دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اليوم الأحد (12 أكتوبر / تشرين الأول 2014) لتجديد الالتزام بتحقيق السلام في الشرق الأوسط وقال إن من الممكن التوصل إلى اتفاق دائم بين الاسرائيليين والفلسطينيين وجميع جيرانهم.
إلا ان فرص استئناف عملية السلام تبدو قاتمة إذ لم يطرح كيري أي تفاصيل محددة بشأن كيفية العودة للمفاوضات وذلك في كلمته أمام مؤتمر إعادة إعمار غزة المنعقد بالقاهرة.
وتعثرت أحدث جولة من محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة في أبريل نيسان -والتي جرت برئاسة كيري- بسبب رفض اسرائيل لاتفاق المصالحة الفلسطيني الذي شمل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) واعتراض الفلسطينيين على استمرار اسرائيل في بناء المستوطنات.
وقال كيري في كلمته أمام مؤتمر القاهرة "يجب ألا يسفر هذا المؤتمر عن الأموال فقط بل عن تجديد التزام الجميع بالعمل من أجل السلام الذي يحقق طموحات الجميع..الاسرائيليين والفلسطينيين وشعوب المنطقة كافة."
واضاف "أتعهد لكم بالتزام كامل من الرئيس (باراك) أوباما ومني شخصيا ومن الولايات المتحدة بمحاولة تحقيق ذلك."
وأعلن كيري عن مساعدات اضافية بقيمة 212 مليون دولار للفلسطينيين في قطاع غزة الذي أصيب باضرار بالغة خلال حرب مع اسرائيل اندلعت في شهري يوليو تموز واغسطس آب وقتل فيها 2100 فلسطيني معظمهم مدنيون.
وتشير التقديرات إلى انه خلال هذه الحرب التي استمرت سبعة أسابيع دمر 18 ألفا من المنازل والمنشآت الحيوية فيما اشارت تقديرات الفلسطينيين للتكلفة الشاملة لاعادة الاعمار الى نحو اربعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات.
وقال وزير خارجية قطر خالد محمد العطية اليوم في كلمة أمام المؤتمر إن بلاده ستساهم بمبلغ مليار دولار في جهود إعادة إعمار قطاع غزة. وقال العطية "في هذا الإطار فإن دولة قطر تعلن عن مساهمتها بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار غزة." وتعهدت كل من الكويت والإمارات بتقديم 200 مليون دولار لجهود إعادة الإعمار.
واعلنت ألمانيا اليوم انها ستساهم بمبلغ 50 مليون يورو (63 مليون دولار) في جهود إعادة إعمار غزة.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير في بيان "لا يمكن ان نسمح بان يغرق سكان غزة في اليأس."
وقال جون كاسون السفير البريطاني لدى مصر لرويترز إن لندن ستقدم 32 مليون دولار لاعادة الاعمار.
وانتهزت مصر -أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان والتي توسطت في الهدنة الحالية بين اسرائيل والفلسطينيين في اغسطس آب الماضي- فرصة انعقاد المؤتمر كي تجدد دعوتها لابرام اتفاق أوسع للسلام في منطقة الشرق الاوسط يرتكز على المبادرة العربية المعلنة عام 2002 والتي رفضتها اسرائيل.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "أثق في أنكم جميعا تشاركونني النداء الي كل أم وأب وكل طفل وشيخ في فلسطين واسرائيل كي نجعل من هذه اللحظة نقطة انطلاق حقيقية لتحقيق السلام الذي يضمن السلام والاستقرار والازدهار ويجعل حلم العيش المشترك حقيقة تلك هي الرؤية التي تضعها المبادرة العربية للسلام الذي نتطلع اليه والذي يحتم علينا ان يكون ميراثنا للاجيال القادمة."
