تدور في بعض الأوساط فكرة إجراء انتخابات أولية بين عدد من المترشحين ضمن الدائرة الواحدة لكي يتم تقليل الخسائر التي قد يمنى بها أتباع الاتجاه السياسي المعني. الانتخابات الأولية معروفة ومقبولة في بعض الأوساط، ومرفوضة في أوساط أخرى، وأعتقد أنه بالإمكان أن تكون مقبولة في البحرين، ولكن ضمن شروط.
فالانتخابات الأولية معمول بها في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يقوم كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بإجراء انتخابات داخلية لتحديد الشخص الذي سيتم طرحه لاحقاً على الناخبين. وبعد إجراء التصفيات ضمن معادلة سياسية مقبولة، تتوحد صفوف الحزب خلف المترشح.
لكن الانتخابات الأولية رفضتها القوى التقدمية في الكويت؛ ففي الكويت تقوم قبيلة ما (أو طائفة ما) بإجراء انتخابات أولية، ومن ثم تتفق على مرشحها وتتوحد خلفه. والكويتيون المعارضون لهذا النهج محقون، لأن الانتخابات من هذا النوع تجرى على أساس رجعي (الانتماء للقبيلة)، وهذا الانتماء مغلق، وهو موروث ولا يستطيع أحد من خارج القبيلة الدخول ضمنه. بمعنى آخر، فإنه انتماء محدود بفئة ما ويتم تغليبه على الانتماء للوطن.
أما في الحال الأميركية، فإن الانتماء للحزب يعتمد على الأفكار، والأفكار ليست وراثية (العلم لا يورث). فقد تجد شخصاً ما ينتمي إلى الحزب الديمقراطي بينما يكون أخوه ينتمي، مثلاً، إلى الحزب الجمهوري. وبما أن الانتماء إلى الأفكار يقع ضمن دائرة منفتحة، فإنها (أي الأفكار) يمكن أن تنمي وطناً يجمع مختلف الأصناف من الناس. فالانتماء للوطن - في مجال العمل السياسي - أهم من القبيلة وأهم من الطائفة وأهم من الإثنية، ومن يتصدى للعمل الوطني العام يجب أن يكون منفتحاً على الجميع، منهم وإليهم، ويخضع إلى ما يخضعون إليه من حكم للقانون وواجبات وحقوق.
في البحرين... حالنا أفضل بقليل من الكويت، لأن القانون البحريني أفسح المجال لتشكيل جمعيات سياسية تعتمد مبادئ العمل السياسي القائم على المواطنة. وعلى رغم تلون الجمعيات السياسية بألوان طائفية، فإنها جميعاً تخضع لقانون لا يعترف بالطائفية أو القبلية أو الاثنية... وعليه، فبالإمكان تطوير الحال (مستقبلاً) إلى تشكيل أحزاب وطنية مفتوحة للجميع. ومن هذا المنطلق، فإن الانتخابات الأولية ضمن اتجاه هذه الجمعية السياسية أو تلك ليس مضراً في حال تم الالتزام بمفهوم الانتماء المفتوح على الوطن كله
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1507 - السبت 21 أكتوبر 2006م الموافق 28 رمضان 1427هـ