العدد 3975 - الخميس 25 يوليو 2013م الموافق 16 رمضان 1434هـ

قاضي المحكمة الجعفرية بلبنان ومستشار شيخ الأزهر يدعوان لتبني الحوار ونبذ العنف

دعا قاضي المحكمة الجعفرية في لبنان سماحة الشيخ معروف رحال معروف رحال المرجعيات الدينية في أماكن الاضطرابات إلى توجيه أتباعها لنبذ العنف والتطرف والتشدد وعدم التعرض للغير بالأذى لأن في ذلك مجافاة وابتعادا عن سماحة الإسلام في مقاصده.
وقال الشيخ رحال خلال ندوة نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية بعنوان "التسامح الديني في الإسلام" إنه "لعل من أهم أسباب ولادة ظواهر التطرف والعنف هو تحول الأحزاب الدينية عن النهج الذي درج عليه السلف الصالح من الأئمة والعلماء في اعتماد نهج الدعوة والإرشاد إلى نهج آخر يتم من خلاله استغلال الدين للبحث عن السلطة بأي ثمن والوصول إليها".

وأوضح الشيخ رحال أن هناك دعاة يفترض بهم أن يدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة لكنهم تحولوا إلى طلاب سلطة بوسائل غير مشروعة، وقد نصَّبوا أنفسهم دون تفويض من أحد، يصدرون الأحكام في خصومهم دون محاكمة، وفي ذلك تعريض المجتمع لأفدح الخسائر التي تنذر بالسقوط والانهيار.

وأردف قاضي المحكمة الجعفرية بأن أولئك الدعاة شذّوا عن النظام العام وأحدثوا البغضة والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد وهم يقرأون قول الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرَّقوا"، مؤكدا أن "دور الأئمة والعلماء كان ولا زال تعليم الأمة أحكام الشريعة ونشرها، وأما تنفيذ تلك الأحكام فهو متروك للسلطات التنفيذية من باب لزوم نظم الأمر والحفاظ على الأمن العام الذي تحفظ به الحقوق".

وأوضح الشيخ رحال أنه ليس من حق أية جماعة دينية رمي غيرها بتهم الانحراف متجاوزة دور السلطة القائمة، مشيرا إلى جملة أخطاء التي وقعت فيها عدد من الحركات الدينية المعاصرة بدعوى حاكميتها وتنفيذها لأحكام الله متجاوزة بذلك دور السلطة الناظمة للأمور التي لا بد منها لتنظيم مسيرة الأوطان والمجتمعات.

وقال قاضي المحكمة الجعفرية بلبنان إن المقصد من التسامح السياسي هو الصيغة التي تعتمد التساهل في نظم علاقات الشأن العام بين الأفراد والجماعات السياسية، وهذا الصيغة تنبثق عن تعاليم إسلامية تهدف إلى بناء شخصية الانسان المسلم الذي تتكون منه الجماعة والمجتمع، حيث أن من أهدافها قيام تلك الشخصية على أسس من التسامح في مختلف الميادين السياسية وغير السياسية، ومن هنا جاء قول الله تعالى "رحماء بينهم" تعبيرا عن الصورة المثالية التي كان عليها المؤمنون الذين تشرَّفوا بأنهم كانو مع الرسول عليه الصلاة والسلام.

واضاف الشيخ رحال "تاريخنا يحتوي العديد من الصفحات التي تكشف عن منطق الحوار والتسامح الذي اعتمده أئمة العلم في مناقشة الآخرين واستيعاب أفكارهم، وحتى مناقشة الملحدين، عبر التركيز على لغة الفكر والجدل وعدم مواجهة الجماعات المخالفة عسكريا، إلا في حال عرضت سلامة المجتمع للخطر وهددت الأمن والاستقرار".

ودعا الشيخ رحال المسلمين إلى إعطاء السمة البارزة للجماعة المؤمنة بالشراكة الجامعة ليكونوا قدوة يتحذي بها كل المؤمنين، لافتا إلى أن موضوع التسامح شغل حيزا مهما في شريعتنا السمحاء، حيث يجد الباحث في حيث يجد الباحث كثيرا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعوا لإصلاح ذات البين.

