العدد 3259 - الثلثاء 09 أغسطس 2011م الموافق 09 رمضان 1432هـ

خليل: التياران الليبرالي والإسلامي لن ينجحا إذا انفصلا... ولا استقالات بـ «الوفاق»

اعتبر «الحوار» جولة أولى لتهدئة الخواطر وأكد الحاجة لجولة أخرى

اعتبر القيادي في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية رئيس كتلة الوفاق المستقيلة من مجلس النواب عبدالجليل خليل أن انفصال التيارين الليبرالي والإسلامي يعني عدم نجاح أيٍّ من التيارين في عمله السياسي، نافياً في الوقت نفسه ما تردد عن وجود استقالات في جمعية الوفاق بشأن تباين الموقف من الأحداث الأخيرة.

وفي مقابلة له مع «الوسط»، وصف خليل «حوار التوافق الوطني» بمثابة الجولة الأولى في تهدئة الخواطر، غير أنه أكد الحاجة لجولة أخرى تركز على الملف السياسي.

وأشار خليل إلى أن توصيات الحوار المتعلقة بملف أملاك الدولة بحاجة لآلية تنفيذ، غير أنه نفى إرجاع أيٍّ من العقارات التي كشفت لجنة التحقيق البرلمانية التي كان يرأسها في الفصل التشريعي الثاني، أنه تم التعدي عليها.

وفيما يأتي نص المقابلة مع خليل:

بعد مرور نحو أكثر من أربعة أشهر على قبول استقالتكم من مجلس النواب، ألا ترى أن هذا القرار كان مستعجلاً نوعاً ما؟

- بعد أحداث 14 فبراير/ شباط الماضي، وسقوط مواطنين اثنين في مسيرات سلمية، قمنا بمرحلة احتجاج وعلَّقنا عضويتنا في مجلس النواب، لأننا قمنا حينها بالاتصال مع مختلف الأطراف الرسمية لمحاولة احتواء الأزمة ولكن كانت جميع الأبواب موصدة، ولذلك علَّقنا عضويتنا لفتح المجال للنقاش مع القيادة السياسية، وبعد إخلاء الدوار في المرة الثانية، وسقوط عدد من القتلى والجرحى، فوجئنا أن الأبواب لم تكن مفتوحة للاتصال مع أكبر كتلة برلمانية، وفي ظل تغليب استخدام الحل العسكري، في اعتقادي كان موقفنا بالاستقالة سليماً، وخصوصاً في ظل المظاهرات السلمية المطالبة بإصلاحات سياسية حقيقية تبدأ من توسيع صلاحية مجلس النواب.

ببساطة وجدنا في ظل حركة الجماهير البحرينية، أنه لا مناصّ من تعديل المعادلة السياسية القائمة، وأن يكون هناك مجلس منتخب له كامل الصلاحيات لا يشاركه فيه أي مجلس معين آخر، وحكومة قابلة للمحاسبة تعبر عن الإرادة الشعبية، إما بالانتخاب أو بالمصادقة عبر مجلس منتخب.

هل تنفي بذلك أي ضغوط من الشارع دفعتكم للاستقالة؟

- سأضعها في هذا السياق، نواب كتلة الوفاق تم انتخابهم من قبل جماهير عريضة بلغت نسبتها 64 في المئة من الناخبين، وهي نفس الجماهير التي خرجت تطالب بإصلاح حقيقي، وبعد سقوط قتلى تشكَّلَ رأيٌ ضاغط جماهيري يطالب بالاستقالة، وبالتالي كان لابد من دراسته وفق الظروف الموضوعية آنذاك، فالنائب لديه وكالة من الناخبين الذين طالبوه بالاستقالة.

كما إن قرار الاستقالة لم يستجب فقط لضغوط الشارع، وإنما كانت له دراسة لمختلف العوامل التي دخلت ضمن نسيج الظروف التي ذكرتُها سابقاً، ولبّ المشكلة كان في كيفية البقاء في المجلس بحيث لا يؤخذ لنا ككتلة رأي في الأزمة ولا يُسمع لنا صوت، مع استمرار الأحداث وتساقط الضحايا، كل ذلك اضطرنا بعد تعليق عضويتنا في المجلس للاستقالة.

