العدد 4350 - الإثنين 04 أغسطس 2014م الموافق 08 شوال 1435هـ

جنود إسرائيليون يطلقون النار فيقتلون مدنيين يحاولون الفرار

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس الاثنين (4 أغسطس/ آب 2014) إن القوات الإسرائيلية في بلدة خزاعة بجنوبي قطاع غزة أطلقت النار فقتلت مدنيين في انتهاك ظاهر لقوانين الحرب، في عدة وقائع بين 23 و25 يوليو/ تموز 2014. ويعد الاعتداء العمدي على مدنيين غير مشاركين في القتال من جرائم الحرب.

ووصف سبعة فلسطينيين كانوا قد فروا من خزاعة لـ "هيومن رايتس ووتش" المخاطر الجسيمة التي واجهت المدنيين عند محاولتهم الفرار من البلدة، قرب الحدود الإسرائيلية، التماساً للسلامة في خان يونس. واشتملت تلك المخاطر على القصف المتكرر الذي أصاب منشآت مدنية ظاهرة، وغياب الوصول إلى الرعاية الطبية الأساسية، والتهديد بالاعتداء من جانب القوات الإسرائيلية عندما حاولوا مغادرة المنطقة.

وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن: "متى ستتوافر العدالة للمدنيين في خزاعة الذين عانوا من القصف على مدار أيام، ثم واجهوا اعتداءات مميتة من جانب الجنود الإسرائيليين بعد أن أمروهم بمغادرة البلدة؟"

كانت خزاعة، التي يسكنها قرابة الـ10 آلاف نسمة، مسرحاً للقتال بين قوات إسرائيلية وجماعات فلسطينية مسلحة أثناء الاجتياح البري الإسرائيلي للمنطقة في 23 يوليو/ تموز، بحسب تقارير لوسائل إعلام إخبارية إسرائيلية.

 قدمت القوات الإسرائيلية تحذيرات عمومية لسكان خزاعة بضرورة مغادرة المنطقة قبل 21 يوليو/ تموز. ورغم أن قوانين الحرب تشجع على تقديم "تحذيرات مسبقة فعالة" من الهجمات، إلا أن إخفاق المدنيين في العمل بها لا يجعل منهم هدفاً مشروعاً للهجمات ـ لأسباب جلية، حيث أن الكثيرين لا يهربون بسبب المرض أو الخوف أو غياب مكان يلجأون إليه، أو أي عدد من الأسباب الأخرى. ووجود الباقين من هؤلاء المدنيين رغم التحذيرات بضرورة الفرار هو أمر لا يمكن تجاهله عند تنفيذ الهجمات، كما فعلت قوات إسرائيلية من قبل.

وتابعت سارة ليا ويتسن: "إن تحذير العائلات بضرورة الفرار لا يجعلهم أهدافاً مشروعة لمجرد عجزهم عن الفرار، والاعتداء العمدي عليهم هو جريمة حرب".

وحققت "هيومن رايتس ووتش" في عدة وقائع بين 23 و25 يوليو/ تموز حين قامت قوات إسرائيلية، بحسب سكان محليين، بفتح النار على مدنيين يحاولون الفرار من خزاعة، ولم يكن ثمة وجود لمقاتلين فلسطينيين في ذلك الوقت، ولا كانت تجري معارك بالنيران.

وفي صباح 23 يوليو/ تموز أمرت القوات الإسرائيلية مجموعة من نحو مئة فلسطيني في خزاعة بمغادرة منزل كانوا قد تجمعوا فيه للاحتماء، كما قال أقارب لهم. وكان أول فرد في المجموعة يغادر المنزل، وهو شهيد النجار، قد رفع يديه في الهواء، لكن جندياً إسرائيلياً أطلق عليه النار في الفك، فألحق به إصابة جسيمة.

احتجزت القوات الإسرائيلية الرجال والصبية الذين تجاوزت أعمارهم 15 سنة في منطقة قريبة من نطاق غزة العازل. واستناداً إلى أقوال شهود وتقارير إخبارية، تم أخذ بعضهم إلى إسرائيل للاستجواب. أفرجت القوات الإسرائيلية عن آخرين في اليوم التالي، على دفعات صغيرة منفصلة، وفيما كانت إحدى المجموعات تسير دون سلاح نحو خان يونس، أطلق عليهم جنود إسرائيليون النار فقتلوا أحدهم وجرحوا اثنين آخرين.