وكانت السعودية قد أطلقت المبادرة العربية للسلام خلال قمة للجامعة العربية في بيروت عام 2002 ونصت المبادرة على الاعتراف الكامل باسرائيل شريطة استعادة جميع الاراضي التي استولت عليها في حرب عام 1967 وموافقتها على "حل عادل" لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته أمام مؤتمر القاهرة إن هذه المبادرة العربية لعام 2002 يمكن ان تمثل إطارا لنهج شامل جديد لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
ورفضت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة المبادرة العربية إلا ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار في الآونة الاخيرة الى الدور الكبير الذي يمكن ان تلعبه الدول العربية المجاورة لاسرائيل في تحقيق السلام.
ولم يبد نتنياهو استعدادا يذكر لتقديم تنازلات للفلسطينيين في أي مسعى جديد لابرام اتفاق للسلام.
واوضح نتنياهو في محادثاته مع اوباما بالبيت الابيض في وقت سابق الشهر الجاري انه يعطي الاولوية لمنع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى من التساهل مع ايران -غريمة اسرائيل في المنطقة- في المحادثات النووية التي دخلت مرحلة حرجة.
واصر نتنياهو على ان طهران المسلحة نوويا يمكن ان تشكل خطرا أكبر من تنظيم "داعش" الذي استولى على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
ورغم ان اسرائيل لا تحضر مؤتمر اعادة اعمار غزة بالقاهرة إلا ان بعض المتحدثين تمسك بان تبذل جهودا أكبر لتغيير الوضع الراهن مع الفلسطينيين الذي قال كثيرون إنه غير قابل للاستمرار.
وقال بان جي مون الامين العام للامم المتحدة أمام المؤتمر "يجب إلا تغيب عن انظارنا... اسباب العمليات القتالية الأخيرة واحتلال معين ظل قائما نحو نصف قرن واستمرار انكار حقوق الفلسطينيين وعدم تحقيق تقدم ملموس في مفاوضات السلام."
وتحضر عشرات الدول مؤتمر اعادة اعمار غزة المنعقد حاليا في القاهرة. وتأمل السلطة الفلسطينية ان تؤدي الخطوات التي تتخذها حكومة المصالحة الفلسطينية الجديدة بشأن تولي الاشراف على قطاع غزة الذي تديره حماس الى تبديد مخاوف الحكومات المانحة الغنية بخصوص تقديم اموال لاعادة الاعمار.
وتعتبر الولايات المتحدة واسرائيل حماس منظمة ارهابية.
ويسعى الفلسطينيون لاقامة دولة تضم الضفة الغربية وقطاع غزة على ان تكون عاصمتها القدس الشرقية. وانسحبت اسرائيل من غزة عام 2005 إلا انها واصلت سياستها الاستيطانية بالضفة الغربية والقدس الشرقية.
إلا ان الرسالة التي وجهها مؤتمر القاهرة كانت في غاية الوضوح : الدول تريد حلا شاملا ودائما ولا تريد ان تواصل اجتماعاتها في مؤتمرات للدول المانحة للمعونة للم الشتات بعد الحرب.
وقال كيري "أي شيء آخر سيكون حلا مؤقتا ليس حلا طويل الأجل...أي شيء آخر سيكون أسير نفاد الصبر وهذا ما وضعنا في الوضع الراهن غير المقبول وغير المستقر."
واندلعت الحرب الاخيرة في يوليو تموز بعد ان اعلنت اسرائيل اصرارها على وضع حد للهجمات الصاروخية عليها من غزة. وعلى الجانب الاسرائيلي قتل 67 جنديا وستة مدنيين.
وهدد الفلسطينيون بالسعى لنيل العضوية في المحكمة الجنائية الدولية كمنبر لاتهام اسرائيل بارتكاب جرائم حرب.
وقال مسئول امريكي إن كيري يعتزم لقاء عباس في القاهرة وسيسعى الى اثنائه عن الاقدام على خطوات دبلوماسية "تزعزع الاستقرار بدرجة بالغة."