هل كنتم تتوقعون موافقة بقية الكتل على استقالتكم؟

- نعم، وخصوصاً في ظل تلك الظروف، ومع وجود شحن طائفي من بعض الأطراف، والذي أكره الحديث فيه، على الرغم من أن البحرين كانت بلد تنوع وتعدد ولم يكن فيها خلاف سني شيعي أبداً.

كيف تلخص الأزمة التي مرت بها البحرين؟

- في تقديري أن أفضل إجابة على هذا السؤال، أن الأزمة لم تكن طائفية بين مكونات الشعب البحريني، وإنما كانت أزمة سياسية بامتياز تراكمت عبر المنعطفات التاريخية وانفجرت أخيراً، وبالتالي إذا أردت أن ألخص سبب الأزمة، فلا أجد عبارة أكثر دقة وأصدق تعبير عن سبب الأزمة إلا وثيقة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة التي لخصت أسباب الأزمة في المبادئ السبعة المتمثلة في الحاجة لحكومة تمثل إرادة الشعب، ومجلس منتخب كامل الصلاحيات، ودوائر انتخابية عادلة (صوت لكل مواطن)، والتجنيس، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وأملاك الدولة، ومعالجة الاحتقان الطائفي.

وهذا يبين أن معالجة الاحتقان الطائفي جاءت في المرتبة الأخيرة في تقييم سمو ولي العهد للأزمة، بينما جاءت الحاجة لحكومة تعبر عن الإرادة الشعبية على سلم الأولويات، وباعتقادي أن هذه هي الوثيقة التاريخية التي صدرت في 3 مارس/ آذار 2011 كانت خارطة لحل الأزمة حلاً جذرياً في البحرين.

حوار التوافق الوطني خرج بـ 291 توصية، وهي التوصيات التي انتقدتموها في الجمعية، ولكن ألا ترى أن من بين هذه التوصيات التي خرجت ما يتناول المبادئ التي طرحها ولي العهد؟

- الحوار كان قاطرة للخروج بالبحرين من الأزمة التي عصفت بها، لكنه الحوار الذي ينبغي أن يكون جادّاً ومستوعباً للقضايا أو المبادئ السبعة التي طرحها ولي العهد، وفي تقديري أن الحوار الذي تمّ غير ناجح لعدة أمور، أولاً أن السلطة لم تكن ممثلة فيه، وإلى الآن لم نعرف لماذا لم يتولَّ سمو ولي العهد إدارة الحوار وهو الذي شخَّص الأزمة وطلب المرئيات من الجمعيات السياسية.

كما إن التمثيل لم يكن عادلاً في طاولة الحوار، إذ أعطيت الجمعيات المعارضة نسبة هامشية حتى لا يكون لها صوت مؤثر ومسموع، ناهيك عن إغراق الحوار بملفات هامشية لا تتعلق بسبب الأزمة وهي الملفات السياسية، وغياب آلية واضحة لإدارة الحوار ومناقشة أسباب الأزمة.

وحتى آلية حسم المرئيات كانت تدار بطريقة تؤدي إلى تهميش مطالب المعارضة، ولم تكن هناك آلية واضحة لحسم أو حتى لمعرفة نتائج الحوار، فإلى الآن لا ندري ما هي المرئيات أو المطالب التي تم التوافق عليها ورفعت لجلالة الملك للتنفيذ.

وأنا أرى أن الحوار لم يكن ناجحاً لأن المعيار الحقيقي في نظري لنجاح الحوار يكمن فيما حققته من المبادئ السبعة التي طرحتها وثيقة ولي العهد، فلم يخرج الحوار بموافقة على الحاجة لحكومة تعبر عن الإرادة الشعبية ولا مجلس منتخب له كامل الصلاحيات، ولا دوائر عادلة، ولم يعالج حتى أزمة التجنيس ومحاربة الفساد المالي وأملاك الدولة.

فمثلاً من توصيات الحوار الإبقاء على نظام المجلسين، وهو عكس ما يطالب به الناس، وحتى في موضوع الحكومة، لم يخرج الحوار بصورة واضحة تعبر عن الإرادة الشعبية، بل غير ما تم التوافق عليه داخل أروقة الحوار، وخرج بعبارة تخييرية، وهي أنه (تم التوافق على رفع مرئيتي عرض الحكومة على مجلس النواب لنيل الثقة بضوابط تمنع المحاصصة والتعطيل أو عرض برنامج الحكومة على مجلس النواب لنيل الثقة بضوابط تمنع المحاصصة)، والفرق بين الأمرين كبير جداً.

وفي الدوائر الانتخابية، خرجت التوصية بأنه تم التوافق على إعادة النظر في الدوائر الانتخابية لتكون أكثر عدلاً، ولكن لم يتم تحديد الآلية، وفي التوصية التي لم يتم التوافق عليها إلغاء مراكز التصويت العامة.

وحتى في ملف التجنيس الذي كان ملفاً حساساً منذ أعوام، وطُرح ضمن المبادئ التي طرحها ولي العهد، وأقصد التجنيس غير القانوني، ما الذي خرج به حوار التوافق بشأنه؟، توصيتين تتمثلان بالتوافق على منح الجنسية لأبناء البحرينية المتزوجة بأجنبي بضوابط، وعدم التوافق على تجنيس أصحاب رؤوس الأموال من العاملين في البحرين) فقط، فهل هذه فعلاً معالجة جادة لمثل هذا الملف الحساس؟

قانون الجنسية للعام 1963 يشير بوضوح إلى الشروط التي يجب أن تتوافر لمن يستحق الجنسية، ومنها شرط الإقامة في البحرين 15 عاماً للعربي و25 عاماً للأجنبي، وأن يجيد اللغة العربية معرفة كافية وحسن الأخلاق.

بينما من يتم تجنيسهم خلافاً للقانون لا تتوافر فيهم هذه الشروط، وهناك وثائق وصور لجوازات أشخاص لا تتوافر فيهم الشروط، قدمتها شخصياً حين كنا نناقش الرد على الخطاب الملكي والذي أشار للحاجة إلى وضع ضوابط لعملية التجنيس.

والسؤال: إذا كانت الحكومة تعتقد أنها تطبق القانون، فلماذا يدار هذا الملف بسرية؟، ولماذا لا تقوم بنشر أسماء الذين يُجنسون في الجريدة الرسمية كما تفعل دولة الكويت؟

وأنا أطالب وزارة الداخلية التي تدّعي أنها جنست 15136 شخصاً فقط في الأعوام العشرة الأخيرة، بنشر الأسماء تطبيقاً لمبدأ الشفافية، حتى ما يشاع الآن من قيام البحرين بتجنيس البدون سيبقى موضع تشكيك طالما لم يُعالج هذا الملف بشفافية.

والمخرج من هذا الملف هو وقف التجنيس وتشكيل لجنة وطنية لمعالجته، ويجب التأكيد على أن خلافنا ليس مع الذين جُنِّسوا تجنيساً طبقاً للقانون أو حتى مع الذين جُنِّسوا عشوائياً وسياسياً، فالمشكلة يتحملها من قام بتجنيسهم خلافاً للقانون.

وهذا الملف له علاقة أيضاً بالثقة في العمالة الوطنية، ففي 13 مارس الماضي أعلنت وزارة الداخلية عن الحاجة لتوظيف 20 ألف وظيفة في الوزارة، فما مصير هذه الوظائف، ونخشى أن يتم شغر هذه الوظائف من أجانب على حساب المواطنين.

وبالتالي فإن حوار التوافق الوطني افتقر لآلية واضحة لتحديد ما تم التوافق عليه والموضوعات التي لم يتم التوافق عليها، فالموضوع يُطرح للنقاش ثم يخرج مدير الجلسة ويقول هذه الموضوعات تم التوافق عليها وتلك الموضوعات لم يتم التوافق عليها، من دون الاعتماد على آلية التصويت، على الرغم من أن المعارضة مهمشة والنتيجة محسومة.

ولكن كان من بين توصيات الحوار «إعادة الأراضي الشاسعة والسواحل لملكية الدولة، وإصدار تشريعات لتنظيم وإدارة أملاك الدولة بما يضمن حمايتها وكفاءة استغلالها والرقابة عليها مع حصرها ونشرها ضمن قاعدة معلومات جغرافية شاملة، وإخضاع تأجيرها لنظام المزايدات»، ألا ترى أن هذه التوصية تصب في نفس توجّهكم في لجنة التحقيق البرلمانية السابقة بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة؟

- على الرغم من أن المتحاورين تبنوا نفس التوصية التي جاءت في تقرير اللجنة الصادر في أبريل/ نيسان 2010، لكنها جاءت من دون آلية تنفيذية واضحة، وفي تقديري إذا لم تكن هناك إرادة جادة فالتوصية ستبقى حبراً على ورق.

فبعد صدور تقريرنا البرلماني، شكلت الحكومة لجنة لدراسته، انتهت إلى أن كل أملاك الدولة محفوظة ولم يصدر عليها أي تعدٍّ، بينما أثبتنا بالوثائق والأرقام أن هناك 65 كيلومتراً مربعاً تم التعدي عليها، قُدرت آنذاك بـ 15 مليار دينار، وماطلت الدولة ولم يتم إرجاع أي عقار تم التعدي عليه. واليوم نفس الأمر يتكرر، إذ يخرج المتحاورون بتوصية إنشائية تطالب بإعادة الأراضي لملكية الدولة، لكنها ستبقى أيضاً حبراً على ورق طالما أن نتائج الحوار مجرد توصيات تُرفع للسلطة ولها حق الاختيار والقبول والرفض.

فالتعديات بدأت من المحرق إلى الرفاع مروراً بالعاصمة والسنابس وكرانة والدراز، وبعد 16 شهراً من صدور تقريرنا لم يتم إرجاع ساحل السنابس لأهله، ولا مشروع كرانة الإسكاني، ولا الأراضي المحيطة بالمدينة لشمالية التي قُدّرت مساحتها بـ 35 كيلومتراً مربعاً، ولا منطقة الاستكشافات النفطية التي تحولت أجزاء منها لـ «الرفاع فيوز»، فهل هناك أكبر من هذا الفساد؟

هذا يعني أن أيّاً من توصيات لجنة التحقيق البرلمانية لم تتحقق على أرض الواقع؟

- على الرغم من اعتراف اللجنة الحكومية التي شُكِّلت لدراسة تقريرنا بوجود تعديات على بعض العقارات، مثل الأراضي المحيطة بالمدينة الشمالية ومساحتها 35 كيلومتراً مربعاً، ولكنها طالبت فقط بتجميد هذه العقارات من دون إرجاعها إلى سجل أملاك الدولة، وحتى اليوم أقول بضرس قاطع حسب معلوماتي، أنه لم يتم إرجاع أيّ عقار من العقارات التي أثبتنا وجود التعديات عليها، وعلى الحكومة أن تثبت عكس ذلك بالحقائق.

ألا ترى أن معالجة هذا الملف وغيره من الملفات الأخرى تتطلب وجودكم في البرلمان؟

- ما حدث في أملاك الدولة كان زلزالاً، ولا يمكن التغاضي عن هذا الملف الوطني الحساس، فكل الوسائل المشروعة ستكون ضمن خطتنا لإرجاع ما تم التعدي عليه، وخصوصاً تلك المشروعات الإسكانية التي كانت مخصصة للمناطق وتم تحويلها لمشروعات استثمارية، على الرغم من أن الطلبات الإسكانية بلغت 52 ألف طلب إسكاني، وهي معلقة بحجة غياب الأراضي. وعلى سبيل المثال، يعيش أبناء قرية كرانة في غرف كالصناديق، بينما كان هناك مشروع مخصص للمنطقة تبلغ مساحته 9 كيلومترات مربعة، تم تحويل أجزاء منه لشركتين أخريين.

كما أن مجلس بلدي الشمالية رفض الترخيص لمشروع «نورانا»، وعندما تم تجاوزه والترخيص للشركة، رفع دعوى في القضاء، والمجلس مُصرّ على متابعة كل آلياته القانونية من أجل إرجاع هذا العقار.

كيف ترى الأمر الملكي بزيادة رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين؟

- هذه خطوة إيجابية، وكان يجب أن تشمل القطاع الخاص، لأنها أساساً من موازنة الدولة، وكان خلافنا دائماً مع الحكومة في أولويات توزيع الموازنة، الذي كان دائماً يتركز على تحسين مستوى المعيشة، والتعليم والصحة. وكان دائماً رأي الحكومة الخشية من العجز، على الرغم من أننا طرحنا بدائل، منها تقليص الصرف على مبيعات التسلح التي تستهلك الموازنة.

وحتى بخصوص علاوة الغلاء، كان الاتفاق مع وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية أن يتم تعديل المعايير إلى ثلاث شرائح، لكنه لم يُنفذ.

لاتزالت عملية الفصل من الوظائف على ضوء الأحداث الأخيرة مستمرة، فما تأثير ذلك برأيك على الاقتصاد البحريني؟

- هذا الملف مؤلم جداً لأنه يتعلق بالمواطنين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن، وجاء فصلهم بجرّة قلم، وبعضهم في مناصب عليا أفنى عمره في التدريب والتأهيل حتى وصل إلى منصبه. وهو يعتبر فصلاً تعسفياً ومخالفاً لكل قوانين الدنيا، والآن على الرغم من الوعود الرسمية تلوَ الوعود مازال هؤلاء ينتظرون عودتهم لأعمالهم، بل إن من المضحك المبكي أن بعض المسئولين الرسميين خرج بأعذار واهية وقال إن عودة المفصولين ستتأخر لأن الشركات تعمل في القطاع الخاص الذي يلتزم بالجودة والربحية، وهذا جواب مضحك لأن ثلثي المفصولين يعملون في شركات حكومية، فشركة ممتلكات لوحدها فُصل منها 919 موظفاً، وهي شركة مدعومة ومملوكة للدولة، وشركة بابكو فيها نحو 300 مفصول، وفي رأيي أن هؤلاء يجب أن يعودوا بجرّة قلم كما فُصلوا، ولا يوجد سبب قانوني لعدم عودتهم غير التشفي والانتقام.

والوزارات الحكومية طالها الفصل لأكثر من 300 موظف، بل إن الفصل مازال مستمراً، والتحقيق مازال مستمراً عدا مَنْ تمّ توقيفهم في بعض الوزارات.

ولاشك أن هذه الأزمة قنبلة قد تنفجر في أي لحظة، فالعدد يصل إلى 3000 مفصول، ويتضاعف أضعافاً أخرى باحتساب أسرهم ومن يعيلون، وهذا في حد ذاته خسارة للوضع الاقتصادي في البحرين الذي يعتمد أساساً على العنصر البشري المدرب.

كما إن الوضع الاقتصادي متأرجح بحسب مؤسسة «ستاندرد أند بورز»، ففي منتصف شهر يونيو/ حزيران الماضي خفضت المؤسسة تصنيف البحرين درجتين من A- إلى BBB، ثم قامت بتخفيضه أيضاً إلى BAA مع نظرة مستقبلية سلبية، ثم عدّلت بعد ذلك إلى إيجابية.

والحقيقة أنه بوجود الأزمة السياسية الظاهرة، هناك أزمة اقتصادية منسية، والتي ضربت أهم عنصرين في الاقتصاد، المؤسسات المالية حيث يوجد في البحرين 400 مؤسسة مالية تشكل 28 في المئة من الناتج المحلي، وقطاع السياحة والفنادق الذي يوجد فيه نحو 180 فندقاً، يشكل 17 في المئة من الناتج المحلي.

فاستخدام الحل العسكري ربما نجح في حل الأزمة سياسياً ولكنه عقدها على المستوى الاقتصادي.

تباينت المواقف بشأن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فكيف تقيِّم حيادية اللجنة من وجهة نظرك؟

- دعونا منذ البداية إلى تشكيل لجنة مهنية وحيادية ترأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، لبحث كل التجاوزات والانتهاكات، وخصوصاً ملف الضحايا الذين سقطوا أثناء الأحداث، بما فيهم رجال الأمن، ليخرج بنتائج واضحة تشكل أساساً للمصالحة الوطنية والعدالة والإنصاف للجميع.

ولجنة تقصي الحقائق تضم في عضويتها بعض الأشخاص الذين لهم باع طويل في العمل الحقوقي والقانوني ولهم مساهمات في تشكيل المحكمة الجنائية ولجان تقصي الحقائق.

واللجنة قد بدأت للتوّ بالعمل، ورحّبنا ودعونا للتعاطي معها، وإن كان العبرة في تقييمها في النتائج التي قد تخرج بها، ولكن لابد من التعاون معها وإيصال كل الانتهاكات.

واجتمعنا كوفد من الوفاق مع رئيس اللجنة محمود بسيوني وفريق المحققين، وجرى نقاش بشأن نماذج الانتهاكات التي حدثت، بدءاً من الضحايا الأربعة الذين قتلوا في السجن، وبقية الشهداء الذين سقطوا في التظاهرات، إلى المصابين والمفصولين ودور العبادة التي تم هدمها، ولدينا فريق كبير على تواصل تام مع اللجنة من أجل توثيق كل الانتهاكات.

وبالنسبة لنا لا توجد لدينا أي حساسية من أن يتقدم أيُّ طرف كان إذا كان لديه انتهاك موثق للجنة، ففي النهاية نريد أن نخرج من هذه الأزمة بتقرير يُنصف الضحايا وذويهم ويحاسب المسئولين.

ألا تعتقد أن استمرار عقد الوفاق للتجمعات التي تطالب بتقرير المصير من شأنها أن تقود العلاقة بينكم والحكومة لمزيد من التأزيم؟

- ما حدث في البحرين هو أزمة حقيقية، وجرح عميق، راح ضحيته 33 شخصاً و400 مصاب، و3000 مفصول، بخلاف الموقوفين عن العمل، وعدد الاعتقالات التي طالت أكثر من ألف مواطن في فترات متفاوتة، إذا أضفنا كذلك من يحاول أن يلعب على الوتر الطائفي، ويتهم جزءاً كبيراً من مكونات المجتمع البحريني باتهامات باطلة.

فهذه الأزمة لا يمكن حلها كما هو السابق، بسياسات (ترقيعية)، وإنما لابد من ملامسة جوهر الأزمة والعمل على وضع أو اتخاذ الإجراءات الفعالة التي تتناغم مع التطلعات الشعبية في وجود حكومة تعبر عن الإرادة الشعبية ومجلس منتخب له كامل الصلاحيات ودوائر عادلة وقضاء مستقل وشراكة حقيقية في الأمن، وإلا قد نتوقع أزمات أشد خطورة ومن دون حل مما مرت علينا إذا لم تكن هناك حلول جادة فعلاً.

ولكن ما تعليقك على من يرى أن مطالبكم لا تمثل جميع فئات الشعب؟

- ... بل البعض اعتبرها مطالب طائفية، وأنا أجيب بأن المطالب المرفوعة الآن هي وطنية بامتياز، فمطلب الحكومة التي تعبر عن الإرادة الشعبية الخاضعة للمحاسبة والمجلس المنتخب الكامل الصلاحيات هي مطالب وطنية وليس فيها نَفَس طائفي، بل إن مطلب مجلس وطني منتخب، لم يكن وليد اليوم، وطُرح في أول تجمُّع بين السنة والشيعة في العام 1938، ثم تجديده في حركة الهيئة في العام 1954، والغريب أن البعض يحاول أن يستبعد هذه المطالب بحجة أن المجتمع غير مؤهل للوصول لهذه المطالب، وهذا يتناقض مع ثقافة ووعي المجتمع البحريني الذي بدأ بأول انتخابات للبلدية في العام 1919، ولبّ المشكلة الحاجة لشراكة حقيقية في صناعة القرار، أما اتهام هذه الحركة مرة بإيران ومرة بالطائفية فهي اتهامات باطلة كما أثبتها تاريخ البحرين.

بل إن الاحتجاجات الأخيرة تميزت قياساً بالاحتجاجات في العالم العربي، أنها الأكثر سلمية وأن سقفها في الإصلاح أكثر تواضعاً من مثيلاتها في العالم العربي.

كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة من وجهة نظرك؟

- البحرين مرت بمنعطفات خطيرة، لكن هذا المنعطف هو الأخطر، والحاجة إلى مبادرة سياسية جادة تستوعب أسباب الأزمة أصبحت ضرورية.

الحوار كان يمكن أن يلعب دوراً في أخذ البلد إلى بر الأمان والاستقرار، لكن مع الأسف الآلية التي تمت به أفقدته هذه القوة، نعم يمكن اعتبار أن هذا الحوار هو جولة أولى لتهدئة الخواطر، والحاجة الآن إلى جولة أخرى تتركز على الملف السياسي باعتباره هو جوهر المشكلة.

ومن الخطورة أن يتصور البعض أن الأزمة قد تم السيطرة عليها، ويكتفي بما أسفر عنه الحوار، فالأزمة أعمق من ذلك في أكثر من جانب، والجميع مُطالب بأن يبذل قصارى جهده من أجل حل سياسي جدّي كمخرج حقيقي للأزمة.

كيف تصف العلاقة بين جمعيات التحالف السباعي، وخصوصاً أن خيار جمعيات التيار الديمقراطي كان تشكيل تحالف تستقل به عن التحالف السباعي؟

- مر التحالف السباعي والسداسي بأكثر من منعطف، وحصلت أخطاء، وخصوصاً أثناء الانتخابات الأخيرة، وأنا على قناعة أن الحاجة أصبحت ملحّة وأكثر ضرورة لإعادة صياغة تحالف وطني قادر على خلق كتلة حرجة تتناسب مع تطلعات المجتمع البحريني وحركته الإصلاحية ونضالاته التاريخية التي جمعت جميع أطياف مكونات المجتمع البحريني.

وباعتقادي أن التيار الليبرالي لن ينجح إذا انفصل عن التيار الإسلامي والعكس صحيح، ولا يجوز أن يتم تقسيم الحركات على أساس مذهبي.

يتردد وبقوة أن هناك استقالات جماعية من جمعية الوفاق، فهل هذا صحيح؟

- لا استقالات مطلقاً في كوادر الجمعية، لا في أمانة الوفاق ولا في شوراها، بل إن أعداد أعضائها ومؤيديها تضاعفت أخيراً، والتجمعات والمسيرة الأخيرة التي نظمتها الجمعية خير دليل على شعبية وقوة الوفاق.

ولكن، في تقديري تحتاج الجمعية إلى جلسات مراجعة تدرس التطورات الأخيرة وما عصف بالبلد ومراجعة القرارات التي تم اتخاذها من أجل تصحيح بعض الأخطاء والخروج بوفاق أكثر قوة في ظل التغيرات المحلية والإقليمية.

وأرى أن هذه المراجعة ضرورية وإن تباينت الآراء في تقييم الأوضاع التي مرت بها الجمعية

العدد 3259 - الثلثاء 09 أغسطس 2011م الموافق 09 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 7:35 م

      مفوه دام تسديدك

      كلام ملؤه الجق و الجكمة

    • زائر 11 | 9:48 ص

      مواطن

      ان انسحاب الوفاق من الحوار لهو دليل الفشل والهروب من مواجهة الواقع

    • زائر 10 | 9:31 ص

      هل ستردون الجميل للمرأه الصامدة

      كنت أتمنى لورشحت الوفاق في الدورة السابقة بعض الكوادر النسائية المحترمة وأرجو أن يراجعوا ذلك في حال إقرار قانون إنتخابي عصري ويردوا الجميل لآلاف النساء الذين وقفوا معهم

    • زائر 7 | 3:15 ص

      كلام منصف وعقلاني

      رحم الله والديكم ، وكذلك للاخت أماني على هذه المقابلة لبيان الامور للرأي العام وخصوصا ممن لا يريد أن يفهم ويكابر من منطلقات يعرفها كل إنسان شريف
      جاءت هذه المقابلة لتفضح المتاجرين والانتهازيين والدجالين والكذابين على الناس أما كل إنسان مبديء ومنصف فلاشك يؤيدها ويدعمها ويسندها أما من يرفض ماورد فيها ويختلق المبررات فيعري سؤته للناس وشكرا للوسط

    • زائر 6 | 2:53 ص

      الشعب بشيعته وسنته وفاقي

      الشعب الحر بشيعته وسنته وفاقي في المطالب والهدف

    • Angel eyes | 2:44 ص

      يدا بيد

      كنا يد واحدة كل الشعب و كل الجمعيات و شكــــــــــــــرا لكــــــــــــــــــم

    • زائر 4 | 2:40 ص

      الستري

      نحن مع الجمعية في كل القرارت

    • زائر 3 | 2:09 ص

      شكرا للوفاق

      نعم لجميع مكونات الشعب التي تسعى لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا العزيز في وطنننا العزيز

    • زائر 1 | 10:00 م

      اكم كل الاحترام

      الأمل كبير يااستاذ ونحن معكم في الضراء والسراء سيروا ونحن خلفكم يا وفاق الحق

اقرأ ايضاً