العدد: -4 | الأحد 25 أغسطس 2002م الموافق 16 جمادى الآخرة 1423هـ

أطفال دشتي يعانون لعنة البدون

ملف التجنيس... هذا الملف المكتظ بالقضايا التي تطوي حكايات تحمل مفارقات كثيرة عاشتها فئة «البدون» في البحرين عقوداً طويلة، قلبت أوراقه القديمة والحديثة منذ عام ونيف وصار موضوعا يتداوله الشارع البحريني معبراً عن أحقية هذه الفئة في الحصول على الجنسية مادامت شروط قانون الجنسية منطبقة عليهم، في الوقت الذي يعارض فيه هذا الشارع ما اصطلح على تسميته بـ «التجنيس العشوائي».

وكاد الذين يعانون من «لعنة» البدون أن يتخلصوا من آثار الفترة الماضية عندما شارف الملف على الإغلاق في السنة ونصف السنة الفائتة بعد التوجيهات الملكية بضرورة الانتهاء من هذا الملف في حركة الإصلاح والعفو الشامل ومراحل التجنيس التي طالت عدداً من المقيمين والوافدين إلى البحرين من مختلف الجنسيات والعقائد.

فجوة صغيرة ـ بالكاد تلحظ ـ بقيت تشوه صورة خطط الإصلاح الحالمة، فجوة تكاد لا تقارن بحجمها إذا ما قوبلت في الكفة الأخرى مع كل الإصلاحات والمكرمات التي استهدفت الإنسان البحريني وجعلته البؤرة والمحور لبحرين الغد.

ليلى خليل دشتي ـ وأربع عائلات أخرى - لايزالون يعيشون مأساة البدون التي انتشل الملك من ضحاياها المئات بعد إصداره توجيهات بالعفو الشامل وطي صفحة الماضي بكل سلبياته وفتح صفحة جديدة.

دشتي تعيش حالة غريبة، إذ أنها تحمل الجنسية البحرينية بينما زوجها وأطفالها الأربعة، لايزالون في طابور المنتظرين، فحملت ملف قضيتها إلى «الوسط» لتروي قصتها الطويلة مع الرحلة اللاهثة للحصول على الجنسية، فهي ـ وبعد عقود من الانتظار ـ لم يسر على زوجها وأطفالها ما سرى على باقي البدون في البحرين، ولايزال شرف الحصول على الجنسية البحرينية يراود أحلامها.

تقول: «زوجي الذي كان محكوما عليه بالسجن مدة 40 عاماً في قضية تتعلق بأمن الدولة وشمله العفو الشامل في بداية عهد الإصلاحات، لايزال خارج المشمولين بالجنسية البحرينية (...) راجعت العائلة برمتها إدارة الهجرة والجوازات لمتابعة ما طرأ من مستجدات على الطلبات التي قدمت منذ العام 1993 للحصول على الجنسية البحرينية، وتفاجأت بعد حين بأن الجنسية قد منحت لكل أفراد العائلة باستثناء زوجي وأطفالي».

راجعت دشتي وزوجها مكاتب «الجوازات» ليطلبوا منها استكمال الوثائق المطلوبة بما فيها خطاب رد الاعتبار من قبل وزارة العدل والشئون الإسلامية، وحينها وعدوا بأن تكون هذه الأسرة ضمن الدفعة الرابعة التي ستحصل على الجنسية، بيد أن الطلب قد أوقف بتدخل من أمن الدولة، كما تزعم دشتي.

كاتبت دشتي وأسرتها جميع الجهات ذات العلاقة، الدواوين، كتبت قصتها عشرات المرات «قصدت الصحف بأمل أن يتم إيصال شكواي إلى المسئولين ولم يسمح لي بالنشر حتى في زاوية صغيرة في صفحات البريد». وتتساءل: «ما ذنب أطفالي إذا كان والدهم مدانا بنظر أمن الدولة؟ وإذا كان يصنف ارهابيا فهل (الإرهاب) يورث؟».

تعيش دشتي الآن حياة تصفها بأنها «مريرة» وأطفالها يتذوقون هذا الطعم يوميا إذ لا يتعدى عمر أكبرهم 11 عاما، وتقول: «نحن نفهم أن العفو الشامل، شامل بكل ما في الكلمة من معنى».

ويأتي هذا الاعتصام، حلقة من حلقات هذه المحاولات التي تبذلها الأسر التي ترى أحقيتها في الحصول على الجنسية البحرينية، إذ أن هذه الأسر مصممة على الاستمرار في طرق جميع الأبواب من أجل الحصول على ما يعتقدون أنه «حق» من حقوقهم، ويجب ألا يفرطوا فيه


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/603663.html