة ثني النواب عن تشكيل لجنة غاز المعامير، ما كان يتناقض مع توجيهات سبقت إلى الجهات المختصة بالتحقيق الفوري في الموضوع.
من جهة أخرى، فإن الإكثار من تشكيل لجان التحقيق كأمر دعائي يسلكه النواب أحيانا لن يحقق نفعا ولا ضرا، ولن يسهم سوى في إضافة أعباء على أعضاء مجلس مختنق بالكثير من الموضوعات ومطالب بتحقيق الكثير، لاسيما في ضوء المطالبات والترقبات الشعبية لما ستتمخض عنه أعمال تلك اللجان، والتي ستكون محكا مناسبا لاختبار مقدرة ممثلي الشعب على حفظ حقوقهم ورعاية مصالحهم، في أجواء قد تعكس أحيانا مبدأ الغلبة للأقوى
العدد 1007 - الأربعاء 08 يونيو 2005م الموافق 01 جمادى الأولى 1426هـ