العدد 2100 - الخميس 05 يونيو 2008م الموافق 30 جمادى الأولى 1429هـ

«الهلال إن أفل»... لقاء تأبيني امتزجت فيه مشاعر الفخر بألم الفراق

حين بكى البعض من كلمات أنس الشايجي بين رحيل والده وشقيقه...

هلال القلب يا مسافر...

بلا كلمة وداع صغيرة...

تزيح الحزن اللي يلا زمنا...

مثل ما تلازم البحار املاح البحر في البر...

هلال الروح يا كلمة عرفناها...

على صدر الجريدة أو وسط ندوة...

انسابت تلك الكلمات بغصة من قلب الشاعر علي الشرقاوي حينما وقف أمام اللقاء التأبيني لفقيد الجامعة الأهلية، وفقيد الأدب والصحافة البحرينية هلال مهنا الشايجي، مساء يوم أمس الأول (الأربعاء) بقاعة الاجتماعات في الجامعة الأهلية بالحورة، حتى غالب البعض من الأصدقاء والأحبة والزملاء الذين جاؤوا لتأبين الراحل دموعه، فأرخى لها العنان.

وكانت الفقرات، تتتابع الواحدة تلو الأخرى، لتثير حالتين من الشعور: الأولى مشاعر الفخر والاعتزاز بالراحل الكبير ونتاجه العلمي والأدبي والفكري، والثانية مشاعر ألم الفراق والحزن، زادها لوعة ذلك القول الذي ألقاه نجل الراحل أنس هلال الشايجي، في كلمة أهل الفقيد، حيث قال: «وأظن أن المرحوم الوالد ارتاح في رحيله وخصوصا بعد أن استقر في وجدانه رحيل المرحوم ابنه رحيلا بلا عودة، فاشتدت به عواصف الحنين للقاء ابنه وتجلد قدر الإمكان لكتمان الأنين في جوفه حتى أصبح من الداخل حزينا... فاختاره الرب الجليل ليريحه، وهو أخضر الخاتمة أبيض الجبين».

قبلها، وقف رئيس الجامعة الأهلية عبدالله يوسف الحواج ليتحدث باسمه ونيابة عن مجلس الإدارة ومجلس الأمناء وجميع العاملين والمنتسبين للجامعة الأهلية، اجلالا وخشوعا أمام ذكرى الأخ الزميل المرحوم هلال الشايجي، عميد كلية الآداب والفنون الجميلة بالجامعة التي اعتبرها الراحل بيته الثاني ووضع جل طاقته في خدمة الأهداف التي أنشئت من أجلها، ولن يزيدها رحيله الا إصرارا وعزيمة على تحقيق الأهداف التي كافح من أجلها.

في لقاء التأبين، تسابق الأحبة لتقديم الكلمات، فكانت عبارات القائم بأعمال عميد كلية الآداب والفنون بكر حسن، وكلمة أصدقاء الفقيد التي ألقاها فؤاد شهاب، وكلمة الهيئة الأكاديمية التي ألقاها رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام زهير ضيف، وكلمة الطلبة التي ألقاها حسن عبدالله المدنى، جاءت مشفوعة بالصدق ومتجللة بمكانة الراحل التي لم تكن تختلف عما صدر من قلب ابنه أحمد الذي وقف ليقول: «أنت اسم على مسمى. هلال بل قمر منير بالمآثر الخالدة لكل الناس الذين أحبوك... أبي، لن أنسى فضلك عليَّ وصنيعك لي ما حييت، فكلماتي وإن كثرت فهي قليلة عليك وإني لأعلم يا والدي أن فراقك صعب وعسير، وها نحن ننسج الأحزان ونسكب العبرات متلهفين لرؤيتك في بيتك... جامعتك... مع جلسائك.. ونحن مشتاقون إليك».

ولم تبارح كلمات أنس الأذهان، فقال عن والده إنه «كان الأخ المعلم المحب للعلم والكتب، بارا بوالديه صديقا للكل، حنونا على أبنائه والشاهد على هذا الحنان الجارف هو خوفه على مستقبلنا وتوجيهه المستمر لنا وتلبيته المتواصلة لمتطلباتنا الضرورية، وغير الضرورية التي عادة ما كانت تكلفه أعباء مالية إضافية، هذا بالإضافة الى حرصه علينا في الكبر كما كنا في الصغر تماما».

أما فيما يتعلق بفجيعة وفاته، فأعتقد شخصيا، والكلام لأنس، أنه استشعر دنو الأجل منه، وذلك لقوله لي قبل يومين من رحيله إنه سيذهب لملاقاة نور عينيه وبسمة شفتيه فلذة كبده أخي المرحوم فيصل، كما أفادت والدتي بأنه يوم رحيله بكر على غير العادة في استيقاظه وباشر في تلاوة القرآن الكريم كعادته قبل الذهاب لصلاة الفجر، وقال بعض المصلين إنه أطال في السجود إطالة لم يعهدوها منه، فظلوا يرقبونه وما كان منه بعد أن أنهى صلاة السنة إلا أن قام بمداعبة الإمام مازحا حيث قال له: «يلا قوم الصلاة نبغي نروح نرقد»، وفي طريقه الى المنزل كان يمزح ويضحك مع المصلين حتى وصل الى المنزل، والمدهش المحزن في الأمر أن والدتي أخبرتني بعد وفاة المرحوم بأنها على مدار الأيام الثلاثة التي سبقت وفاته كانت تحلم باستمرار بأخي المرحوم فيصل يناظرها من بعيد وهو يضحك ويلعب وهي تناديه لكي يحضر اليها لتعانقه ولكنه لا يستجيب لها ويلي هذا الحلم مباشرة حلم آخر تتصور فيه المرحوم أبي يخنقها بيديه، وحمدا لله أنها لم تشرع في تفسير الحلمين... فبعد وفاة الوالد، فسر الحلم نفسه بذاته.

العدد 2100 - الخميس 05 يونيو 2008م الموافق 30 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً