يخال للمرء منا وهو يستمع إلى حكايا جيل الأولين عن البحر والزرع خصوصا، أنهم يتكلمون عن أرض مؤكدا أنها ليست البحرين، ولكن بالعودة إلى التاريخ الذي مازال يدرس إلى أبناء الجيل الحالي بالمنهج نفسه، فإن هناك الكثير من النقاط التي تفند ما قيل، وليس بدليل أكبر من أن البحرين كانت تسمى بأرض الخلود، وأن الكثيرين - لما لمسوه فيها من حياة زرقاء/ خضراء/ عذبة - عبروا القارات ليدفنوا موتاهم فيها، علها تنفخ من «حياتها» في روحهم فيبعثون من جديد.
نحن، الذين تلاحقنا بعض البقع الخضراء المتناثرة هنا وهناك، وسبحنا في عين عذاري ولروعتها مازالت محفوظة بتفاصيلها في ذاكرتنا، سمعنا واستنكرنا أن يكون الحديث عن البحرين، فما بالكم بالجيل الجديد والأجيال المقبلة، هل سيصدقون «خرافة الخلود» وهم يرون كل شيء «ميت» لا شجر ولا بحر، ولا عيون عذبة سوى «كلام على الورق»، أو صور يخالونها «رسم فنان» لأن عيونهم لم تألف إلا لون الاسمنت والطابوق وألسنتهم لم تذق إلا مياها مالحة تقطع عنهم من حين لآخر؟!
لا ماء ولا كهرباء، ولا وسائل نقل متوافرة، ومع ذلك كان الأولين يقطعون الأشواط من دون أن تلسعهم حرارة جو أو يعصر بطونهم جوع، بينما نعجز نحن عن المكوث ثانيتين بلا مكيف، وبطوننا بالكاد تسكن رغيها، وعلى هذا الكهرباء «لك عليها»، والرواتب بالكاد تؤكلنا... فمادمتم «مو قدها» أرجعوا زرعنا وماءنا، وخلكم من التطور.
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1745 - السبت 16 يونيو 2007م الموافق 30 جمادى الأولى 1428هـ