وقال "لقد برزت العناية بإصلاح ذات البين من خلال جملة من التشريعات ذات الأبعاد الجامعة بين مكونات المجتمعات المتعددة والمؤلَّفة بين قلوبها، وبها تحققت نعمة الله على تلك الجماعات المتفرقة والمتناحرة والمتصارعة فجمعتهم بعد الاختلاف وأصبحوا بنعمة الله إخوانا.

وتحدث قاضي المحكمة الجعفرية عن عقد المؤاخاة الذي قام به الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة بين قبائل الأوس والخزرج والمهاجرين والأنصار ليجعل من التسامح أساسا لقيام المجتمع الجديد، وتحقيق السلم الأهلي، وتحقق قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة".

واشار الشيخ رحال إلى تعدد الروايات التي جعلت من التعاطف والتسامح منهجا يصون سلامة المجتمع بكل مكوناته الدينية والعرقية واتجاهاته السياسية والثقافية، لافتا إلى أن مفهوم الأُخوُة لا يتحقق إلا حيث يكون التعدد والكثرة، وهذا يعني أن الاختلاف بحسب العادة في الطبائع والأفكار والرغبات وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى الخلاف والنزاع الذي يعصف بالوحدة المطلوبة فيما لو تركت أسباب الخلاف دون علاج.

وأضاف "لذلك عمدت الشريعة إلى إيجاد تشريعات وتوجيهات للمحافظة على هذا الركن الركين الذين يشكل حجز الزاوية، فأمرت بالإصلاح بين الناس والحث عليه واعتبرته في طليعة الأعمال التي يجب القيام بها، وكما جاء في قوله تعالى "إنما المؤمنون اخوة".

وأوضح الشيخ رحال أن المستفاد من النصوص الدينية أن الحوار مع الآخر ونشر ثقافة التسامح والاعتدال في المجتمع ووضع الضوابط لأدب الخلاف يكون بعدم التجاوز على الحقوق والحرمات وبما لا يتنافى مع الحرية الفكرية.

من جانبه دعا مستشار شيخ الأزهر لشؤون الحوار محمود عزب إلى تبني خطاب ديني يفعِّل قيم التسامح السياسي، وقال "لا يمكن فصل التسامح الديني والسياسي عن التسامح الفكري والاجتماعي عموما"، مؤكدا على ضرورة انسجام الخطابين الديني والسياسي مع بعضهما.

وشدد العزب خلال الندوة على أنه من شأن إحلال التسامح أن ينسحب على صورة الإسلام في العالم، حيث يحلم الجميع أن يكون هناك درجة من التماهي بين الإسلام والمسلمين، لا أن تسيء تصرفات بعض المسلمين المتطرفين إلى صورة الإسلام عامة.

ودعا العزب إلى تبني لغة الحوار سبيلا وحيدا لتجاوز الخلافات، وتساءل "كيف ندعي إلى حوار إسلامي مسيحي ونحن لا نتحاور بيننا؟.

وشدد مستشار شيخ الأزهر على ضرورة التفريق بين العمل الوطني والعمل السياسي، لافتا إلى أن الأزهر ينحاز للوطن دائما، وهو ما جعله محل ثقة واحترام جميع الأطراف، وأشار في هذا الصدد إلى إطلاق الأزهر لقناة فضائية خاصة به لنشر قيم التسامح والحوار، مؤكدا أن تلك القناة هي المصدر الحقيقي الصريح للفتوى وتوضيح أمور المسلمين في دينهم.

وقال العزب "أكدنا في الأزهر الشريف على حرية الرأي والتعبير، وحرية العقيدة وحرية البحث العلمي وتبادل المعلومات، وحرية الابداع والفنون والآداب".

وتحدث العزب عن إشكالية المصطلحات، وقال "نحن نعيش مشكلة تميع المفردات، وهناك كثير من الضبابية والخلط عندما تستخدم المصطلحات السياسية وانعكاس ذلك على رجل الشارع ونمط حياته، فكلمات مثل الديموقراطية والعلمانية والاشتراكية نادرا ما يوضع فهمها في سياق نصها التاريخي ليختلف الاستخدام في سياق اختلاف التطبيق.

