العدد: 327 | الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ
البلاستيك وحضور في تفاصيل احتياجاتنا اليومية
قبل أكثر من سنة بدأت جمعية أصدقاء البيئة حملتها ضد أكياس النايلون بإقامة ندوة «الأضرار البيئية للأكياس البلاستيكية... وحلول بديلة» تلاها توقيع مذكرة تفاهم بين الجمعية وبين عدد من الجهات الرسمية في المملكة لإيجاد حل لمشكلة أكياس النايلون، عقب ذلك أقيمت الكثير من المحاضرات وورش العمل التي نظمتها الجمعية في سبيل بيان مخاطر أكياس النايلون عوضا عن الاستخدام الخاطئ لها. في هذا المقال وعدد من المقالات المقبلة سنحاول تسليط الضوء أكثر على هذه المشكلة البيئية المهمة.
البلاستيك عبارة عن بوليمرات Polymers، وتشتق كلمة بلاستيك من المفردة اليونانية (بلاستيكوس) ومعناها قابلة للتشكيل. إذ يمكن صهر وتليين مادة البلاستيك بالحرارة ويتم تشكيل وتصنيع مختلف المنتجات البلاستيكية بحسب الطلب بكل سهولة.
وكلمة بوليمرات اشتقت من اليونانية أيضا وتعني الأجزاء الكثيرة، إذ تتكون هذه البوليمرات نتيجة لتفاعل يسمى (بلمرة) لعدد من الجزيئات الصغيرة (من ألف إلى مليون جزء أو مونومر) عند درجة حرارة وضغط معينين. وتختلف البوليمرات كليا في خواصها من الجزيئات الأحادية التي تكونت منها والتي هي عبارة عن سلسلة طويلة ومعقدة من ذرات الكربون والهيدروجين. وعلى رغم كون البلاستيك مادة كيماوية مصنعة من قبل الإنسان فإنه توجد مواد مشابهة لها في الطبيعة في بعض الأشجار والنباتات مثل العنبر وأصداف السلاحف وقرون الحيوانات التي تشبه كثيرا في خصائصها البلاستيك المصنع حديثا.
نبذة تاريخية
يرجع تاريخ البلاستيك إلى أكثر من 100 سنة، ومع ذلك إذا ما قورن بالمعادن والمواد الأخرى يمكن اعتباره مادة حديثة جدا. أدى استخدام البلاستيك في القرن الماضي إلى الكثير من التطور في مجالات عدة. أول ظهور للبلاستيك كان على يد إلكسندر باركس العام 1862 الذي ابتكر مادة أسماها «باركسين Parkesine» لتحل محل المطاط إذ كانت تمتلك الخواص ذاتها وبسعر أقل.
في العام 1907 ابتكر الكيميائي هندريك باكلاند عن طريق المصادفة، أثناء تحضيره لنوع من الطلاء، تركيبة جديدة من البلويمرات أسماها «باكلايت bakelite». وبسبب خاصية العزل الكهربائي لمادة الباكلايت تم استخدامها في الكثير من الأجهزة الكهربائية والالكترونية مثل الهواتف والكاميرات. وبحلول العام 1909 أطلق باكلاند تسمية بلاستيك على هذا المنتج الجديد.
أول إنتاج للبولي فينيل كلوريد (PVC) الذي يستخدم اليوم على نطاق واسع في أنابيب المياه كان في العام 1914. ومع نهاية الحرب العالمية أصبح تصنيع البلاستيك أكثر سهولة بسبب استخدام مشتقات النفط بدلا من استخدام الفحم مادة أولية لتصنيعه، وبذلك حل بديلا عن الكثير من المواد الاعتيادية مثل الخشب والزجاج والكثير من المعادن. بعد الحرب العالمية الثانية تم تصنيع الكثير من أنواع البلاستيك مثل بولي إيثلين منخفض الكثافة (LDPE)، وبولي إيثلين عالي الكثافة (HDPE)، وبوليسترين PS، وبولي بروبلين (PP) والكثير من الأنواع الأخرى في حين أصبح استخدام الـ (PVC) أكثر انتشارا وأوسع استخداما. وبحلول العام 1960 يمكن القول إن البلاستيك وصل إلى كل مكان وإلى كل شخص بسبب رخص ثمنه وأصبح سمة للمجتمع الاستهلاكي.
وفي بداية سبعينات القرن الماضي، وبسبب التكنولوجيا المتطورة، أصبح للبلاستيك حضور واضح في كل الميادين بما فيها الطب والأجهزة الطبية وذلك بسبب الإمكانات الهائلة لتصنيع أنواع شتى منه وبحسب الطلب والمواصفات والخصائص.
فمن الاحتياجات اليومية وحتى المتطلبات الفريدة أصبح بإمكان البلاستيك سد كل احتياجات المستهلكين والمصنعين على حد سواء، وذلك بسبب تفرده بالكثير من الخصائص التي لا توفرها المواد الأخرى، وتفرده بخاصية إمكان تبديل خواصه بحسب الطلب.
المواد الأولية
يشكل كل من النفط الخام والغاز الطبيعي المواد الأولية الرئيسية المستخدمة في صناعة البلاستيك. تبدأ عملية تصنيع البلاستيك بعملية تسخين العناصر المتمثلة في النفط الخام أو الغاز الطبيعي (عملية التكرير). ينتج عن العملية بوليمرات الهيدروكربون مثل الإيثلين والبروبلين. ومع استمرار عملية البلمرة تنتج أنواع أخرى من البوليمرات مثل السترين styrene والفينل كلوريد vinyl chloride وحمض التيرفاليك terephthalic acid، وغيرها. وباختلاف العملية يختلف البلاستيك المنتج ومع اختلاف الخصائص تختلف التطبيقات والاستخدامات.
البلاستيك
الكثير من البلاستيك المستخدم عبارة عن مونيمرات هيدروكربون، وهو عبارة عن سلسلة طويلة من اتصال الكثير من المونيمرات مع بعضها بعضا. ومع أن المكونات الأساسية للبلاستيك هي ذرات الكربون وذرات الهيدروحين فإن ذرات عناصر مثل الأكسجين والكلور والفلور والنيتروجين قد تدخل في تصنيعه لإكسابه خصائص جديدة.
خصائص البلاستيك
يمكن تقسيم البلاستيك من حيث الخصائص إلى مجموعتين رئيسيتين هما: البلاستيك الحراري والبلاستيك ثابت الحرارة (thermoplastics, thermosets). معظم البلاستيك المتداول يصنف على أنه بلاستيك ثابت الحرارة ويعني أنه بعدما يتم تشكيله يمكن أن يسخن ويشكل من جديد. هذه الخاصية تسهل عملية إعادة التصنيع. في حين لا يمكن إعادة صهر عناصر المجموعة الثانية، فهي تتلف حال تعرضها لدرجات حرارة مرتفعة.
ومع أن خصائص البلاستيك تختلف باختلاف أنواعه فإن هناك خصائص عامة تشترك فيها كل أنواع البلاستيك مثل:
1- البلاستيك من المواد الكيماوية الخاملة فهو لا يتفاعل مع المواد الكيماوية المختلفة المحفوظة فيه.
2- يمكن استخدامه عازلا كهربائيا.
3- عموما البلاستيك خفيف الوزن وذو قدرة عالية على التحمل.
4- سهل التشكيل.
5- غير قابل للتحلل طبيعيا فلا تؤثر فيه الأحماض والبكتيريا.
6- إمكان الحصول على أنواع شفافة.
الإضافات
تضاف بعض المواد إلى البلاستيك أثناء عملية التصنيع وذلك لتحسين خصائصه الميكانيكية والفيزيائية والكيماوية. كما تساعد الإضافات على حماية البلاستيك من الكثير من المؤثرات الخارجية مثل الضوء والحرارة والبكتيريا، أو إكسابه لونا وملمسا خاصا، أو تقليل الاحتكاك.
