العدد 1001 - الخميس 02 يونيو 2005م الموافق 24 ربيع الثاني 1426هـ

حماية حرية مؤسسات المجتمع المدني وتحقيق الرغبة الشعبية في المشاركة

"الوسط" تنشر نص وثيقة الإصلاح العربي "رؤية 2010"

حسين دعسه comments [at] alwasatnews.com

ماذا في العام 2010 حتى تضع النخب العربية وثيقة الإصلاح، مؤشرا زمنيا - اجتماعيا مرتبطا به وباسم "رؤية 2010"؟ الأمر بات حقيقة، و"الوسط" حصلت على نص المشروع المقترح للإصلاح العربي، الذي يدعو إلى تشخيص الواقع، وإلى المزيد من الحريات لمؤسسات المجتمع وضرورة المشاركة الشعبية. وحدد المشروع ثلاثة محاور رئيسية شاملة للإصلاحات في الوطن العربي تركزت على الحاجات وآليات التطوير والتحديث في مجالات الاقتصاد والتعليم والحكم الرشيد.

والرؤية هذه وضعها 20 مفكرا عربيا وأشرف عليها 7 من النخب وقادة الفكر وأهل الخبرة في مشروع من 79 صفحة يخضع حاليا للتطوير قبل أن يتم إعلان تفاصيله بشكله النهائي. ومن بين هؤلاء مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ريما خلف الهنيدي والمستشار الخاص لأمين عام الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ووزير الثقافة والتعليم في لبنان غسان سلامة، ورئيس مجلس الأعمال العرب شفيق جبر ومدير عام مكتبة الاسكندرية في مصر إسماعيل سراج الدين.

المحور الأول: الاقتصاد

يشكل معدل البطالة العالية الذي يبلغ نحو 15 في المئة أحد أكبر التحديات في العالم العربي. ففي ضوء النمو السكاني المتزايد في المنطقة، أصبح من الضروري خلق 80 إلى 100 مليون فرصة عمل خلال 15 عاما مقبلا لمكافحة البطالة. وسيلعب القطاع الخاص دورا كبيرا في استحداث فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.

وحتى تتمكن الاقتصادات العربية من النمو واستحداث فرص العمل خلال الفترة طويلة الأمد، فإن رؤية 2010 توصي بتوسيع نطاق العمل في القطاع الخاص وتعزيز التجارة من أجل النمو والعمالة وتطوير سوق عمل عربية شاملة لزيادة الإنتاجية وتحسين بيئة الأعمال.

التوظيف من القطاع العام إلى الخاص

واقترح المشروع السياسات الآتية:

- الالتزام بتحويل نحو 90 في المئة من جميع شركات القطاع العام العاملة في الخدمات الصناعية والتجارية إلى الملكية الخاصة "باستثناء الخدمات الحكومية" ووضع معايير واضحة لأداء المؤسسات الحكومية المتبقية، بحلول .2020

- تطوير وتفعيل الإجراءات وإنشاء هيئات تنظيمية مستقلة للمراقبة واتخاذ الإجراءات التي تضمن قابلية منافسة أسواق السلع والخدمات، بحلول .2007

- تبني تأمين لأجور وخطط مكافآت بدل الانتقال لتشجيع التوجه من القطاع العام إلى المشروعات الخاصة، وجمعها مع أنظمة حوافز مالية تهدف إلى إعطاء العاملين في الشركات الخاصة دعما ماليا لنجاح مشروعاتهم ولتشجيع "أول المتحولين" لدخول النشاطات الجديدة، بحلول نهاية .2006

- اقتراح مبادرات إقليمية للتعاون بحلول منتصف ،2006 تركز على الخدمات مثل السياحة والاتصالات والصحة والتعليم والنقل والطاقة.

- استكمال الهيئات التنظيمية الوطنية مع مؤسسة إقليمية لشفافية السياسة تكون مفوضة بمراجعة التقدم وتقييم تأثير الإجراءات السياسية.

تعزيز التجارة لتحقيق النمو

واقترح المشروع السياسات الآتية:

- وضع الرسوم على كل السلع والخدمات ضمن اطار اتفاق التجارة الحرة العربية، بحلول .2007

- خفض كل الرسوم للدول الأكثر رعاية بما لا يزيد على 5 في المئة وتكون كحد أقصى 10 في المئة بحلول ،2010 والتحرير الكامل لكل تجارة السلع، بحلول .2015

- الالتزام بتنفيذ المعاملة الوطنية الكاملة والوصول إلى الأسواق لجميع موفري الخدمات الأجنبية.

- الحد من كلفة الروتين الحكومي واتخاذ إجراءات تسهيل التجارة. ويجب ألا تتجاوز كلفة الروتين الحكومي 0,5 في المئة من قيمة المستوردات، كما يجب تخليص 98 في المئة من الودائع من الجمارك في غضون 6 ساعات بحلول .2010

- بناء القدرات لهيئة إقليمية مستقلة تعنى بالشفافية، تفوض بمراقبة السياسات التجارية، بالإضافة إلى تنفيذ الإصلاحات وتأثيراتها على الأعمال المحلية.

- خلق تسوية وطنية للخلافات وآلية سريعة لمواجهة التحديات، وتوفير مخصصات لتعويض الخسائر التي تحدث جراء عدم تنفيذ الالتزامات، بحلول .2007

تطوير سوق عمل عربية شاملة

ويقترح المشروع السياسات الآتية:

- الاتفاق على مبدأ حرية الحركة للعمالة بين البلدان العربية، بما فيها التحرر الكامل للحركة المؤقتة لمزودي الخدمات، بحلول العام .2010

- توفير تعريف تبادلي للمؤهلات وشهادات الاعتماد والدبلوم، بحلول العام .2007

- تشجيع الحركة الإقليمية البينية للطلاب العرب وتحسين جودة الخدمات التعليمية من خلال خلق آلية إقليمية تضع معايير للجودة. ويجب أن تكون الموارد المالية متوافرة لمزودي الخدمات التعليمية والتدريب المهني داخل المنطقة لتحسين الجودة بحلول العام .2008

- إنشاء رقابة اقليمية وآلية للشفافية لانسياب المعلومات بشأن عمل سوق عربية شاملة، بحلول العام .2007

تحسين بيئة الأعمال

ويقترح المشروع السياسات الآتية:

- تحديد ومعالجة العقبات التي تواجهها إنشاء الأعمال في البلدان العربية. والهدف هو خفض متوسط الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال إلى النصف للبدء بالأعمال في الوطن العربي وخفض عدد الإجراءات الضرورية للبدء بالأعمال إلى النصف، وخفض الوقت المطلوب للبدء بالأعمال إلى النصف أيضا، إضافة إلى خفض الكلفة المرافقة للبدء في الأعمال إلى النصف بحلول .2010

- تحديد ومعالجة المعوقات المتعلقة بعملية تسجيل الملكية، بهدف الخفض إلى النصف لكل من الكلفة المطلوبة لذلك "متوسط 6,8 في المئة من قيمة الملكية"، والوقت المطلوب لإكمال العملية "48 يوما كمتوسط" بحلول .2010

- تنظيم عمليات تنفيذ العقود والخفض إلى النصف لكل من الوقت المطلوب لهذه العملية والكلفة.

- إنشاء وكالة لتنمية الأعمال العربية من أجل تسهيل تبادل المعلومات بشأن أفضل الممارسات في تحسين بيئة الأعمال في العالم العربي، بحلول العام .2008

المحور الثاني: التعليم

بينما أحرزت البلدان العربية تقدما كبيرا في توسيع الحصول على التعليم والمشاركة فيه في العقود الأخيرة من القرن العشرين، إلا أن التقدم تباطأ في التسعينات. فالنظام التعليمي في المنطقة لا يخرج الطلاب بالمعرفة والمهارات المطلوبة لمساعدتهم على أن يصبحوا مواطنين إنتاجيين وناشطين، إذ يهدد سوء مدخلات المعرفة والمهارات في الأنظمة التعليمية إمكانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن دون جهود كبيرة لإنشاء أنظمة تعليمية تشمل احتياجات الاقتصاد العالمي المبني على المعرفة، فإن البلدان العربية تواجه مخاطر التخلف.

الإعداد لعقد تنمية عربي "2010 - 2020"

يقترح المشروع السياسات الآتية:

- استمرار وتكثيف الجهود لتحقيق هدف التعليم للجميع.

- دعم توصية مؤتمر المستوى العالي العربي الثالث عن حقوق الطفل لتطوير المعايير والبدء بتنفيذ الأشكال المضاعفة لبرامج الطفولة المبكرة.

- تحديث وتكامل المنهج الدراسي من المرحلة الأولى حتى الثانية عشرة، مع تركيز خاص على الرياضيات والعلوم واللغة والأدب وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- تطوير خطة شاملة للمعلمين والمدربين خلال الخدمة وقبلها.

- تقوية القدرات للمراقبة والتقييم في وزارات التربية.

- مراجعة البنى والترتيبات التنظيمية الحالية في وزارات التربية وبين المناطق والمدارس بهدف توصيل الخدمات الداعمة للمدارس.

- مراجعة الطرق الحالية في تمويل التعليم وتطوير خطة تمويل بعيدة المدى.

- تطوير منتديات وطنية للإصلاح التعليمي وصندوق إقليمي للاصلاح التعليمي.

المحور الثالث: الحكم الرشيد

يقدم العالم العربي مفارقة مميزة للاضطراب والاستقرار، مع استياء واحباط يخفيهما وضع سياسي واجتماعي متوازن نسبيا بقي لنصف قرن. بعض ذلك الاستقرار يعكس خصائص طبيعية للتماسك الاجتماعي إضافة إلى القيم الدينية والثقافية. ويشهد الكثير من الناس حياتهم تتحسن فيما يقلق آخرون من تحسن حياتهم اليومية.