وأوضح مستشار شيخ الأزهر أنه "أثناء ما يسمى بالربيع العربي أو الإعصار العربي كنا نسمع شارع أناس يتظاهرون مطالبين بالديموقراطية وفي شارع آخر يتظاهر أناس آخرون للتنديد بها معتبرين أنها من رجس الغرب الشيطاني".

وأعرب العزب عن أمله في أن تصب التضحيات والدماء التي سالت فيما سماه "الإعصار العربي بدل الربيع العربي" في تصحيح مسيرة حياة الشعوب العربية والإسلامية، وأن تساهم في تقوية العرب والمسلمين في وجه الأطماع الخارجية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:16 ص

      د ع

      الشيخ رحال : مرحباً بك فـي وطننا البحرين ، لكن أسمح لـي أن أقول لك بأنك لا تعرف إلأ القليل عن الوضع فـي البحرين ، ونحنوا نعرف من جاء بك " إنهم ممن يدعون بأنهم علماء " لكن فـي حقيقة الأمـر أنهم ..........، هل تعرف بأن فـي البحرين أن أغلب ممن ينتسبون إلـى الأمن والدفاع هم من غير أهل البحرين ، هل تعلم بأن التوظيف أصبح عنصـري وطائفـي بإمتياز وغير الكفؤين ، هل تعلم أن توزيع الدوائر مجحف بإمتياز ، هل تعلم بأن مايسمـى مجلس النواب غير كامل الصلاحيات ، هل تعلم بوجود التجنيس لتغيير التركيبة السك

    • زائر 6 | 4:21 ص

      يقول المثل

      الشبعان ما عليه من الجوعان
      المرتاح يهر واللي يتلوى الفقير

    • زائر 5 | 4:17 ص

      زين وبعدين

      كلامك صح بس ليش مافي توظيف الى لفئه واحدة
      اين الاصلاح اين الابواب المفتوحة فوق 12 سنة والابواب غلقت ولم تفتح الى في الجرائد الصفراء ويتسرب الهواء البارد من المنزل

    • زائر 3 | 4:02 ص

      شكرا

      شكرا للعلماء الافاضل ، وجود التكفيرين والمفخخين في شتي بقاع العالم يتطلب من علمائنا التركيز عنده وسن فتاوي واضحه من دون لف ودوران عن هذه الضاهره الدخيله علي مجتمعنا ، ونحن والحمد لله مع الخط المحمدي لن نفترق عن اي طائفه من الطوائف الكريمه ، وسيبقي علمائنا الافاضل يحثوننا بالمطالبه بحقوقنا من غير ان نأخذ حقوق غيرنا

    • زائر 2 | 3:51 ص

      ولد الديره

      نشكر الشيخ علئ حثه لقوات الامن ترك العنف ضد المتظاهرين ،اما الشعب ليس لديه مايسمئ وان كانه الحجاره هدا لايسمئ عنف ،العنف هو الشوزن ضرب المتضاهرين ف الشوارع كما يضهر ف الفيديوات اقتحام المنازل بدون استئدان ف اواخر اليل هدا هو العنف بعيه اما عنف من الشعب لايوجد واما قصص التفجير التي ليس لها دليل قوي يدينها الكل ان وجدت بالفعل نحن مع السلم مع الوفاق والحركات السلميه

    • زائر 4 زائر 2 | 4:17 ص

      فعلا

      علي الدوله التوقف عن العنف ضد الشعب المسالم
      والعدل والمساواة هي مطلب الشعب

    • زائر 1 | 3:49 ص

      أسباب التطرف

      اعتقد غياب العدل والمساواة وعدم تطبيق القانون وافقار الناس هي من اهم أسباب التطرف

    • زائر 7 زائر 1 | 5:22 ص

      رووووووووووووح يبه روح

      اي والله افقار الناس محد فاقر نفسه الا انتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتت

اقرأ ايضاً