العدد 3416 - الجمعة 13 يناير 2012م الموافق 19 صفر 1433هـ

تونس تحتفل بالذكرى الأولى لثورتها التي هزّت العالم العربي

الرئيس التونسي مستقبلاً رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي في تونس
الرئيس التونسي مستقبلاً رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي في تونس

تحتفل تونس اليوم السبت (14 يناير/ كانون الثاني 2011) بالذكرى الأولى لانتصار ثورتها التي أشعلت شرارة الربيع العربي، بمشاركة قادة عرب، كان في مقدمتهم أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي وصل أمس (الجمعة) إلى العاصمة التونسية.

وقد فرّ الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية ليكون أول حاكم عربي يطيح به شعبه. وبعد عام من ذلك أصبح بن علي من الماضي في تونس التي تواجه اليوم تحديات اجتماعية وديمقراطية كبيرة.

ويتوقع أن يحضر العديد من القادة العرب للمشاركة في الاحتفالات بالذكرى الأولى لسقوط بن علي وانطلاق «الربيع العربي». ومن أبرز المدعوين الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وأمير قطر ورئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبدالجليل. وأعلن المتحدث باسم الحكومة، سمير ديلو أيضاً حضور ممثلين للمغرب والإمارات والبحرين والكويت والسلطات الفلسطينية في الاحتفال الرسمي بقصر المؤتمرات في تونس.

وأعلن مصدر في وزارة العدل التونسية أمس أن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي سيصدر اليوم عفواً عن أكثر من ألف سجين. وأضاف المصدر أن الأولوية في العفو ستمنح للأشخاص المسنين والمراهقين، موضحاً أن العديد من المساجين الآخرين سيتم خفض العقوبات الصادرة بحقهم.


قادة عرب يشاركون في ذكرى رحيل بن علي

التونسيون يحيون الذكرى الأولى لثورتهم وسط تحديات كثيرة

تونس - أ ف ب

في 14 يناير/ كانون الثاني 2011 فر الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية ليكون أول حاكم عربي يطيح به شعبه. وبعد عام من ذلك أصبح بن علي من الماضي في تونس التي تواجه اليوم تحديات اجتماعية وديمقراطية كبيرة.

«بن علي... لقد دخل التاريخ من الباب الصغير وطويت الصفحة، يجب النظر الى المستقبل» تقول سهى وهي محاسبة (48 عاماً). وعلى غرار سهى يهز معظم التونسيين أكتافهم علامة على اللامبالاة لدى سؤالهم عن الرئيس المخلوع بن علي الذي روع البلاد وعاث فيها فساداً لأكثر من عقدين.

والرئيس المخلوع الذي فر بشكل مهين من تونس في ملابسات لم يتم تحديدها بدقة حتى الآن، لجأ مع زوجته ليلى الطرابلسي الى السعودية. وهما يعيشان في جدة حيث «يقبلان بشكل أكبر على التدين» وحيث يكتب بن علي مذكراته، بحسب مقربين منهما.

ويبدو التونسيون غير مبالين بهما وحتى إن كانوا يرغبون في رؤية العصابة تحاكم يوماً ما في تونس فإن أحداً لم يعد يتحدث عنهما في البلاد.

ويقول الحقوقي، عياض بن عاشور «بن علي مثل صدمة وكان موضع اشمئزاز سياسي. لم يعد يشكل خطراً. أما نظامه فإن صفحته لم تطوَ بعد والطريق لا يزال طويلاً».

ويوضح أن «الرذائل» التي اتسم بها نظام بن علي وأدت إلى الإطاحة به لا تزال قائمة وهي الفساد والبطالة وقصور التجربة الديمقراطية.

ولقد ظهرت البطالة التي كانت تخفيها «المعجزة الاقتصادية» إلى العيان وتبين أنها تنخر مناطق بأكملها في البلاد. وتبلغ نسبة البطالة وطنياً 19 في المئة لكن هذه النسبة يمكن أن تصل إلى 50 في المئة في المناطق الداخلية التي ظلت مهمشة لعقود.

ويشير الخبير الاقتصادي، محمود بن رمضان إلى أن حالات محاولات الانتحار حرقاً الأخيرة في تونس ذات الرمزية في بلد اندلعت شرارة ثورته بعملية انتحار حرقاً، «تظهر عمق قلق الناس».

كما أظهر الاستقبال الصاخب للرئيس محمد المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء حمادي الجبالي قبل أيام في القصرين المدينة الرمز للثورة، غضب مناطق الداخل التونسي وعدم منحها فترة سماح للسلطات الجديدة.

والآفة الأخرى التي تعاني منها البلاد هي الفساد الذي يواصل نخر الاقتصاد التونسي.

وبحسب ترتيب مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية فإن تونس قد تراجعت بين 2010 و2011 من المرتبة 59 إلى المرتبة 73 ضمن 183 بلداً.

ويقول سامي الرمادي رئيس جمعية احدثت بعد الثورة «الفساد متواصل بوتيرة خارقة للعادة» مندداً بـ «عدم تحرك» السلطات التونسية منذ عام.

وأشار إلى صعوبة الحصول على معلومات بشأن طلبات العروض في الإدارة وعشرات الشكاوى التي تلقتها جمعيته بشأن الفساد في الجمارك.

ويكمن الخطر الثالث في تونس في نقص التجربة الديمقراطية. ويقول أحد الشباب يعمل في القطاع التجاري «بن علي رحل لكن باقي العصابة لا يزال موجوداً».

ويقول استاذ علم الاجتاع في الجامعة التونسية، سالم لبيض إن أغلب ناشطي الحزب الحاكم السابق ورموز نظام بن علي «اندمجوا في تشكيلات سياسية أخرى باستثناء تشكيلات أقصى اليسار والقوميين العرب» ويضيف «هذا أمر حتمي لكنه يلقي بظلال من الشك على تجذر النظام الديمقراطي الحيوي للتنمية ولمستقبل البلاد».

من جانب آخر، يتوقع أن يحضر العديد من القادة العرب بمن فيهم أمير قطر البلد القريب من حركة النهضة الإسلامية، للمشاركة في الاحتفالات اليوم (السبت) بالذكرى الأولى لسقوط بن علي وانطلاق «الربيع العربي».

ومن أبرز المدعوين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة، سمير ديلو أيضاً حضور ممثلين للمغرب والإمارات والبحرين والكويت والسلطات الفلسطينية في الاحتفال الرسمي بقصر المؤتمرات في تونس.

ووصل أبرز الضيوف، الأمير حمد بن خليفة آل ثاني ظهر الجمعة، وسيتم توقيع تسع مذكرات تفاهم بين البلدين في قطاعات تكرير النفط والكهرباء والتعاون المصرفي في دلالة على تنامي أهمية العلاقات بين البلدين.

ومن أبرز المدعوين الآخرين رئيسا الجزائر وليبيا جارتي تونس الاستراتيجيتين بالنسبة إلى اقتصادها واستقرارها.

وسيشارك مدعوو تونس اليوم (السبت) في حفل بقصر المؤتمرات يتحدث فيه الرئيس المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر.

وفي موازاة الاحتفالات الرسمية وجهت عبر الشبكات الاجتماعية نداءات للتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة، رمز الثورة التونسية، فضلاً عن فعاليات فنية في ذلك الشارع «إحياء للحظة ارحل!».


تونس من الانتفاضة إلى الإطاحة ببن علي

تونس - أ ف ب

في ما يلي أبرز المحطات للانتفاضة في تونس التي طردت قبل عام الرئيس زين العابدين بن علي من السلطة بعد 23 عاماً قضاها في الحكم، وأعطت إشارة انطلاق الثورات العربية:

- 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010: البائع المتجول الشاب محمد البوعزيزي (26 عاماً) يضرم النار في جسده في مدينة سيدي بوزيد (وسط غربي) احتجاجاً على إهانته المتكررة من الشرطة البلدية، ما أدى إلى اندلاع حركة احتجاج ضد البطالة وغلاء المعيشة. صدامات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين وبداية حملة اعتقالات.

- 3 إلى 10 يناير/ كانون الثاني 2011: اتساع التظاهرات لتشمل خصوصاً الرقاب ومنزل بوزيان في ولاية سيدي بوزيد وتالة والقصرين (وسط غربي) وقمعها بشكل دام.

- 4 يناير 2011 وفاة البوعزيزي متاثراً بحروقه.

- 11-12 يناير 2011: تواصل اتساع التظاهرات وقمعها الدامي في العديد من المدن في الجنوب والشمال والوسط وإضرابات نقابية عامة في عدد من الجهات وخصوصاً ولاية صفاقس ثاني أكبر ولايات البلاد. سقوط عشرات القتلى. وإقالة وزير الداخلية رفيق بالحاج قاسم وإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول ليلاً في منطقة تونس الكبرى.

- 13 يناير 2011: بن علي يتعهد في ثالث خطاب له منذ بدء الاحتجاجات بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 2014 ويأمر بوقف إطلاق النار على المتظاهرين ويعلن تشكيل «لجنة وطنية تترأسها شخصية وطنية مستقلة لها الصدقية» لدى كل الأطراف السياسيين والاجتماعيين للنظر في «مراجعة المجلة الانتخابية ومجلة الصحافة وقانون الجمعيات وغيرها» من النصوص المنظمة للحياة السياسية في تونس كما أعلن حرية الإعلام والإنترنت. أنصار حزبه الحاكم يتظاهرون في العاصمة تأييداً لقرارات بن علي.

- 14 يناير 2011 : آلاف التونسيين في العاصمة والعديد من المدن التونسية ينزلون إلى الشوارع للمطالبة برحيل بن علي تجسد بالخصوص في الشارع الرئيسي للعاصمة.

وبن علي يفر إلى السعودية ليكون أول حاكم عربي يطاح به تحت ضغط الشارع، ورئيس وزراء بن علي محمد الغنوشي يتولى الرئاسة بالنيابة باعتبار «شغور وقتي» في منصب الرئيس.

عمليات تدمير ونهب في العاصمة التونسية وضواحيها طالت بالخصوص أملاك اسرة بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي.

سقط في الانتفاضة نحو 300 قتيل و700 جريح بحسب الأمم المتحدة إضافة إلى مئات الاعتقالات.


ضحايا بن علي يشعرون بالمرارة بعد عام من فراره

تونس - أ ف ب

بعد عام من الإطاحة ببن علي تملكت مشاعر المرارة وزوال الأوهام بعض التونسيين من الذين دفعوا ثمناً باهظاً للثورة ويقول أحدهم «أنا آسف جداً للمشاركة في التظاهرات (..) لقد خاطرت بحياتي لأجل لاشيء».

وحاول بن علي الذي كان واجه منذ ديسمبر/ كانون الأول 2010 تظاهرات تزايدت حدتها شيئاً فشيئاً، سحق الاحتجاجات بالقمع الدامي قبل فراره في 14 يناير/ كانون الثاني 2011 مع زوجته وبعض أقاربه الى السعودية.

وبحسب حصيلة للأمم المتحدة فقد قتل 300 تونسي وأصيب 700 آخرون بجروح في انتفاضة ديسمبر ويناير.

وصرخ بشير حباشي (21 عاماً) الذي أصيب برصاصة في ساقه اليسرى وأصبح مصاباً بالسكري أيضاً «لقد آمنت بتونس ديمقراطية لكني خاطرت بحياتي من أجل لاشيء».

وأضاف «ليست هناك كرامة ولا اعتراف بالجميل وأنا آسف لأني لم أبقَ في منزلي لمتابعة الأخبار عبر التلفزيون مثل معظم التونسيين».

ويضع بشير كيساً صغيراً تحت ثيابه يحتوي على أبرة انسولين وقطع سكر.

ويقول بحنق «هكذا أصبحت حياتي (..) مهمش وسط غياب إرادة حقيقية للحكومة لتكريم الفاعلين الحقيقيين في الثورة».

ويقول جريح آخر هو نجم الدين الناوي (23 عاماً) غاضباً «لا نريد أن نعامل مثل الشحاذين ولن تطفىئ غضبنا وآلامنا خطابات جوفاء أو بطاقات معاقين».

وستصرف الحكومة الجديدة بداية من 16 يناير الجاري قسطاً ثانياً من التعويضات لأسر «الشهداء» وستوفر العلاج المجاني والنقل المجاني للجرحى.

وكانت الدولة دفعت 20 ألف دينار تونسي (عشرة آلاف يورو) لكل أسرة من أسر القتلى خلال الثورة وثلاثة آلاف دينار (1500 يورو) لكل جريح.

وتقول لمياء فرحاني رئيسة جمعية اسر شهداء وجرحى الثورة التونسية وشقيقة «شهيد» قتل يوم 13 يناير 2011 «إن هذا المبلغ يكفي بالكاد للعلاج».

ولم تنشر لجنة التحقيق التي أقيمت بعد الثورة حتى الآن لائحة الضحايا. وتتساءل فرحاني عن سبب ذلك.

وتضيف «لا يمكننا الاحتفال بـ 14 كانون يناير قبل الحصول على حقوقنا واعتراف الحكومة بالأبطال».

وهي تطالب خصوصاً بمحاكمة القتلة ومن أصدر أوامر القتل وبمحاكمات حقيقية في الوقت الذي حوكم فيه بن علي غيابيا ثلاث مرات في قضايا سريعة.

ومن ضحايا نظام بن علي أيضاً اشخاص تم تحطيمهم نفسياً ومادياً ومنهم محمد البوصيري البوعبدلي.

وكان أسس مع زوجته اول مؤسسة للتعليم العالي الخاص هي الجامعة الحرة بتونس ومعهد لوي باستور ومؤسسة تضم مدرسة إعدادية وأخرى ابتدائية. لكن بداية من 2004 بدأ التنكيل بهما من قبل نظام بن علي ما أجبرهما على غلق المؤسسات. وكانت الضربة القاضية التي تلقوها تمت إثر تأسيس ليلى بن علي مدرسة قرطاج الدولية.

ويقول البوعبدلي «لقد تضررنا نفسياً وخسرنا 35 مليون دينار (18 مليون يورو)» متذكراً مضايقات الأمن ومراقبة رسائلهما الالكترونية واتصالاتهما الهاتفية.

وتقول زوجته الفرنسية مادلين «لا يمكنني أبداً أن أسامح بن علي».

وتقدم البوعبدلي بملف إلى لجنة تقصي الحقائق في قضايا الرشوة والفساد التي تاسست في فبراير 2011 بهدف التعويض للأشخاص الذين تعرضوا للسلب من النظام السابق. ولم تظهر حتى الآن نتائج التحقيق.

وتقول فرحاني «لقد أصبح بن علي من الماضي لكن جروحنا تبقى غائرة»، مضيفة «أن يوم 14 يناير لا يمكن أن يكون عندي إلا يوم حزن وألم»

العدد 3416 - الجمعة 13 يناير 2012م الموافق 19 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:44 ص

      تهنئة

      بعد إن أتقدم بأحر التهاني وأطيب الأمنيات لكل الشعب التونسي ،أقول : إن الذي وصل الشعب التونسي البطل إلى تحقيقه كلفه غاليا ، وهو مكسب ليس له وحده ، إنما هو لكل الشعوب المغلوبة على أمرها ، الشعوب التي رزحت ولا تزال ترزح تحت وطأة أقدام طغاتها المتجبرين ، هذه الشعوب التي عليها أن تتعلم قولة لا ! لكل ظالم ،وأن تتعلم أن الهوان ليس قدرا مقدورا عليها ، وإنما كما قيل : من يهن يسهل الهوان عليه *** ما لجرح بميت إيلام
      هذا مكسب عضو عليه بالنواجذ واعملوا من أجل ترسيخه
      المسيلة15 1 2011م

اقرأ ايضاً