عملية التصنيع
هناك الكثير من عمليات التصنيع لمنتجات البلاستيك تختلف باختلاف المنتج النهائي وشكله:
1- عملية إنتاج الخراطيم والأنابيب
تعتبر مادة البولي فينيل كلوريد (PVC) هي المادة الخام الرئيسية في صناعة الخراطيم سواء كانت الخراطيم مكونة من طبقتين (طبقة علوية وأخرى سفلية، وبينهما توضع أسلاك الفيبر لتحسين الخواص الميكانيكية للخرطوم) أو الخراطيم المكونة من طبقة واحدة بحسب الاستخدام... وتتم خطوات إنتاج الخراطيم في المصنع عن طريق صهر المادة الخام (PVC) في درجات حرارة تترواح بين 130 درجة مئوية و180 درجة مئوية، ثم تتم عملية التشكيل (السحب) وتلي ذلك عملية التبريد عند درجة 15 إلى 20 درجة مئوية باستخدام الهواء أو الماء.
2- عملية إنتاج الأكياس
تعتبر مادة البولي إيثلين (PE) هي المادة الخام الرئيسية في صناعة أكياس البلاستيك، وهناك نوعان من البولي إيثلين المستخدم في إنتاج أكياس البلاستيك هما: بولي إيثلين عالي الكثافة (HDPE) وبولي إيثلين منخفض الكثافة (LDPE) وتتم عملية تصنيع أكياس البلاستيك عن طريق عمل شريط من البولي إيثلين بالسمك المطلوب ويكون على شكل لف أسطواني حتى يصبح مهيأ للطباعة (إذا كان من النوع السميك قبل تقطيعه) أو لتقطيعه بالمقاسات والأطوال المطلوبة (إذا كان من النوع الرقيق) ثم تتم درفلة اللفة على شكل بكرات أسطوانية الشكل. وبعد ذلك يتم قص بكرات البلاستيك بأطوال ومقاسات مختلفة بحسب الطلب، وكذلك لحام أحد أطراف الكيس، وتخريم طرف الكيس الآخر لتشكيل مقبض اليد.
3- عملية الإنتاج بواسطة الحقن
لصناعة وإنتاج الأوعية، مثل أوعية العصير والحليب، التي تنتج من خام بولي فينيل كلوريد (PVC) أو بولي بروبلين (PP) بحسب الطلب، ويتم ذلك بواسطة مكنات الحقن. وتتراوح درجة حرارة هذه المكنة (الآلة) بين 180 و260 درجة مئوية. ويتم صهر المادة الخام في هذه المكنة وتشكيل وإنتاج المنتجات المختلفة، إذ تتم العملية بواسطة نفخ المادة المصهورة بواسطة الهواء المضغوط في قوالب بالشكل والحجم المطلوبين.
المنتج النهائي يمكن تصنيفه إلى نوعين رئيسيين بحسب العمر الافتراضي، فهناك نوع من البلاستيك يستخدم لأكثر من ثلاث سنوات، كالمستخدم في كل من الأجهزة الكهربائية والالكترونية، والسيارات، والأثاث وغيرها. وهناك نوع يقل استخدامه عن السنوات الثلاث مثل أوعية حفظ الأطعمة، والمستحضرات مثل الشامبو وأدوات العناية بالجسم والبشرة، والألعاب، والأدوات الرياضية والأكياس وغيرها.
4- بولتين ابيتريفتليت (PET or PETE)
وهي ذات خصائص عالية ما يجعلها صالحة لتعبئة الأغذية بأمان أكثر من غيرها من البلاستيك، ولأنها تصنع في درجات حرارة عالية فهي تقاوم الحرارة العالية كما يمكن أن تتحمل أفران المايكروويف. ومن استخداماتها: القناني، وحاويات الطعام، والسجاد والملبوسات، بالإضافة إلى ذلك هي من المواد القابلة لإعادة التدوير وتصدر عنها كمية أقل من الغازات مقارنة بغيرها من الأنواع عند الحرق.
5- بولي إيثلين عالي الكثافة ((HDPE
ويستخدم في الكثير من مجالات التغليف بسبب مقاومته للمواد الكيماوية ومن استخداماته تغليف الأطعمة، فبحسب طريقة تصنيعه يتم استخدامه. فقد يستخدم لحفظ الأطعمة الخفيفة أو كحاويات للروب والزبدة أو كقناني للحليب والعصير. وبسبب مقاومته للمواد الكيماوية يستخدم في صناعة جرار الأحماض المستخدمة في الصناعة كما يستخدم لتعبئة المنظفات المنزلية المختلفة.
6- بولي فينيل كلوريد (PVC)
ينفرد البولي فينيل كلوريد بالكثير من الخصائص فهو فائق الشفافية، مقاوم للمواد الكيماوية، ثابت لفترة طويلة، يقاوم التغيرات المناخية، وعازل فائق. تقسم منتجات البولي فينيل كلوريد إلى نوعينك مرن وصلب. يستخدم الصلب في العمليات الانشائية مثل الأنابيب والتجهيزات والعوازل الحرارية. يرجع نجاح الـ ( (PVC في صناعة الأنابيب على مجال واسع بسبب مقاومته لمعظم المواد الكيماوية، ومقاومته لهجمات البكتيريا والكائنات المجهرية، ومقاومته للتأكل والصلابة. أما النوع المرن فيستخدم عازلا لأسلاك الكهرباء، وفي صناعة الأرضيات، والجلد الصناعي، والتغليف، وأكياس الدم، والحاويات الطبية.
7- بولي إيثلين منخفض الكثافة (LDPE)
عموما يستخدم في صناعة الأكياس وفي التغليف، إذ يصنع على شكل شريط وذلك لمتانته ومرونته وشفافيته. يمتلك الـ (LDPE) نقطة انصهار منخفضة ما يجعل استخدامه شائعا في الاستخدامات التي تتطلب إقفالا حراريا. عموما يستخدم الـ (LDPE) في صناعة أكياس النايلون على شكل لفة كبيرة متصلة كالتي تستخدم في المغسلات لتغليف الثياب، كما يستخدم في صناعة العلب والقناني وعازلا للأسلاك الكهربائية .
8- بولي بروبلين ( (PP
ممتاز في مقاومته للمواد الكيماوية ويستخدم عادة في التعبئة. نقطة انصهاره عالية ما يجعله جيدا لتعبئة السوائل الحارة فيه. كما يمكن رؤيته في الكثير من الأدوات سواء كان عبوات صلبة أو مرنة والألياف المستخدمة في صناعة المنسوجات والسجاد والنماذج الإعلانية الكبيرة. وكغيره من أنواع البلاستيك يمتلك البولي بروبلين مقاومة ممتازة للماء والأملاح والأحماض التي تؤدي إلى تآكل المعادن. من الاستخدامات الشائعة له حاويات الروب، وقناني الأدوية، وبطاريات السيارات.
9- بوليسترين ( (PS
البوليسترين من أنواع البلاستيك متعدد المواهب ومع أنه صلب المظهر فإنه هش وقابل للكسر، ميزاته الأساسية الصفاء والصلابة وقابليته للكسر. صفاؤه يسمح باستخدامه أينما كان الاحتياج إلى رؤية ما بداخله ضروريا مثل الاستخدامات الطبية وتعبئة الأغذية والمختبرات وبعض الأجهزة الالكترونية. كما يستخدم صحونا لبيع اللحم والأسماك والجبن وغيرها كالتي نراها في المحلات الكبيرة. كما يتم استخدامه في تعبئة المواد الغذائية الجافة. ومن التطبيقات الشائعة جدا استخدامه في مطاعم الوجبات السريعة
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/328530.html