ولأجل التوصل إلى مشاركة المواطن العربي بشكل أكثر فعالية في عملية صنع القرار السياسي، تقترح رؤية 2010 الأخذ في الاعتبار السياسات التي تمنح وسائل الإعلام المزيد من الحرية، والمساعدة في ترجمة الرغبة الشعبية في صنع القرار السياسي من خلال الأحزاب والبرلمانات وضمان سيادة القانون والقضاء المستقل.

ومن ناحية منح وسائل الإعلام المزيد من الحرية، تقترح الآتي:

- التحديد بوضوح لحدود شمول الإعلام في العملية السياسية لضمان أن كل الآراء التي لا تخرق المبادئ الأخلاقية والقانونية تتمتع بفرصة التعبير عن المجتمع، خلال العام الجاري.

- وضع حد لمراقبة المطبوعات، بحلول العام المقبل.

- تطوير حرية معايير المعلومات التي تجمع انسياب المعلومات التي في أيدي الحكومة لتتوافر للجمهور من خلال الاعلام، بحلول العام .2007

- إزالة الحواجز غير المنطقية التي تعترض الملكية والنشر لوسائل الإعلام من أجل التشجيع على نشوء مصادر إعلامية موثوقة ومستقلة، بحلول .2006

- تطوير ممارسة الصحافة التحقيقية كحقل حيوي للتحقيق الصحافي، بحلول العام .2010

المشاركة الشعبية في صنع القرار

وتقترح السياسات الآتية:

- ضمان وحماية حرية مؤسسات المجتمع المدني ضمن الإطار القانوني، وسن تشريع لتسريع إنشاء أحزاب سياسية ولتمكينها من العمل ضمن الحدود التي يحددها النظام السياسي بحلول العام .2007

- ضمان تطوير الفقرات القانونية التي تسمح لتعقب السلطات التنفيذية ضمن النظام السياسي الموجود، بحلول .2008

- تطوير الاستراتيجيات لضمان المشاركة في العملية السياسية عبر الأطياف السياسية، بحلول العام .2010

- ضمان أن تحظى العناصر الأقل تمثيلا في المجتمعات العربية بفرصة التعبير عن نفسها والمشاركة في الحوار العام وعمليات صنع القرار بما فيها المرأة والشباب والاقليات، بحلول العام .2010

دعم حكم القانون

ويقترح المشروع السياسات الآتية:

- توقيع وتبني الاتفاقات الدولية بشأن حقوق الإنسان ودمج الفقرات في القانون المحلي الذي يضمن حماية حقوق الإنسان بما يتلائم مع المعايير والمبادئ الدولية، وتبني بنود واضحة لكل الحريات والحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمدنية بحلول العام .2008

- إنشاء نظام دستوري لمحكمة عليا تتخصص في قانون دستوري إشرافي وتشريعات حقوق الانسان، بحلول العام .2008

- إنهاء سيطرة الفرع التنفيذي على السلطة القضائية كخطوة ضرورية لضمان الاستقلال القضائي الكامل، وضمان الحق بالمحاكمة العادلة والتحقيقات المناسبة والشفافة، بحلول العام .2009

- توفير تدريب مناسب ومتواصل للقضاة، بحلول العام .2009

آهات عربية وطموحات مشروعة

وثيقة الإصلاح العربي التي ننشر محاورها هنا، تتناول خواطر وتطلعات 300 مليون عربي ليس فقط لأن من صاغها هم نخبة من المفكرين العرب، بل لأنها شخصت واقع بلداننا على امتداد الوطن العربي قبل أن تضع الحلول. وخصوصا أن المنظمة العربية للثقافة والعلوم تتوقع أن يصل عدد الأميين في العالم العربي إلى سبعين مليون شخص خلال العام الجاري، بنسبة 25 في المئة من مجموع السكان. وتزداد الفجوة بين النساء والرجال في التعليم، فثلث رجال العالم العربي أميون، بينما ثلثا النساء لا يعرفن القراءة والكتابة.

ويتوقع تقرير لمعهد هيئة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم أن تتراوح نسبة الأمية بين 10 في المئة و30 في المئة في الجزائر وتونس وليبيا والسودان ودول الخليج وسورية، في الوقت الذي توقع فيه المعهد أن تتراوح هذه النسبة بين 30 في المئة و50 في المئة في اليمن ومصر والمغرب وارتيريا وجيبوتي، وأعلاها في موريتانيا، أكثر من 50 في المئة. فهل تتحول "رؤية 2010" إلى مجرد وثيقة تضاف إلى ملفات جامعة الدول العربية والدول الأعضاء؟

العدد 1001 - الخميس 02 يونيو 2005م الموافق 24 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً