تحدّث كرم صابر إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الأرض لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية مركزها القاهرة، في تقرير نُشر الشهر الماضي حول الجرائم العنفية المرتكبة ضد المرأة العام 2009 عن اعتقاد ما فتئ بعض المصريين يحملونه بأن «المرأة مخلوق ناقص بشكل أساسي... وبأن النساء غير كاملات لأنهن لسن رجالا».
تخلق مواقف كهذه، إضافة إلى قوانين تُميّز ضد المرأة، صعوبات كبيرة بالنسبة للمرأة المصرية. وحتى يتسنى التعامل مع هذه القضايا وترسيخ حقوق المرأة المصرية، تقوم العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية بالتعاون لوضع قوانين جديدة حيز التنفيذ وضمان وعي المرأة بحقوقها.
ففي مصر، حيث تعمل المرأة كوزيرة ويتم انتخابها عضوة في البرلمان، مازالت المساواة في النوع الاجتماعي تشكّل قضية هامة. فحسب إحصائيات نشرتها منظمة اليونيسيف في الأعوام 1997 - 2007 تعرّضت 96 في المئة من النساء في الفئة العمرية من 15 - 49 سنة لعملية الختان (تشويه الأعضاء التناسلية)، كما يبقى زواج الأطفال مشكلة سائدة. وتشير دراسة المركز الوطني للسكان في مصر العام 2004 عن النساء في الفئة العمرية 15 - 49 سنة أن نحو 86 في المئة من هؤلاء اللواتي تم استطلاعهن يعتقدْن أن الزوج على حق ومُبرّر عند قيامه بضرب زوجته تحت ظروف معينة.
إضافة إلى ذلك فإن النساء اللواتي يخترْن تطليق أزواجهن يتوجب عليهن الاختيار بين سنوات من المعاملات القانونية لإثبات استحالة الحياة الزوجية مع الزوج، أو الخلع الذي يتوجب عليهن فيه التنازل عن كافة الممتلكات المادية في الزواج.
ويعمل المجلس الوطني للمرأة، وهو منظمة حكومية ترأسها سوزان مبارك، سيدة مصر الأولى، على تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بشكل عام، وقد ساعد بنجاح على التعامل مع قضيتين هامتين: رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 سنة وتجريم عملية تشويه الأعضاء الجنسية للمرأة.
كذلك عمل المركز المصري لحقوق المرأة، وهو منظمة غير حكومية مركزها القاهرة تركز على التمكين القانوني، على تغيير القوانين التي تُميّز ضد المرأة. وقد شارك برنامج التمكين القانوني والمعونة في تحالفات لاستقطاب الرأي عملت على تحقيق تغييرات مثل تحسين قانون الجنسية بحيث يستطيع أطفال النساء المصريات المتزوجات من رجال غير مصريين من الحصول على الجنسية المصرية، وإيجاد قانون العام 2000 الذي يسمح بالخلع والذي، رغم مشاكله الناتجة عن القضايا المادية المذكورة أعلاه، يسمح للمرأة على الأقل بطلب الطلاق دون معركة قانونية مطوّلة.
وتُجري المنظمة كل سنة نحو 24 عملية تدريب في الحقوق القانونية وتنشر معلومات مبسّطة حول قوانين هامة للمرأة وتوفّر معونة مباشرة إلى 6000 امرأة. وهي تخطط كذلك لإنشاء مركز رقابة لمتابعة تجارب المرأة مع النظام القانوني في البلاد.
وتشكّل منظمة جمعية الحياة الفضلى للتنمية الشاملة في محافظة المنيا في مصر العليا مثالا آخر على كيف تطالب المرأة بحقوقها وتدافع عنها. ومن بين مبادرات المنظمة إنشاء مراكز إصغاء وإرشاد موجّهة نحو رفع مستوى وعي المرأة بحقوقها ومكافحة مفهوم أن العنف ضد المرأة أمر مبرّر. وقد قامت المنظمة بتدريب أكثر من 30 متطوعا من القرى المستهدفة لحشد مجتمعاتهم وزيادة الوعي بالأثر الجسدي والعقلي لعملية الختان ورفض هذه الممارسة.
يكون كل متطوع مسئولا عن خمسين فتاة معرّضة للخطر، ويقوم المتطوعون بزيارات منتظمة لأسرهنّ وعقد اجتماعات تهدف إلى زيادة الوعي. ويقومون كذلك بمساعدة القابلات والحلاّقين، الذين تشكّل عملية الختان عادة جزءا من دخلهم، على إيجاد مصادر أخرى للدخل ويستخدمونهم كنماذج لإقناع الآخرين بوقف هذه الممارسة.
نتيجة لجهودها، تقول منظمة جمعية الحياة الفضلى للتنمية الشاملة إنها قامت بإنقاذ 1363 فتاة من أصل 1500 فتاة معرّضة لعملية الختان في السنوات 2004 - 2007، مما يعكس إحصائيات العام 2007 الصادرة من وزارة الصحة والسكان والتي تُظهر أن عملية الختان بين الفتيات من سن 10 - 18 سنة انخفضت بواقع 53 في المئة.
تقوم منظمات المرأة المصرية بتغيير القوانين لضمان أن يكون للمرأة الموارد الاقتصادية والقانونية التي تحتاجها. وهي تعمل كذلك على تغيير المواقف بحيث يفهم كل من الرجال والنساء حقوقهم ومسئولياتهم ويفهمون ما تعنيه المساواة في النوع الاجتماعي في الواقع.
* محررة في IslamOnline.net ومساهِمة منتظمة في Al-Arabiya.net ولها اهتمام خاص بتغطية الشرق الأوسط وقضايا النوع الاجتماعي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2774 - السبت 10 أبريل 2010م الموافق 25 ربيع الثاني 1431هـ