العدد: 902 | الأربعاء 23 فبراير 2005م الموافق 14 محرم 1426هـ
سورية؟! مستحيل فـ "للسيد لبنان أعداء كثر"
بقيت تداعيات جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وانعكاساتها على الوضع في لبنان والعلاقات الأميركية السورية المتوترة محور اهتمام الصحف الغربية، موجهة الأنظار إلى الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأميركي جورج بوش وجاك شيراك في بروكسل وعلى جدول أعماله الوضع المستجد في لبنان عقب الحادث والسياسة الأميركية الفرنسية تجاه الشرق الأوسط. فاعتبرت ان اغتيال الحريري يلغي مبرر وجود القوات السورية في لبنان، وحثت الأكثرية الأوروبيين وأميركا على دعم المعارضة اللبنانية التي بدورها يجب أن تصعد معارضتها للسلطة اللبنانية ودمشق!.
وشددت إحدى التعليقات الأميركية على ضرورة أن تلعب جامعة الدول العربية دورا فتبادر إلى تحميل سورية مسئولية هذا الاغتيال من الناحية الأمنية على الأقل إلى حين جلاء الحقيقة. لكن أحد التقارير البريطانية، استبعد تورط دمشق بالاغتيال لأنه يضر بمصلحة سورية ولا يفيدها على الإطلاق خصوصا في ظل الضغوط الدولية عليها إذ ان "للسيد لبنان أعداء كثر!" ووسط اللقاء الذي يجمع بوش بشيراك، دعا البعض بريطانيا وفرنسا إلى المبادرة إلى سحب سفيريهما من دمشق. فيما دعت افتتاحية إحدى كبريات الصحف الأميركية الأوروبيين إلى إعلان حزب الله منظمة "إرهابية" لأنه كذلك ولأن الرسالة الموجهة إلى "الإرهابيين" يجب أن تكون واحدة! وتوقف إدوارد والكر وماغي ميتشل سالم في "نيويورك تايمز" عند تداعيات اغتيال الحريري في مقال تحت عنوان "سورية ما بعد الحريري". وفي مستهل المقال أشار الدبلوماسيان السابقان إلى جنازة الحريري التي جمعت اللبنانيين من مختلف الطوائف والانتماءات ليشكلوا وحدة وطنية غير مسبوقة متحدين بذلك كل من يحاول إثارة النعرات الطائفية والداخلية من أجل تبرير الوجود السوري في لبنان.
وعرض المعلقان لإنجازات الحريري الكثيرة على كل الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمتمثلة باتفاق الطائف وعملية إعادة الإعمار تحديدا. ولفت والكر وميتشل إلى انه على رغم تعدد وتنوع مواقف الحريري السياسية فإن الأبرز هو موقفه الأخير المتمثل باستقالته من رئاسة الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد رفضه الضغوط السورية لتعديل الدستور من أجل التمديد للرئيس اللبناني إميل لحود. من ناحية أخرى، رأى كل من والكر وميتشل انه نظرا للاتهامات المتعددة الموجهة ضد سورية باغتيال شخصيات سياسية لبنانية سابقة، فإن من مصلحة الرئيسين اللبناني والسوري أن يقبلا بالإشراف الدولي على التحقيق. ولاحظت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها ان زيارة بوش لأوروبا تحظى اليوم باهتمام عالمي كبير، مشيرة إلى ان سبب هذا الاهتمام معروف وهو تنامي الشرخ بين طرفي "الناتو" خلال الأعوام الأربعة الماضية خلال الحرب على العراق، الذي أثار الشكوك بشان شرعية الحلف. غير ان الصحيفة أكدت ثقتها في الحلف كأداة رئيسية لضمان الأمن والحرية في الدول التي تعتمد القيم ذاتها التي تربط أميركا بأوروبا. ولفتت إلى ان هدف الزيارة سيكون إيجاد رؤية مشتركة للكثير من القضايا المتعلقة بالعراق وإيران وسورية وكوريا الشمالية والصين وإفريقيا. وفيما يتعلق بإيران، رجحت "نيويورك تايمز" أن تبرز الاختلافات الأميركية الأوروبية بشكل كبير خلال مناقشة البرنامج النووي الإيراني، إذ ان ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ستحاول أن تقنع بوش بدعم مقاربتها التفاوضية لهذه المسألة بدلا من الضغط باتجاه فرض عقوبات على طهران. من ناحية أخرى، دعت الصحيفة الأوروبيين إلى إعلان حزب الله منظمة "إرهابية" لأنه كذلك على حد تعبيرها ولأن الرسالة الموجهة إلى "الإرهابيين" يجب أن تكون موحدة. وتوقف موقع "مراقب الإرهاب" "Terrorism Monitor" الأميركي على الانترنت عند ردود فعل المجموعات الإسلامية المتطرفة ردا على اغتيال الحريري. فلفت إلى انه بعد عملية الاغتيال مباشرة بدأت المواقع الإسلامية تبث بيانات تنديد بالعملية وتوجه الاتهامات إلى اليهود والأميركيين وخصوصا جهاز "الموساد" ووكالة "سي. آي. إي" بالوقوف وراء الاغتيال. غير انه لاحظ ان الشريط الذي بثته قناة "الجزيرة"، والذي أعلن فيه أحد الناشطين الإسلاميين مسئولية مجموعته عن العملية خطف الأضواء على حساب بيانات التنديد التي نشرت على مواقع المجموعات الإسلامية. ونفى الموقع نفيا قاطعا وقوف أية مجموعة متطرفة وراء اغتيال الحريري إذ انه على رغم كل ما يقال عن هذا الأخير فإنه كان المدافع الأول عن حقوق السنة في لبنان. وانتقد الياس بجاني في "ناشونال بوست"، تصريحات رئيس الوزراء الكندي الأخيرة التي اعتبر خلالها ان وجود الجيش السوري في لبنان يهدف إلى حفظ السلام في البلاد وانه إن لم يعد قادرا على ذلك فلينسحب من الأراضي اللبنانية. ورأى ان تصريح مارتن يوحي بأن رئيس الوزراء الكندي يقول إن سورية توجه المسدس إلى رأس لبنان ولكننا نشكرها لأنها لم تطلق النار. وأضاف انه يبدو ان مارتن غير مدرك لحقيقة ان سورية لم تتوقف عن إطلاق النار من هذا "المسدس" خلال ثلاثين عاما وأنها أطلقت ما وصفها قذائف الحقد على المدن والبلدات اللبنانية التي أدت إلى سقوط 150 ألف شهيد وجرح 200 ألف. وأضاف ان مارتن، قد أغفل حقيقة ان سورية مسئولة عن اغتيال زعماء لبنانيين أمثال الرئيس الراحل بشير الجميل والزعيم الدرزي كمال جنبلاط ووجوه دينية أمثال المفتي حسن خالد وصحافيين أمثال سليم اللوزي وأخيرا الحريري دائما بحسب بجاني. وختم بالقول ان تصريحات مارتن تشبه تبرئة النازيين من المحرقة. وكتب بيتر بومونت مقالا في "الأوبزرفر" البريطانية، تحت عنوان "لماذا كان للسيد لبنان أعداء كثر؟" عرض خلاله موقفا مختلفا عن مواقف الكثيرين الذين اتهموا سورية بالوقوف وراء اغتيال الحريري، إذ استبعد أن يكون للسلطة السورية يد في هذه العملية. لافتا إلى ان هذا الاغتيال يضر بمصلحة سورية ولا يفيدها على الإطلاق وخصوصا في ظل الضغوط الدولية عليها. ونقل عن مسئول أوروبي أنه يستحيل أن تكون سورية هي المسئولة عن مقتل الحريري فهذه ليست سياسة القيادة السورية كما ان دمشق لا تود إثارة غضب السعوديين الآن إذ ان للحريري مكانة خاصة عند العائلة المالكة. وأضاف المعلق نقلا عن المسئول الأوروبي عينه انه من غير الممكن أن تكون سورية أغفلت ان اغتيال الحريري سيعطي حافزا شرعيا للمعارضين للوجود السوري في لبنان وللمجتمع الدولي للضغط عليها. وتساءل بومونت عن المستفيد الحقيقي من مقتل رئيس الوزراء السابق الذي لفت إلى انه لم يكن محبوبا في بيروت بسبب سيطرته على مشاريع الأعمال ورؤوس الأموال في البلاد عبر شركة "سوليدير" التابعة له. كما ان "منظمة الشفافية اللبنانية" كانت شككت بشرعية أعمال الحريري وأظهرت تفشي الفساد في المؤسسات الحكومية خلال توليه رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وحجم الدين العام. ورأى ان احتمال أن تكون عملية الاغتيال قد نفذت على يد "انتحاري" يزيد الاحتمالات بأن يكون "الجهاديون" المتسللون إلى العراق عبر لبنان وسورية هم من يقف وراء العملية وذلك على خلفية علاقات الحريري الوطيدة مع المسئولين السعوديين. وأكد ان مشروعات الحريري المنتشرة في أنحاء العالم والإشاعات بشأن تمويله لبعض الميليشيات خلال الحرب الأهلية اللبنانية خلفت له أعداء كثر مما يزيد عدد المستفيدين من موته
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/451043.html