العدد: 68 | الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ
تحذير من الزئبق الذي يتكاثر في الجسم من تنـاول الأسمـاك
الزئبق السام موجود في أطباق الطعام في كل مكان، من الأسماك التي تقدم في أفخم المطاعم، إلى علب الطون التي تشتريها لتأكلها في المنزل. وفي غالبية الأحيان الكمية ضئيلة لا يلاحظها المستهلك، غير ان ذلك لا يعني انها غير مؤذية، فإذا أفرطت في تناولها مرضت.
إن كثرة الزئبق في الطعام تتلف الجهاز العصبي، وخصوصا الدماغ. وإذا أكثرت منه النساء الحوامل والمرضعات أو اللواتي يستعدن للحمل قد يؤذين أطفالهن، فالزئبق يؤثر على مستوى ذكاء الأطفال الصغار والتنسيق والذاكرة. والأطفال الذين لم يتجاوزوا سن السابعة معرضون أكثر لأن أدمغتهم اليافعة مازالت في مرحلة التشكل ولم يكتمل نموها.
ولكن، ما هو الحل؟ وهل يواجه الكبار مخاطر الزئبق أيضا؟
القلق متزايد عند العامة من مثل هذه الأسئلة الموجودة في الخلفية منذ وقت طويل بدأ يحفز المسئولين عن الصحة العامة لإلقاء نظرة جدية أكثر على الزئبق والأضرار التي يسببها.
وتختلف الآراء على مستوى المسئولين الفدراليين حول مستوى التعرض الآمن للزئبق. وليست هناك دراسات طويلة الأمد في أميركا وقد جاءت نتائج بعض الدراسات التي سبق وأن أجريت متناقضة.
فهناك من يقول ان الزئبق الموجود في المأكولات البحرية يشكل خطرا، بل ربما انه أكبر خطر على تطور الأطفال منذ ان اكتشف علماء ان التعرض للرصاص يخفض مؤشر الذكارا (ةر)، وهم يشيرون إلى ان الملوثات التي تنفثها معامل توليد الكهرباء التي تعمل على النفط والفحم تنشر هذا السم على نحو منذر.
وبالمقابل ثمة من يقول ان الخطر مبالغ فيه، وان الأسماك الغنية بالبروتين وأحماض أوميغا - 3 الدهنية المفيدة جدا للقلب جيدة وان فائدتها تطغى على كل المخاوف.
ويقول مركز مراقبة الأمراض والوقاية ان امرأة واحدة من كل عشر نساء (في أميركا) لديها مستويات قد تكون خطرة من الزئبق في دمها. ويندي مورو إحدى هؤلاء النساء.
مورو (40 سنة) أرادت ان تحسن صحتها ولذلك أقبلت على استهلاك الأسماك بنهم: الطون للغذاء وسلطة السلطعون بعد الظهر والسوشي للعشاء. ولكنها كلما أكثرت من أكل الأسماك كلما ازدادت توعكا.
وطيلة سنوات راجعت مورو الأطباء - من أخصائيي الأعصاب إلى أخصائيي الغدد الصماء والأطباء العامين، بل وحتى الأطباء النفسيين الذين طمأنوها على انها ليست مجنونة.
وفي النهاية راجعت مورو، طبيبة الأمراض الداخلية في سان فرنسيسكو جين هايتاور التي أجرت لها عشرات الفحوص من بينها فحص مستوى الزئبق في دمها، فاكتشفت ان ثلاثة أضعاف المستوى السليم والآمن الذي يحدده مركز مراقبة الأمراض الوقائية.
وتقول هايتاور انها تستقبل الكثير من الأشخاص الذين يمرضون بسبب الإكثار من المأكولات البحرية التجارية وبشكل منتظم. وستنشر هايتاور دراسة عن استهلاك المأكولات البحرية ومستوى الزئبق المرتفع عند مرضاها الذين يعاني الكثير منهم من الأعراض كالوهن والإجهاد وآلام المفاصل.
وليس هناك أي شك في أن هؤلاء يعانون من المرض، ولاشك في ان مستوى الزئبق في دمهم مرتفع، ولكن لم تثبت أي دراسة حتى الآن ان الزئبق هو سبب المرض، مع ان هايتاور أشارت إلى ان الأعراض متطابقة مع أعراض التسمم بالزئبق.
آخر إرشادات دائرة الأغذية والأدوية توصي بعدم تناول النساء الحوامل والأطفال الصغار أكثر من وجبتي أسماك في الأسبوع. وتستند التوصية إلى دراسة أجريت في جزر فارو في شمال المحيط الأطلسي بين النروج وايسلندا.
واكتشف الباحثون الذين جاؤا إلى جزر فاروا من جامعة بوسطن ان الأطفال الذي تحتوي أغذية أمهامتهم على لحوم وشحوم الحيتان خلال فترة الحمل يسجلون أدنى العلامات في سلسلة امتحانات مصممة لقياس مستوى الذكاء والتناسق والذاكرة والمهارات المماثلة. والأطفال الذين تعرضوا لكمية مرتفعة من الزئبق كأجنة كانوا معوقين بصورة خاصة على صعيد اللغة والذاكرة والانتباه.
ولكن حتى الأطفال الذين تعرضوا لمستويات متدنية نسبيا متساوية مع الحد الأقصى الموجود في الولايات المتحدة يعانون من بعض الإعاقة.
ومنذ نشر الدراسة في العام 1998 يبذل علماء جامعة روشستر الذين اجروا دراسة جزر السيشل قصارى جهودهم لشرح سبب اختلاف النتائج التي توصلوا إليها عن نتائج باحثي جامعة بوسطن. وقد يكون ان نتائج جزر فارو جاءت مختلفة بسببب وجود مادة ذ في شحوم الحيتان (الباحثون يعرفون ذلك). وربما ان الاختلاف موجود في الطرق التي اعتمدتها الدراسة لقياس نمو الأطفال.
إن الزئبق عنصر يكثر في الطبيعة ويوجد في قشرة الكرة الأرضية وأحيانا يخرج بسبب الانفجارات البركانية وحفر المناجم والاضطرابات الأخرى. والشائع أكثر ان الزئبق يجد طريقه إلى البيئة عندما تحرق معامل توليد الكهرباء النفط والفحم كوقود. وتحمل الأمطار هذا المعدن من الأجواء إلى الأرض ومجاري المياه حيث تستقر ويدخل في طعام العضويات المجهرية التي تحولها إلى مثيل الزئبق. ثم تأكل الأسماك الصغيرة تلك العضويات وتمتص المثيل زئبق، وتصبح بدورها طعاما للأسماك الكبيرة
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/121824.html