طرح مؤخرا كتاب «دموع على جزيرة» أول كتاب يتحدث بثقة متناهية عن أهم الكوارث التي شهدتها البحرين عبر التاريخ، هذا الكتاب الذي تحول إلى فيلم عرض حديثا في جمعية الأطباء البحرينية بصورة سينمائية وبتقنية عالية في العرض والطرح، ولتسليط الضوء على هذا العمل، استضاف برنامج «مدار الوسط» الذي تقدمه ريم خليفة، و يبث على «الوسط أون لاين» مؤلف الكتاب الوكيل السابق عبدالعزيز حمزة، للحديث حول هذا الكتاب وكيف تبلورت فكرته:
* كيف تبلورت فكرة هذا الكتاب؟
- بدأت من سنوات، وبالتحديد منذ أيام حرب الكويت، وبعد ذلك وجودي في الطوارئ وأحداث التسعينيات إلى أن سافرت إلى جنيف لأخذ الدبلوما في إدارة الكوارث في العام 95 وكان مطلوب مني في جزء من الرسالة أو الأطروحة أن أكتب عن خطة للطوارئ لمركز السلمانية والبحرين، فبدأت أكتب كأي مقالة مثل هذا التوثيق عن البحرين والكوارث التي مرت بها، فرأيت أن الموضوع شيق و له عدة أبعاد، وخصوصا عندما كنا في جنيف حيث كان المحاضرون من جميع أنحاء العالم، وخصوصا الطاقم الذي عمل على كارثة طائرة لوكربي، الناتو، كانت (دبلوما) بمنتهى الجمال ومنتهى القوة، وبدأت أكتب فيها على شكل محاضرات علمية، ولكن السبب الرئيسي بصراحة هو بعد وقوع طائرة طيران الخليج.
* إذا البداية كانت مع العام 2000 وتحديدا مع سقوط طائرة الأير باص لطيران الخليج، يعني بشكل مقتضب، هل لك أن تتحدث عن هذه التجربة، و خصوصا أن لذلك دور كبير في ذلك؟
- هذه التجربة قاسية علينا كأشخاص وعلى البلد كله، مررنا بمراحل صعبة في (23 August)، نتعامل وللمرة الأولى مع أعداد كبيرة من الجثث (143 جثة) و منظر بعض الجثث كان مؤلما جدا لم نستطع التأقلم مع هذه الفظاعة التي رأيناها، أين نضع الجثث، إلى أن استقر بنا الرأي أن نستخدم أحد المخازن الكبيرة التي توجد بها الثلاجات، ثم كيف نتعامل مع أهالي الضحايا والتعرف على جثثهم وتسليمها لهم، سواء من أهل البحرين أو الأجانب، الصدمة التي حدثت في البلد، الشيء الثاني هو الموقف القيادي، موقف الحكومة وجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وولي العهد، الشعب كله، هذا جعلني أشعر ولأول مرة بأن البحرين كلها يد واحدة، فأنا كنت لمدة يومي الأربعاء والخميس ولغاية يوم الجمعة مع (الثلاجات) مع الجثث، 3 أيام وأنا جالس هناك، هذا المنظر رهيب، لذلك عندما خرجت من هناك (وأمشي في الديرة حسيت البحرين شيء ثاني مو هي البحرين)، فعندما ذهبت أعزي بعض الناس رأيت الذين أعزيهم يشكرون، الشيء الثاني، رأيت أن البحرين كلها صارت بيتا واحدا، عائلة واحدة، هذا ما جعل الشعور فينا غريبا.
* هذا الكتاب تحول إلى فيلم وثائقي، طبعا هذا الفيلم، مشاهدة هذا الفيلم كانت فيها متعة أيضا، المتعة تتجلى في أنه كان يتحدث من وجهة نظر طبيب بحريني هذه المرة، في العادة نجد فنانا صحافيا، مؤرخا، مخرجا سينمائيا، لكن هذه المرة جاءت من طبيب، أيضا كيف تحول هذا الكتاب إلى فيلم وثائقي؟
- كما أخبرتك، أنا كتبت مقالات علمية كثيرة عن موضوع الكوارث و(الهستري)، أما الكوارث فكتبتها في مقالات علمية، وليس أقل من 6 إلى 7 مقالات وقدمتها في مؤتمر الطوارئ في قطر في العام 2003، 2004 محاضرة كاملة هي تقريبا، فكرة الفيلم وضعتها في محاضرة واستعنت بالصور والأفلام، فرأيت ردة فعل جدا لطيفة، طبعا هذا في نهاية الكتاب كنت أكتب فيه وصدفة كان أخي جالسا معي، فقال لي لماذا لا تفكر بعمل فيلم، قلت له فيلم، أنا لا أستطيع عمل هذه الأشياء، و كان ابن أختي راجع من أميركا ومتخصص في الإخراج والسينما، فطرحت عليه الموضوع، فأبدى استعداده، ولكن كنت خائفا أن أعطيه شابا صغيرا، فجلست معه نحو 3 إلى 4 شهور، ورأيت أنه متشجع وحب المادة وقرأ المادة كلها، فقلت لماذا لا أعطه فرصة وخصوصا أني وثقت بقدراته، فقررت أن أدخل تجربة ثانية وأوثقها، وخصوصا هذا الشيء لم يكن موجودا، والسبب الثالث هو الصعوبة التي رأيناها في التقاط الوثائق والصور ودقة المعلومة التي فيها، أي وبصراحة لابد أن نوثق ولابد أن نهتم بالناس الذين لديهم وثائق.
* هل كانت هناك صعوبة في إيجاد المعلومة والصورة عبر جهات مختلفة، أم كان هناك تعاون مع بعض الجهات، لنقل وسائل الإعلام أو وزارة الإعلام أو حتى المؤسسات الإعلامية إلى غيره من المؤسسات الأخرى؟
- كل المؤسسات وبصراحة مدت لي يد المساعدة، لم أطرق أي مؤسسة أو أقصد شخصا في البحرين إلا وفتح بابه لي، وأنا أشكرهم جميعا، من مؤسسات لو اذكرها شركة ؟؟؟ البحرين وزارة الإعلام، «الوسط» ، أخبار الخليج، مستشفى الإرسالية الأميركية، صراحة هذا العمل الذي رأيته وهذا الكتاب ليس عمل عزيز حمزة لوحدة، أنا أعتبره جهدا لكل الأشخاص الذين زودوني بكل هذه المعلومات.
* هل من هناك نية من عرض هذا الفيلم على دور السينما هنا في البحرين، أو هناك خطط أخرى لعرض هذا الفيلم على مؤسسات إعلامية خارج البحرين؟
- بصراحة سؤال محير، وأنا كنت أفكر فيه، أولا أنا ليست لديّ خبرة في التسويق، ولكن إذا وجد شيء لماذا لا، فأنا أتمنى أن يشاهد هذا الفيلم الجميع، كل البحرينيين، وكل الخليجيين، لأن هذا الفيلم لا يمس البحرين فقط بل يمس دولا كثيرة وعلاقات كثيرة، وهذا سيبين وجه البحرين، وأتمنى أن يسوق بإذن الله.
* هل من مشاريع مستقبلية أخرى بإصدار كتب بمواضيع مختلفة بما أنك تخصصت بهذا المجال، أم ستطرح مواضيع أخرى أو حقب أخرى من تاريخ البحرين؟
- بصراحة، أنا طوال هذه الفترة مرت بي قصص كثيرة، وأسأل الله أن يوفقني لأوثق بعض منها، فأنا بودي أن أوثق (طيران الخليج)، ومركب منفجر في البحرين سنة 58، وأيضا من الأشياء التي أعمل عليها طبعة بلاد القديم طبعة البلاد أو سنة الطبعة الصغرى، فبصراحة هذه الاشياء منها لم توثق ولم تكتب، فطبعة البلاد من الاشياء التي جرتني إلى أن أوثقها وعملت عليها 7 إلى 8 شهور الأخيرة، وما شدني فيها أنها لم تكن موثقة بالكامل، فأنا استخلصت القصة من قصيدة شعر الملا عطية الجمري، وضعت ما أستطيع أن أستخلصه.
* نرى اهتمامك بتاريخ الكوارث والمصائب في البحرين، هل لأنك طبيب وعين الطبيب تختلف عن الأشخاص الآخرين وتلمس الجانب الإنساني الذي هو أضاف لنا أو طرح لنا قضية التنوع الثقافي داخل المجتمع البحريني، لا أدري كيف ترى ذلك؟
- أنا لا أعرف بالضبط ولكن نرجع إلى قبل أيام دراستي وأيام عملي في جامعة الإسكندرية كنت نائب ومدرس مساعد لغاية ما حصلت على الدكتوراه وعملت هناك، طبعا تعرضنا لأحداث وحالات أكثر وأعداد أكبر، وأنا أقول إن الكوارث هي سبب التقدم، أية مصيبة تأتي أو مشكلة نحاول نحلها ونصلح عيوبها، أي سبب التقدم في العالم كله جاء عن طريق الكوارث وعن طريق المصائب الموجودة.
العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