العدد: 1883 | الخميس 01 نوفمبر 2007م الموافق 20 شوال 1428هـ

دراسة أميركية حديثة تؤكد:

الزواج والاكتئاب وجهان لعملة واحدة!

الزواج والاكتئاب وجهان لعملة واحدة واقترانهما أبدي لا ينهيه شيء وإذ كان هذا الكلام هو محتوى دراسة أميركية حديثة استخلصت هذا المضمون لتكون إحصائية أن المرأة المتزوجة عرضة للاكتئاب أكثر من العانس بنسبة 45 في المئة لما تتحمله من أعباء أسرية واقتصادية واجتماعية قد تدفعها في معظم الأحيان للانتحار، فإن علماء النفس والاجتماع والدين الإسلامي لهم رأي آخر مغاير للإحصائية الأميركية والتي تدعو للحرية بعيدا عن قيود الرباط المقدس!

فحسب رأي علم النفس فإن استقلال الفتاة وعدم تفكيرها في الزواج يخفف عنها عناء المسئولية الضخمة، وبحسب رأي الفقه والشريعة فإن الاكتئاب الحقيقي يأتي من تفسير الناس العملية الزواج نظرا من التعقيدات التي يوليها أولياء الأمور ومطالب الزواج وتكاليفه. وقد أجمع الشباب في هذا التحقيق على أن مقولة الزواج مقترن بالاكتئاب ليست صحيحة، بل إنهم أكدوا أن غير المتزوجة هي المعرضة أكثر للاكتئاب لما تشعر به من وحدة ودونية ولحظات ألم بمجرد أن تسمع صرخة طفل وليد، وكأنها تقول في قرارة نفسها «اكتئاب... اكتئاب! بس فين العريس؟! فترى أمل 35 سنة موظفة وغير متزوجة أن العنوسة أصبحت لفظا قديما عفى عليه الزمن، فالمرأة الآن تستطيع الزواج في أي سن، حتى فوق سن الأربعين طالما هي قادرة على العطاء واهتمامها بأنوثتها وشخصها لم تتغير، فهي امرأة أولا في نظر نفسها ثم في نظر الآخرين أما عن الاكتئاب فهو بمعنى بسيط حمل الهم نتيجة لمسئولية ما أو مشكلة تشغل الذهن، وترى أن المتزوجات لديهنّ من المسئولية مما يسبب ما هو أكثر من اكتئاب من مشكلات المستوى والأولاد وهموم زوج والمعيشة بينما العانسات رحمن من هذه المسئولية.

لا داعي للقلق أما سارة 25 سنة مدرسة فترى أن العنوسة لم تعد عبئا ومصدر قلق كالسابق، فالفتاة طالما مستقلة ماديا ومعنويا فلا داعي لفرض القلق عليها، الذي هو مصدر الاكتئاب الأول ففي السابق كان مصدر القلق من الأسرة هو من سيتحمل مسئولية هذه الفتاة بعد والديها، طالما ليس لها زوج يشاركها حياتها ويكون مسئولا عنها ماديا ومعنويا أما الآن فالفتاة أثبتت نفسها كمنافسة ممكن أن تكون مسئولة عن الرجل ماديا ومعنويا وتستقل ماديا وتعيل أسرة، لذلك لا داعي للقلق عليها ما خفض من حدة مشكلتها وهي العنوسة وبالتالي خفق مصدر قلقها ومرضها النفسي مثل الاكتئاب وغيره.

وتقول هيفاء 30 سنة ممرضة: «إن الاكتئاب ما هو إلا مشكلات نفسية متراكمة من المسئولية والطموح وخيبة الأمل في تحقيق الأهداف، وإذا رأينا الفتاة غير المتزوجة نجدها معفية من مشكلات كثيرا ما تعاني منها نظيرتها المتزوجة، مثل حمل هم الأسرة المادي والمعنوي نظرا إلى غلاء المعيشة وتراكم هموم الحياة عليها». بالإضافة إلى مسئوليتها في تخطيط حياة الأبناء والزوج والعمل على تنظيم مستقبلهم، فضلا عن مسئوليتها كامرأة عاملة في وقت نجد فيه المرأة غير المتزوجة خالية المسئولية، إلا من نفسها وعملها مما يحقق لها الاستقرار النفسي بعيدا عن التوتر والاكتئاب.

غلاء المعيشة أما عن رأي الشباب فيرى صلاح أحمد 35 سنة محام ومتزوج أن مسئولية الزواج ليست بالبسيطة وحمل الأسرة كبير يحتاج إلى نفسية فولاذية وقلب من حديد، فغير المسئولية المادية المرهقة التي لا تنتهي بانتهاء مراسم الزواج بل تبدأ به، فهناك مسئولية معنوية كبيرة تثقل هموم المرأة والرجل علي حد سواء، مثل مستقبل الأبناء وموازنة الأسرة وضروريات الحياة اليومية مع غلاء المعيشة فكلها أشياء محبطة نفسيا لا تؤدي فقط للاكتئاب بل تقود للانتحار السريع، لكن الزوج رب أسرة فالزواج مسئولية قد تؤدي لكل شيء، ولا عازب محسود على راحة باله.

أما محمد السيد طبيب 30 سنة ومتزوج، فيرى العكس تماما أن الزواج استقرار نفسي واجتماعي مهم جدا فالعزوبية مسئولية، كما هو الزواج مسئولية وكلاهما أمر مرهق، لكن يضاف على إرهاق الزواج الاستقرار الأسري الذي يخفف من حدة هذا التوتر والإرهاق بوجود شريك للحياة ليتحمل المسئولية يقتسمها معه فلم تعد المشكلات فردية، بل جماعية ليشارك في حلها طرفان مما يخفف من حدتها وينذر بحلها، فالمشكلات العادية والضغوط النفسية موجودة بالزواج أو من دونه ولن يحلها سوي المشاركة والتعاون بعيدا عن تحمل الضغوط والمشكلات النفسية، بالإضافة إلى الوحدة التي تفسد فرحة أي حياة وتحولها لمشكلة أبدية، لكن بالزواج تقل فرض الاكتئاب بنسبة 50 في المئة. نظرة المجتمع وعن أسباب الاكتئاب المسبب لها الزواج يحدثنا أستاذ الصحة النفسية بجامعة القاهرة سيد عبدالقادر فيقول: «إن الانحرافات والحالات المتزايدة كل يوم من الطلاق والانفصال بين الأزواج أدت لعدم جذب الشباب لفكرة الزواج من بابها، إذ إن أول أهداف الزواج هي المشاركة والشعور النفسي والوجداني بالاستقرار وهو مالا يجده الشاب في نظيره المتزوج فيعزف عن الفكرة تماما مما زاد من حالات الاكتئاب بين المتزوجين وهم غير ملومين على ما يحدث لهم فإن كان الاكتئاب مقترن بالزواج فالزواج مقترن بالهموم.

فالأزمات الاقتصادية التي أدت لارتفاع تكاليف الزواج هذا الارتفاع الفلكي، إذ لا يستطيع خريجو الجامعة الاستقلال الذاتي بأنفسهم فكيف يفكر في بناء أسرة ومنزل وشريكة حياة؟