وكان رجلان أكبر سناً، احتجزتهما القوات الإسرائيلية لفترة قصيرة قرب الجدار العازل، قد أصيبا بجروح بليغة في القصف الإسرائيلي الأسبق، وتوفيا بعد الإفراج عنهما بقليل كما قال اثنان من الشهود. وتنص قوانين الحرب على ضرورة تزويد المدنيين والمحاربين الجرحى بالرعاية الطبية اللازمة جهد المستطاع وبالسرعة الممكنة.

في واقعة أخرى يوم 23 يوليو/ تموز أطلق جنود إسرائيليون نيرانهم على مجموعة من المدنيين كان قد قيل لهم أن يغادروا منازلهم في خزاعة، فقتلوا محمد النجار، بحسب أحد الشهود.

وهناك حالة تدلل على المخاطر التي تواجه المدنيين سواء بقوا في أماكنهم أو عملوا بالأوامر الإسرائيلية التي تقضي بالمغادرة، ففي 25 يوليو/ تموز تسببت غارة إسرائيلية في قتل 3 مدنيين ـ هم معتصم النجار، 5 سنوات، وكامل النجار، 62 سنة، وسالم قديح، في نحو السبعين ـ كانوا ضمن 120 شخصاً يلتمسون المأوى في قبو أحد المنازل، بحسب شهود.

وأصيب 15 شخصاً آخرين بجروح. ووجد الهلال الأحمر في المحلي صعوبة في الوصول إلى الجرحى جراء القصف في البلدة. وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم 25 يوليو/تموز بتعرض أحد متطوعي الهلال الأحمر لجروح مميتة في هجوم إسرائيلي على خزاعة، وإطلاق النار على متطوعين آخرين حاولوا إنقاذه. بموجب قوانين الحرب، يعد أفراد الفرق الطبية مدنيين لا يجوز استهدافهم بالهجوم.

فر الناجون من الهجوم على القبو في أعقاب الغارة وساروا نحو خان يونس حاملين رايات بيضاء ورافعين الأيدي، حين صادفوا مجموعة من الجنود الإسرائيليين. وأصابت غارة صاروخية إسرائيلية مجموعة منهم فقتلت رجلاً وجرحت قريبه، كما قال قريبه هذا لـ "هيومن رايتس ووتش".

أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع سكان نازحين من خزاعة إلى خان يونس، فقالوا إنهم يعتقدون أن عدة مئات من الأشخاص حوصروا وعجزوا عن مغادرة خزاعة، وأبدوا القلق من بقاء العديد من الجثث تحت الركام بعد القصف الإسرائيلي المكثف.

لم تستطع هيومن رايتس ووتش إجراء أبحاث في خزاعة نفسها، حيث كانت الطرق الأربعة المؤدية إلى البلدة جميعها لا تصلح لعبورها جراء الحفر الكبيرة الناجمة عن القنابل، ولم يتضح ما إذا كانت القوات الإسرائيلية ستسمح لنا بالدخول.

كانت جولات القتال السابقة بين القوات الإسرائيلية وحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة قد أدت إلى إفلات شبه تام من العقاب على الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الرئيس  الفلسطيني محمود عباس التعجيل بالتماس اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة على التراب الفلسطيني وانطلاقا منه، كخطوة نحو تقليص فجوة المحاسبة على الانتهاكات الجسيمة وردع الجرائم المخالفة للقانون الدولي، بحسب "هيومن رايتس ووتش".

وذكرت سارة ليا ويتسن: "يتضرر المدنيون من فظائع الحرب بما يكفي، حتى عند التزام كافة الأطراف بالقانون. لكن المفجع أن تزيد القوات الإسرائيلية الطين بلة بانتهاكها الصارخ لقوانين الحرب الموضوعة من أجل حماية المدنيين".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً