العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ

العالم بحاجة إلى ثورة خضراء أخرى

واجه العالم أزمة غذاء كبرى في منتصف الستينيات عندما عانت الهند ومعظم دول آسيا من موجات متعاقبة من الجفاف جعلتها تعتمد على المعونات الغذائية. وقد أشارت لجنة العلوم الاستشارية للرئيس الأميركي في تقرير صدر العام 1967 إلا أن التغلب على الأزمة يحتاج إلى «جهود مبتكرة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية».

وعلى بعد آلاف الكيلومترات في المكسيك قدمت أصناف القمح عالية الغلة التي طورها العالم نورمان بورلوغ وفريقه من الباحثين الحل. وقد حصل بورلوغ الذي توفي من وقت قريب على جائزة نوبل للسلام لإنقاذه مليار شخص من الموت جوعا.

وقد كتب الخبير البارز في الاقتصاد الزراعي بيتر هازل، في مقال في مجلة السياسة الدولية بعنوان «فكر مجددا: الثورة الخضراء» أن «بذور بورلوغ نمت بسرعة وكانت غير حساسة تجاه طول فترة النهار مما جعل نمو المزيد من المحاصيل كل عام على قطعة الأرض نفسها ممكنا». والسياسة الدولية هي مجلة أميركية تملكها شركة واشنطن بوست وتصدر كل شهرين.

وفي الوقت ذاته، قام المعهد الدولي لبحوث الأرز في الفلبين بتطوير أصناف أرز عالية الغلة انتشرت في أنحاء آسيا مما ضاعف إنتاج الحبوب السنوي في المنطقة من 310 ملايين طن متري إلى 650 مليون طن متري بين عامي 1970 و1995.

وقد ذكر هازل أن عدد السكان في آسيا قد زاد بنسبة 60 في المائة خلال الفترة نفسها ولكن الزيادة في إنتاج الغذاء «كانت كبيرة جدا لدرجة أن توفر الحبوب والسعرات الحرارية للفرد زاد فعليا بنسبة 30 في المائة تقريبا وانخفضت أسعار القمح والأرز».

وقد أطلق المسئول الإداري في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وليام جود، حينئذ على النمو الهائل في الإنتاج الغذائي بـ «الثورة الخضراء». وعلق هازل في بحث موجز للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية الذي يدعم الحلول المستدامة لإنهاء الفقر والجوع أن جود كان «يأمل في أن تساعد الثورة الخضراء على احتواء الثورة الحمراء الشيوعية التي كانت تستفيد من الفقر في البلدان النامية في ذلك الوقت». وطبقا لتوقعات الأمم المتحدة فإننا بحاجة إلى ثورة خضراء أخرى إذ لا بد من زيادة إنتاج الغذاء بنسبة 70 في المائة مقابل زيادة سكانية ستبلغ 2.3 مليار نسمة بحلول العام 2050 معظمها في الدول النامية. ومن المتوقع أن يكون أسرع نمو للسكان في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث ستضيف تلك المنطقة 910 ملايين نسمة أو ما يعادل 108 في المائة في حين ستكون منطقة شرق وجنوب شرق آسيا الأبطأ حيث ستضيف 228 مليون نسمة فقط أو ما يعادل 11 في المائة. وستعقد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في نوفمبر/تشرين الثاني في روما قمة عالمية لمناقشة «كيفية إطعام العالم بحلول العام 2050 .


ثورة في إفريقيا؟

وقال كبير خبراء الاقتصاد الزراعي في الفاو ديفيد، داوي، أن الثورة الخضراء فشلت في إفريقيا ولكن مع بعض التغييرات القليلة يمكن لها أن تنجح. فقد نجحت الثورة في آسيا بفضل محاصيل الأرز والقمح المروية التي تلعب دورا أصغر بكثير في إفريقيا. وتحتاج القارة إلى تحسينات في محاصيلها الرئيسية كالذرة والذرة الرفيعة والدخن والمنيهوت التي تنمو في ظروف الزراعة التي تعتمد على مياه المطر. ولكن حتى عندما توفرت أصناف مطورة جديدة لم تكن الثورة الخضراء التي طال انتظارها ثورة مستدامة. فالبنية التحتية الريفية المتردية في الدول الإفريقية أدت إلى ارتفاع تكاليف المواصلات والتسويق بالنسبة للمزارعين وعدم القدرة على استيراد الأسمدة المكلفة التي لعبت دورا كبيرا في تعزيز الإنتاج الغذائي في آسيا وهو ما أثبت أنه أدى إلى تراجع معظم الجهود في إفريقيا. وقد ذكر مدرس الاقتصاد الزراعي في جامعة ميتشجان في الولايات المتحدة توم جيان، في بحث اشترك في إعداده أن تخصيص زراعة الذرة في الأراضي الهشة تسبب في تدهور التربة كما أن مجالس التسويق الفاسدة قوضت الثورة وأدت إلى انهيارها في نهاية المطاف. وقد علق هازل بقوله إن «النتيجة النهائية هي ببساطة أنه ليس من المفيد لمعظم صغار المزارعين الأفارقة الذين يعتمدون على مياه الأمطار ويضطرون للتكيف مع الدعم السياسي الضئيل من قبل الحكومات التحول إلى نظم زراعية عالية الإنتاج والتكلفة».

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال نائب مدير عام البحوث في المعهد الدولي لبحوث الأرز أتشيم دوبرمان، ، إن المكونات الأساسية لثورة خضراء في إفريقيا يجب أن تكون مماثلة لتلك التي في آسيا: أصناف أرز عالية الغلة متكيفة مع النظم البيئية للأرز الإفريقي وتنمية قطاع البذور لتوفير تلك الأصناف وتحسين توريد المواد الخام والبنية التحتية والري.

كما ينبغي على الحكومات الإفريقية أن تأخذ دورا رياديا في هذا المجال ذكر هازل أنه «حتى العام 1972، كانت الدول الآسيوية تخصص في المتوسط ما يزيد عن 15 في المائة من إجمالي إنفاقها الحكومي للزراعة وقد ضاعفت تلك البلدان من القيمة الفعلية لإنفاقها الزراعي بحلول العام 1985».


ثورة نظيفة؟

وقد سلط منتقدو الثورة الخضراء في الغالب الضوء على استخدامها المفرط والعشوائي للأسمدة والمبيدات الكيماوية التي لوثت المجاري المائية وسببت ضررا للحياة البرية. وقال جيان لشبكة (إيرين): «كانت هذه نتائج غير مقصودة. وسيكون لزاما علينا أن نأخذ بعين الاعتبار كم عدد الأشخاص الذين كانوا سيموتون جوعا أو كانوا سيعانون من سوء التغذية والفقر لو لم يتم دعم تكنولوجيا الثورة الخضراء؟ نحن الآن في مرحلة نحتاج فيها إلى سياسات مدروسة تجاه كل التقنيات البيئية والزراعية من أجل الحفاظ على كوكب الأرض وسكانه».

بدوره، قال خبير المعونات الغذائية البارز ومدرس الاقتصاد التنموي بجامعة كورنيل في الولايات المتحدة كريستوفر باريت، أن ثورة خضراء أكثر ملائمة للبيئة هي أمر «مُجدٍ وضروري».

العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:29 ص

      الثوره الخضراء

      عنجد انو شي رهيب عنجد انو شي محزهن بس مه هشي ما في حاجه للشفقه

اقرأ ايضاً