مما عزف الشباب عن التفكير في الزواج مرهق ماديا ومعنويا ويثقل كاهله بالهموم التي تؤدي به للاكتئاب. أما عن الفتيات فقوة المرأة العصرية أدت لاستقلاليتها، فهي الآن غير معتمدة على الرجل، بل معتمدة على نفسها في كل شئون حياتها، مما جعلها تتخلى عن تحمل مسئوليته، ومسئولية منزل يضج بالمشكلات والهموم وهي متابعة لحالات من الاكتئاب الزوجي والطلاق والخلع وتشريد الأولاد، وأعباء اقتصادية قد تؤدي للإنسان للانتحار وليس فقط للاكتئاب، بالإضافة إلى تطور نظرة المجتمع للفتاة غير المتزوجة، إذ أصبح الزواج اختيار وليس هدفا فهي من يختار أن يستغل قطار الزواج أو تعيش بعيدا عن صخبه ومشكلاته، بالإضافة إلى عدم شعورها بالحرج لعدم الزواج فتخلصت من قطرات اللوم من عائلتها ومجتمعها وبالتالي تضاءلت نسبة احتياجها للرجل، فهي لا استقلاليتها التامة بعيدا عنه، مما يخفف عنها عناء المسئولية الضخمة من صحة وتعليم ومستقبل أبناء ومسئولية أسرة مادية واجتماعية، بالإضافة إلى مسئوليتها كامرأة عاملة ومسئولة عن ماديات أسرية كمشارك فاعل للأسرة لتبعد عن كل هذا بضغوطه النفسية، وأعراضه التي قد يؤدي بها للاكتئاب. تضافر الجهود وتختلف معه في الرأي أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر أمنة نصير قائلة: «إن الاكتئاب الحقيقي يأتي من تفسير الناس لعملية الزواج، فأولياء الأمور يعسروا على شباب اليوم في مطالب الزواج وتكاليفه مما يؤدي لعزوف الشباب عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي الزواج والاقتران بشريك للحياة، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وفطرته لا يقدر على الحياة والعيش بلا تواصل مع آخرين.

الزواج فطرة لكل بني البشر فكيف بها تؤدي لأمراض نفسية مثل الاكتئاب، بل إن العزوف عنها ومخالفة الفطرة هي أساس ومنهج الأمراض النفسية لما في العزوبية من وحدة، وتحمل للمسئولية بشكل فردي وعلاج هذه المشكلة يكون بتضافر جهود الأسرة والمجتمع للدفع بهؤلاء الشباب إلى طريق الزواج السليم بعيدا عن شائعات اقترانه بالأمراض النفسية وعيوبه من دون الإفصاح عن مميزاته.

اضطراب نفسي كما ترى مدرس علم النفس بجامعة القاهرة عفاف أحمد عويس مقولة: إن الزواج مقترن بالاكتئاب ليست صحيحة، فإذا تطرفت غير المتزوجة فهي المعرضة أكثر للاكتئاب لما تشعر به من الوحدة والدونية فلحظات الألم والوجع لديها ليس لها منها متضر ولا مستر، فهي وحيدة تشعر بالاضطراب النفسي والألم كلما رأت مولد طفل جديد يحرك أمومتها ويشعرها بالنقص، فكل فترة حيض تشعرها بمرور الزمن وآلامه النفسية أنها امرأة، وقد فقدت أية فرصة للإنجاب وتحقيق حلم الأمومة فيوم ميلادها هو ذكرى أليمة تذكرها بمرور عام جديد على وحدتها وتنذرها بنفاذ سنوات عمرها وهي وحيدة مما يزيد من فترات وحدتها وشعورها بالتوتر النفسي وبالتالي بالاكتئاب وأعراضه، مما قد يرفع بعض البنات ذات النفسيات الضعيفة والحساسة لما هو أخطر من الاكتئاب من أمراض نفسية معقدة مثلا الفصام والانتحار أو الوقوع في المحرمات والفواحش والعلاقات غير الشرعية بالإضافة إلى أن الزواج ليس لإشباع الحاجات الاقتصادية والمادية فقط لكنه إشباع عاطفي ووجداني لابدّ منه، والمجتمع الشرقي لا يرحم الفتاة غير المتزوجة من نظرات اللوم والإدانة ويعتبرها نشازا، فكيف بنا نزيد من هموم تلك الفتيات بإطلاق شائعات عن الأمراض المسبب لها الزواج من أمراض نفسية واكتئاب، فرفض الفتاة للزواج يجعلها محل أقاويل كثيرة، بالإضافة إلى حرمانها من عاطفة الأمومة وتعطيل لحاجاتها الفسيولوجية مثل الحمل والإنجاب والفتاة المتزوجة متأخرا تشعر بالحرج، فما بالك بغير المتزوجات فمن المعروف أن الحمل بعد الثلاثين يؤدي لتشوهات الأجنة وسرطانات الثدي وأورام الجسم، بالإضافة إلى أن قمة خصوبة المرأة في 25 من عمرها وعاطفة الأمومة لها يمكن تطويعها.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/260359.html