العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ

الطريقة الديمقراطية الحازمة في التعامل مع الأبناء المراهقين

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

رجاء ومحمود نموذجان لمراهقين تعرضا لأسلوبين مختلفين في التربية... رجاء كانت حريتها محدودة جداً ما جعلها تتمرد على والدتها... ومحمود دفعته حريته المطلقة إلى اختبار والديه في الحصول على المزيد من الحرية اللامسئولة... لكي يكتشف ويختبر الحياة من حوله.

اليوم سأتناول الأسلوب الصحيح في التعامل مع الأبناء المراهقين... وهو الذي يمنحهم الحرية المحدودة بقواعد مسئولة... لكي يكتشفوا ويختبروا الحياة من حولهم... الأبناء بحاجة إلى حدود تقودهم وهم يكتشفون وتعلمهم الإحساس بالمسئولية... لذلك على الآباء أن يوازنوا بين الحرية والمسئولية ويضعوها في اعتبارهم عندما يقومون بتربية أبنائهم المراهقين، بالنسبة لرجاء الفتاة المراهقة لم يكن أمامها في ظل حرية أمها المقيدة جداً أن تكتشف إلا القليل... وبالتالي لم تتح لها الفرصة لكي تكتشف مقدرتها على التعامل مع الحرية المسئولة الواجب منحها إياها حتى تكون شخصية واعية ومتزنة.

كما أن حصول محمود على الحرية المطلقة جعله يتمادى في تصرفاته اللامسئولة عندما دخل سن المراهقة... حتى وصل ذلك التمادي إلى حد أضر بمستقبله الدراسي وكذلك بحياته لولا ذهاب الوالدين إلى المعالج النفسي التربوي... وتقديمه الطريقة الديمقراطية الحازمة التي ساعدتهما على الوصول به إلى بر الأمان.

إن الطريقة الديمقراطية الحازمة تعد من أفضل الوسائل التربوية لأن بها يمنح الآباء أبناءهم حرية مرتبطة بحدود معينة تمنحهم القدرة على التفكير والاختيار من خلال حدود واضحة... تطور لديهم الإحساس بالمسئولية لأنهم سيكونون ملتزمين باختياراتهم... وهم يمارسون حرية قادرين على تحمل مسئوليتها... وعندما قام والدا محمود باستخدام هذه الطريقة التربوية استطاعا أن يشبعا احتياجات ابنهما وتعليمه الدروس التي يريدان تعليمه إياها... كما أن باستطاعة الآباء أن يعلموا أبناءهم كيف يحلوا مشكلاتهم... ويستطيعون أن يتيحوا لابنائهم الفرصة في اختبار حدودهم بطريقة إيجابية فعالة تطور شخصياتهم... لأنهم سيختبرون آبائهم بعقولهم لا بتصرفاتهم... وهم لن يقوموا بذلك بأنفسهم فقط وإنما بمزيد من تقديم الإرشاد من آبائهم وهم يدفعونهم إلى تمرين قدراتهم بأن يقوموا بمساعدتهم على طرق حل مشكلاتهم... بتوضيح الاختيارات المسموحة لهم لاختيار ما يناسبهم... ليكتشفوا نتائج عدم اتباعهم لقواعد آبائهم.

نحن قادرون كآباء أيضاً على أن ندعم طرق تعلمهم بأن لا نتدخل فيما يختارونه ويتعلمونه عن طريق أخطائهم... لذلك سأضرب مثالاً على ذلك لتكون الصورة واضحة أمام الآباء حتى يمكنهم من استخدامها مع أبنائهم.

فاتن مراهقة في الخامسة عشر من عمرها.. لديها مشكلة مع مدرسة التاريخ التي تعتقد أنها لا تحترمها فقامت بفصلها مؤقتاً من دروس التاريخ... اتصلت المدرسة المسئولة عن علاقات الطلبة بمدرسيهم في المدرسة لتخبر والدة فاتن بما حدث لابنتها لتجد حلاً لمشكلتها حتى لا تخسر علاماتها ولا تستطيع تعويضها لاقتراب نهاية الفصل. جلست الأم مع ابنتها بعد وجبة العشاء لتخبرها بما قالته لها المدرسة المسئولة حتى تجدان حلاً للمشكلة.

أجابت فاتن: «كنت واثقة أنها ستتصل لأن مدرسة التاريخ فصلتني مؤقتاً من درس التاريخ كم هي سخيفة... أكرهها وأتمنى أن آخذ المادة مع مدرسة أخرى ولا أكملها معها». قالت الأم: «مدرسة التاريخ تقول إنها إذا فصلتك لن تمتحني في هذه المادة»

أجابت فاتن «ذلك أفضل من أن أواصل مع هذه المدرسة... فأنا لا أحتملها»

قالت الأم: «أعلم أن هذه المدرسة تغضبك... لكن ماذا تظنين سيحدث لك إذا حرمتك من الامتحان النهائي للمادة؟».

ردت فاتن «سأنتقل إلى فصل آخر للتاريخ»

قالت الأم: «المدرسة المسئولة تقول إنك لن تستطيعي دراسة مادة جديدة. لأن الوقت قصير على نهاية الفصل الدراسي... ودرجاتك كلها كانت بتقدير جيد جداً... ماذا سيحدث لها؟»

ردت فاتن: «سأخسرها طبعاً... لكني أعتقد أن ذلك أفضل من البقاء مع هذه المدرسة»

كانت الأم تحاول أن تبدو متفهمة لمشاعر ابنتها لتساعدها على إيجاد حل تختاره بنفسها «لكنك ستندمين فيما بعد لأنك ستضطرين إلى إعادة المادة في فصل الصيف»

قالت فاتن: «لا يهمني ذلك أفضل»

إلا أن أمها ردت عليها: «هل نسيت أنك وعدت صديقتك بالسفر إليها في منتصف الإجازة» تراجعت الابنة عندما تذكرت برامجها في الصيف.

عندئذ... أرادت الأم أن تساعد ابنتها في اختيار حل تريده وتلتزم به فقالت لها «ما هو أفضل اختيار لك الآن؟»

قالت فاتن: «أن أقفل فمي أربعة أسابيع وأتبع تعليمات هذه المدرسة... لكن ذلك صعب ومؤلم... حتى أنه لا أعتقد بأني استطيع تحمله».

قالت الأم: «وما هو الاختيار الثاني؟»

أجابت الابنة وهي تبتسم: «أن أعاندها وأخسر مادة التاريخ... لكني سأحرم بذلك من التمتع بإجازتي الصيفية... ألا يكفي أذاها لي في المدرسة... لا... سألتزم بالاختيار الأول حتى لا أحرم من السفر إلى صديقتي في منتصف الإجازة الصيفية».

وافقتها أمها... وكانت بذلك قد قادت ابنتها إلى أن تجد بنفسها الحل وأن تلتزم به لأنه اختيارها... كما أن الابنة اختبرت الحدود المسموحة لها بعقلها... عندما قالت إنها ستترك المادة... لكنها التزمت من خلال تصرفاتها بهذه الحدود... لأنها أدركت بتفكيرها النتائج السلبية لعدم طاعتها لقوانين المدرسة... وهو حرمانها من التمتع بعطلتها الصيفية... فقررت الخضوع لها وتحملها لكي تستمتع بإجازتها

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً