العدد 3027 - الأحد 19 ديسمبر 2010م الموافق 13 محرم 1432هـ

أزمات أنظمة أم أزمات شعوب...

حواس محمود - كاتب سوري، والمقال ينشر بالتعاون مع «مشروع منبر الحرية 

19 ديسمبر 2010

دأب القول السياسي العربي في صورة عامة منذ أكثر من خمسين عاماً على الضرب على الوتر الخارجي: الإمبريالية، الرجعية، الصهيونية، ومن ثم الاحتلال الأميركي للعراق، العولمة، الهيمنة الغربية، صدام الحضارات... إلخ. وتجاهل عن سابق إصرار وتصميم كل ما يتعلق بالداخل العربي من تنمية، إعلام، ثقافة، بحث علمي، بيئة، صحة، تكنولوجيا، وحريات التعبير، وحرية الصحافة، والأحزاب... إلخ.

هذا هو المشهد الذي صيغت فيه التعابير والمقولات والشعارات التجييشية والتحريضية والشعبوية، ومن خلال إعلام إما رسمي لخدمة الأنظمة، أو خاص مأجور ومدفوع الثمن من شركات ومقاولين وتجار يخدمون بشكل أو بآخر مصلحة الأنظمة العربية السائدة، وبخاصة تلك الأنظمة التي كانت تدعي الثورية والاشتراكية والتصدي والمجابهة والممانعة، إلى غيرها من التسميات الصارخة والفارغة كالطبل الأجوف في بحر من حراك وحركة عالمية تكنولوجية معرفية متسارعة الإيقاع.

بعد كل تطورات الحالة الإقليمية والعالمية، تأخذ الضرورة الموضوعية حاجتها إلى عملية فك الارتباط بين المتطلبات الديمقراطية الداخلية لكل دولة أو قِطْر في العالم العربي وشعارية التحديات الخارجية.

بعد أن وصلت الدول العربية إلى حالة من الأزمة المتفاقمة المستعصية على الحل بفعل أن إفرازات الدكتاتورية هي التي أنتجت مرض الاستبداد المزمن، الذي وللأسف تشرّبت شعوب المنطقة من مياهها الآسنة فاستمرأت هذا الاستبداد وتحت وقعه الشديد ارتأت النوم العميق في سبات طويل طويل، بغض النظر عن التفكير في أي نهضة أو نهوض أو مقاومة أو حركة أو تحرك أو هبة أو صعود.

ما نشهده الآن في بعض الدول العربية وما شهدناه في السنوات القليلة الماضية يؤشر بشكل واضح أزمة نظام الحكم العربي وأزمة الجماهير المستسلمة.

نظام الحكم أزمته هي تأبيد الحكم وتوريثه، وأزمة الجماهير هي الرضوخ للأمر الواقع تحت ضغط القمع والفساد، ماذا حدث في العراق، أليس الاستبداد الذي جاء بالاحتلال نقول ذلك بصورة مختصرة لنبتعد قليلاً عن جدل الحدث العراقي وتشابكاته وتعقيداته الكثيرة، والسودان الذي وصل إلى درجة أن رئيس السودان نفسه يقرّ بأنه إذا صوّت الجنوب السودانيون بالانفصال فإنه يكون أول المعترفين بالكيان الجديد، ماذا لو كانت السودان دولة ديمقراطية هل كان مواطنو جنوب السودان يفضلون الانفصال؟

لست ضد الاستقلال من حيث المبدأ، ولكنني أشير إلى غياب الديمقراطية التي تستوعب التنوع ضمن الوحدة، وفي اليمن لماذا ينزع الجنوبيون للانفصال أليس الاستبداد نفسه الذي يدفعهم لذلك؟

وعندما كان الكرد يطالبون بالحكم الذاتي والآن الفيدرالية، ماذا لو كانت العراق دولة ديمقراطية تحقق المساواة بين العرب والكرد، وتمنع الاستئثار بالقرار وتضطهد الأقليات والقوميات المتواجدة في العراق.

نحن نصل في النتيجة إلى الضرورة الموضوعية لفك الارتباط بين واقعية المتطلبات الداخلية بشتى المجالات، وشعارية التحديات الخارجية التي أضرّت بالاستحقاق الداخلي وشوّهت لوحة المجتمعات العربية وضربت البنى التحتية في دول العالم العربي، وجعلت العالم العربي يقف بامتياز في نهاية قاطرة التقدم والتطور في العالم.

العدد 3027 - الأحد 19 ديسمبر 2010م الموافق 13 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً