لم تعد مستغربة حملة الدفاع النيابية عن الرفض "شبه الجماعي" لمشروع قانون تدريس المذاهب الخمسة. كما لم تكن مستبعدة شتى الذرائع التي ساقها البعض أمس حفاظا على "بيضة الإسلام". لأنه كما أثبتت الأيام فالنوايا والانتماءات وليست المصلحة العامة هي من تحكم مجلس النواب في كثير من القوانين.
هذه الحمية التي أظهرها السعيدي وأبوالفتح وغيرهما في جلسة النواب الأخيرة خوفا على تمزق الشمل لم تظهر في ما سلف من السنين عندما كانت "ولاتزال" تفرض دراسة مذهب واحد على عشرات الآلاف من مذهب آخر، شاء من شاء وأبى من أبى. الآن أصبح الإسلام في خطر لمجرد المطالبة بضم المذاهب الخمسة في منهج متكامل بطريقة إيجابية تعود الطالب على مبدأ التعددية والقبول بالآخر تحت مظلة القرآن والسنة.
المهم أن معظم النواب على رغم لغة الإقصاء التي يتحدثون بها باتوا يدركون أن أمرا مهما يمس حرية العقيدة والمبدأ وتدعمه تصريحات القيادة السياسية في كل المحافل... أمر كهذا لا تحسمه قراراتهم "مكسرة الأجنحة". وإن تجاهلوا القاعدة القرآنية التي تنص على أن "لا إكراه في الدين" فإنهم بالمقابل متيقنون بأنهم في القرن الواحد والعشرين إذ يصعب على الإنسان أن يحتكر الحقيقة لنفسه، وأن يكبل حرية الآخرين في تعلم مختلف المذاهب.
إذا... هم يعلمون أن الأمر لن يقف عند هذا الحد من تصويتهم وقراراتهم "المهمشة"، ولكن لو سكتوا كيف سيثبتون للشعب بأنهم "موجودون حتما"؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1004 - الأحد 05 يونيو 2005م الموافق 27 ربيع الثاني 1426هـ