العدد 2964 - الأحد 17 أكتوبر 2010م الموافق 09 ذي القعدة 1431هـ

هل توفر عودة مشرّف ما تحتاجه باكستان؟

قرة العين صدّيقي * صحافي مركزه كراتشي بباكستان، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند» 

17 أكتوبر 2010

أعلن الرئيس الباكستاني السابق برفيز مشرّف مؤخراً من المملكة المتحدة عن عودته إلى السياسة من خلال إطلاق رسمي لحزب سياسي جديد هو «رابطة كل الباكستان المسلمة».

ورغم اعتذاره عن أخطائه السياسية السابقة، وخاصة الإعلان عن قانون المصالحة الوطني الجدلي الذي أعطى عفواً للسياسيين والبيروقراطيين المتهمين بالفساد وجرائم أخرى، ووعوده بإخراج باكستان من المستنقع الذي تتخبط به، بقي أن نرى إذا استطاع، لو أُعطي الفرصة، أن ينجح في مساعدة باكستان في التغلب على التحديات المختلفة التي تواجهها.

تواجه باكستان اليوم مشاكل كبرى تتمثل بالفقر الشديد المؤدي إلى الشلل والمعونة من الفيضانات وحرب داخلية ضد التطرف وحكم غير فاعل وعدد كبير آخر من المشاكل المهمة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن مشرّف حصل على فرصة لحكم باكستان لمدة تزيد على ثماني سنوات، من أكتوبر/ تشرين الأول 1999 إلى أغسطس/ آب 2008، فإن العودة إلى حقل ألغام السياسة الباكستانية وبخلفية عسكرية وسجلّ لا يخلو من النقاط السوداء كرئيس للدولة، سوف يتوجب عليه استعادة مصداقيته مع الشعب الباكستاني وإقناعه أن باستطاعته توفير الحلول لإعادة الدولة على الطريق الصحيح.

انخفضت تقديرات شعبية الرئيس الباكستاني الحالي آصف علي زرداري كثيراً لتصل إلى أدنى حد بلغ 32 %، الأمر الذي يعكس خيبة أمل الجمهور بالحكومة الحالية. وقد يوفّر ذلك لمشرّف فتحة للعودة إلى السياسة الباكستانية، إلا أن شعبيته في أوساط الجماهير غير واضحة، وكذلك فرص نجاحه.

ما يحتاج الناخبون لأن يعرفوه قبل الانتخابات المقبلة العام2013 هو ما يستطيع مشرّف ورابطة كل باكستان المسلمة تقديمه فعلياً للشعب الباكستاني.

يدّعي مشرف أن هدف حزبه وضع باكستان «على طريق الديمقراطية»، ديمقراطية غير «مصطنعة» أو «زائفة»، في إشارة إلى الوعود البرّاقة التي قدمها المرشحون الرئاسيون السابقون في الماضي. إلا أن هذه الإعلانات الواسعة ليست كافية للحصول على انتباه الناخب الباكستاني. سوف تحتاج الرابطة لأن تقدّم حلولاً محددة للقضايا التي تزعج الشعب.

ويشكّل الاقتصاد مجالاً مهماً سوف يتطلب إجراءات تأهيلية طويلة الأمد، خاصة بعد الفيضانات الأخيرة التي دمّرت معظم المحاصيل الزراعية وجعلت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية غير صالحة للزراعة لسنوات قادمة.

وكمنافس سياسي جديد، يتوجّب على الرابطة تطوير سياسات اقتصادية لن تساعد المزارعين وأصحاب الأراضي على زراعة المحاصيل مرة أخرى فحسب، وإنما تحتوي كذلك على إصلاحات شاملة لتحسين النظام المالي في الدولة والتحرك قدماً لتوسيع القاعدة الضريبية للدولة.

يدفع أقل من 2 % من مواطني الدولة البالغ عددهم 180 مليون نسمة حالياً الضرائب على دخولهم. وقد تضم أية إصلاحات إضافية تحويل توجهات المخصصات الضريبية من الدفاع إلى التعليم والرعاية الصحية والقطاعات التنموية.

لن يتوجب على مشرّف التعامل مع القضايا الخطيرة التي تواجه وجود باكستان فحسب، وإنما سيتوجب عليه التعامل مع تساؤلات تحيط بترشيحه. من الأرجح أن تواجه محاولة مشرّف الترشح لمنصب رئيس الوزراء في الانتخابات القادمة معارضة شرسة من الحزبين الباكستانيين السياسيين الرئيسيين، حزب الشعب الباكستاني ورابطة الباكستان الإسلامية - نواز، اللذين سَخِرت قيادتهما مرات عديدة من الجنرال السابق لطموحاته السياسية. وفي مقابلة جرت مؤخراً مع رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، سخر جيلاني من مخططات مشرّف السياسية قائلاً إن كبير القضاة في الدولة سوف يستقبله لدى عودته إلى البلاد، مشيراً إلى قضايا أثيرت ضد مشرّف مؤخراً في المحاكم الباكستانية.

هناك احتمالات بالتأكيد باتخاذ إجراءات قانونية ضده، بما فيها تهم تتعلق بقتل «أكبر بوغتي» الزعيم الوطني البلوشي، وقضايا تتعلق باختفاء عتيق الرحمن، وهو عالم باكستاني عمل في الهيئة الذرية الباكستانية. إلا أن مشرّف ألقى باللوم على «عناصر سياسية» بتنظيم هذه القضايا لمنعه من استعادة السلطة.

رغم هذه المعوقات فإن «المتفائل الأزلي» حسبما يصف مشرف نفسه، يعتذر عن أخطاء ارتكبها في الماضي ويعد الباكستانيين بـِ«عقد اجتماعي جديد» لمستقبل أكثر أملاً. ومن الواضح أنه مصمم على قيادة دولته من جديد.

ربما تساعد عودة مشرّف على تنويع المسرح السياسي في الباكستان وتشجيع المصالحة السياسية، وربما إنعاش الاقتصاد وتطبيق سياسة حازمة في مقاومة الإرهاب، وليس فقط بناء مصداقيته وإنما تقوية باكستان.

العدد 2964 - الأحد 17 أكتوبر 2010م الموافق 09 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:35 م

      عودة طالبان بقوة

      مع عودة مشرف الجماعات المتشددة سوف تعود وبقوة مع عودة التفجيرات الانتحارية مابين الطوائف

اقرأ ايضاً