قال رئيس جمعية المحامين البحرينية السابق المحامي عباس هلال، خلال حوار أجرته معه الزميلة ريم خليفة في حلقة جديدة من «مدار الوسط» الذي يبث على «الوسط أونلاين» اليوم، إن التشريع الدستوري فيه عدة أساتذة، ولدى فقهاء القانون الدستوريين مناهج كثيرة، وهناك أساتذة كبار في الفقه الدستوري وفي التشريع الدستوري وفي التشريع العادي. مستدركا «لكن نحن الآن في مرحلة بين هلالين، وهذه ظاهرة عامة أيضا(...) جئنا في مراحل دائما (أصبح فيها البعض منهم) مثل وعاظ السلاطين، ومنظري الأنظمة، ودرزية القوانين، فهم الآن يستجيبون لرغبات الحكام في كل مكان، ماذا يريدون، هل يريدون التشريع لمزيد من الديمقراطية؟ هل يريدون التشريعات والدساتير نحو حياة سياسية أفضل؟».
وتحدث هلال خلال الحوار الهاتفي عن فقهاء الدساتير العربية وأثر ذلك على الدستور البحريني والأسس التي يعتمد عليها وصولا إلى أثر الفقه الفرنسي على الدساتير العربية... وهذا نص الحوار:
ما هو الفرق بين تأثير الفقيه الدستوري عبدالرزاق السنهوري على الدساتير العربية الأولى بما فيها الدستور الكويتي في ستينات القرن الماضي ودستور مملكة البحرين الصادر في العام 1972؟
- في البداية قبل أن نتكلم عن تأثير ودور عميد الفقه العربي والقانون العربي، نتكلم عن دور الفقه بشكل عام، طبعا الفقه هو دائما كان عونا للقضاء وكان محورا للمشرعين وساعد على خلق قضاء قوي وغزير وساهم ايضا في تشريع أفضل نحو مستقبل أكبر. أما بالنسبة إلى عبدالرزاق السنهوري فهو طبعا لعب دورا كبيرا وخلاقا وأسهم في نهضة الحركة الفقهية والحركة القضائية والدستورية. السنهوري وهو مشهود له، أسس كليات الحقوق في معظم الدول العربية، ووضع الدساتير وكثيرا من التشريعات الإدارية، وأصبح مرجعا للتشريعات في الوطن العربي كله، أما تأثير السنهوري فهو طبعا واضح في دساتير كثيرة آخرها دستور الكويت في العام 62، فالحريات العامة وفروض الديمقراطية ترين فيها المقارنة بين التشريع الإسلامي والتشريع الوضعي.
وماذا عن رمزي الشاعر وتأثيره على الدستور البحريني الصادر في العام 2002؟
- التشريع الدستوري فيه عدة أساتذة، ولدى فقهاء القانون الدستوريين مناهج كثيرة، وهناك أساتذة كبار في الفقه الدستوري وفي التشريع الدستوري وفي التشريع العادي. وبالنسبة إلى رمزي الشاعر فهو استاذ كبير في القانون الدستوري منذ السبعينات، وعمل في الكويت وله مؤلفات كثيرة.
ولكن نحن الآن في مرحلة بين هلالين، وهذه ظاهرة عامة أيضا لا نتكلم هنا بخصوصية رمزي الشاعر وهو استاذ قانون دستوري له احترامه، لكن جئنا في مراحل دائما أصبح فيها البعض مثل وعاظ السلاطين، ومنظري الأنظمة، ودرزية القوانين، فهم الآن يستجيبون لرغبات الحكام في كل مكان، ماذا يريدون، هل يريدون التشريع لمزيد من الديمقراطية؟ هل يريدون التشريعات والدساتير نحو حياة سياسية أفضل؟.
إذا، ماهي النصوص الأكاديمية التي اعتمد عليها الشاعر وطبقها على دستور البحرين؟
- الشاعر عنده خلفية أكاديمية كبيرة، رمزي الشاعر وغيره في كثير من الفقهاء الدستوريين، هم كمستشارين يلبون رغبة الأنظمة، إن طلبتِ منهم أنظمة برلمانية أعطوكِ، وإن أردتِ أنظمة ذات طابع رئاسي أعطوكِ، وإن أرادت دولة مزيجا صاغوا لها وشرعوا لها، إن أردت المزيد من الديمقراطية والمزيد من التشريع المقارن في العالم موجود لديهم، عندهم إمكانات ومكانات كبيرة فهم يستجيبون لرغبات الدول التي تستعين بهم.
هل معنى كلامك أن فقهاء الدساتير العربية مسيّرون بحسب أمزجة الأنظمة العربية؟
- لا، كل واحد صاحب مقام، السنهوري هو أستاذ الجميع ومن أكابر الفقهاء في الوطن العربي وهو من الرعيل المؤسس الذي يبقى في ذاكرة فقه القانون وذاكرة القضاء والسوابق القضائية وذاكرة التشريع في الوطن العربي كان ومازال، كما أن السنهوري كان مؤمنا إيمانا عميقا بأن تكون له كفقيه كلمة تقنع الآخرين لمزيد من الديمقراطية، لمزيد من الانفتاح، لمزيد من الحريات العامة، أيضا كانت له احتكاكات كثيرة حتى مع الحكومة المصرية أيام عبدالناصر.
هل صحيح أن الفقه الدستوري الفرنسي الذي انتشر في القرن الماضي تم تدجينه عربيا بحيث أصبح الآن لدينا فقه دستور مصري يعتمد على الجانب النظري الذي لا يطبق عمليا؟
- طبعا، حتى السنهوري استعان بالفقه المقارن وفي مقدمته المدرسة الفرنسية، كانوا أكابر وعلى مستوى رفيع استعان بهم كل من أخذ من المدرسة الفرنسية اللاتينية في التشريع ولعبوا دورا كبيرا وساعدوا على إرساء الحياة السياسية والحياة الدستورية والحياة النقابية والحياة المدنية والدولة الحديثة في فرنسا، هؤلاء الفقهاء الكبار، وبالتالي فإن الفقه المصري لعب دورا خلاقا واستعان بالفقه المقارن في فرنسا وله في القانون العام دور كبير وأيضا في القانون الخاص سواء في القانون المدني وأيضا في القانون الجنائي، فالمدرسة الفرنسية والمدرسة المصرية استعانتا بالفقه الغزير الفرنسي كفقه مقارن وظهر في أكابر القانون العام في مصر إلى الآن الذين شهرتهم ضربت الآفاق.
العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