العدد 3183 - الأربعاء 25 مايو 2011م الموافق 22 جمادى الآخرة 1432هـ

تصريحات نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي... جديدة له وحده

كان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينامين نتنياهو قد وعد بأن يكون الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي يوم الثلثاء الماضي «تاريخياً». كانت المواقف التي عبر عنها نتنياهو «مبتكرة» بالنسبة له، غير أنها لم تكن كذلك بالنسبة لبقية العالم، أو حتى لغالبية ضئيلة من الإسرائيليين.

قال نتنياهو للمرة الأولى علانية إنه «في أي اتفاق سلام لإنهاء الصراع، ستكون بعض المستوطنات خارج حدود إسرائيل». لكن الفلسطينيين سرعان ما رفضوا كل الشروط التي وضعها نتنياهو، بما في ذلك أن الحدود ستكون مختلفة عما كانت عليه قبل العام 1967، عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية من الأردن وقطاع غزة من مصر، واحتفاظ إسرائيل «بوجود عسكري طويل الأجل» في وادي الأردن بطول الحدود الشرقية للضفة الغربية. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات إن رئيس وزراء إسرائيل لم يقدم جديداً وأثبت أنه ليس شريكاً في السلام.

من وجهة النظر الفلسطينية، ربما يكون أكبر إخفاق لبدء المفاوضات هو رفض نتنياهو تقسيم القدس. فقد قال نتنياهو صراحة: «القدس لن تقسم مرة أخرى. ويجب أن تظل عاصمة موحدة لإسرائيل». كان رؤساء وزراء إسرائيل السابقون، وبينهم إيهود أولمرت سلف نتنياهو، قد عرضوا إخلاء ما يربو على 90 في المئة من أراضي الضفة الغربية وتعويض الجزء الباقي في شكل تبادل أراضي. وقد أوقفت اتهامات الفساد بحق أولمرت المفاوضات وهي بعد لم تزل في مهدها، ولم يصل مفاوضوه ومفاوضو الرئيس الفلسطيني، محمود عباس إلى مرحلة مناقشة لما كان ينظر إليه على أنه أكثر قضية حساسة في الصراع. كان أولمرت ( يمين الوسط) أصبح أول رئيس وزراء يسقط كلمة «موحدة» من العبارة المتكررة التي تصف القدس بأنها «العاصمة الأبدية والموحدة» لإسرائيل. لكن كما قال وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كسينجر «إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية... لديها فقط سياسات داخلية». وفي حال كان نتنياهو أهمل ذكر عبارة القدس الموحدة، لكان واجه أزمة في الائتلاف الحاكم لدى عودته لإسرائيل. وقد أغضب نتنياهو بعض المشاركين في ائتلافه اليميني عندما اعترف بأنه «في ظل وجود سلام حقيقي ، سنكون مطالبين بالتخلي عن أجزاء من الوطن اليهودي».

لم تعبر تصريحات نتنياهو حتى عن الرأي العام في إسرائيل. أظهر استطلاع للرأي نشرته منظمة معنية بالسلام في يناير/ كانون الثاني الماضي أن نحو 54 في المئة من الإسرائيلين مازالوا يدعمون «وثيقة جنيف»، وهي اتفاق سلام تخيلي وقعه مؤيدو سلام فلسطينيون وإسرائيليون بارزون في سويسرا العام 2003.

يدعو الاتفاق المفصل إلى الانسحاب من معظم الأراضي التي تم احتلالها العام 1967 وتقسيم القدس، بالإضافة إلى ضم الكتل الاستيطانية الرئيسية الإسرائيلية. إذاً فقد وقع نتنياهو على الخيار الآمن سياسياً، وهو الذي يعتقد بشكل صريح أنه أصاب التوازن الصحيح بين القيود المحلية والمتطلبات الدولية. لكن بالنسبة للفلسطينيين، يبدو أن ذلك لن يكون كافياً لاقناعهم بإحياء مفاوضات السلام. لماذا يتفاضون مع رئيس وزراء إسرائيلي لا يرغب في الانسحاب إلى حدود العام 1967 ولا في إقامة عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، إذا كان يمكنهم الانتظار حتى سبتمبر/ أيلول المقبل، حيث يتوقع أن توافق الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية؟. وربما أعرب الرئيس الأميركي، باراك أوباما عن معارضة شديدة لصدور قرار من الأمم المتحدة يعترف بـ «فلسطين» في غياب سلام يتم التوصل له عبر المفاوضات، وأوروبا على الحياد، لكن نحو 130 دولة عضو في الأمم المتحدة أشارت بالفعل إلى أنها ستصوت لصالح القرار. وحتى الآن، فضل عباس «المتشكك» عدم الدخول في «مفاوضات من أجل المفاوضات» مع نتنياهو ، بينما يستمر بناء المستوطنات في الضفة الغربية. وإذا لم يذعن الفلسطينيون للضغوط الأميركية، فربما كان عليهم الانتظار حتى انتهاء آخر عامين في فترة ولاية نتنياهو

العدد 3183 - الأربعاء 25 مايو 2011م الموافق 22 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً