انقضت أيام الشباب بالنسبة للسيارة "هودو"، فهي اليوم تهتز وترتعش وتتأرجح وهي تسير على الطريق، وتنبعث منها رائحة بنزين قوية، ولكن هايدي هيتسر تحب هذه السيارة القديمة من طراز "هدسون جريتر إيت" المصنوعة في مدينة ديترويت الأميركية بإطاراتها الخشبية وأسطوانة التعشيق القديمة التي تعمل على ثلاثة تروس.
وتبلغ هيتسر من العمر 79 عاما، وظلت تعمل لفترة طويلة في مجال تجارة السيارات بالعاصمة الألمانية برلين، أما هودو، فيعود تاريخ صناعتها إلى العام 1930، وقد أمضى هذا الثنائي الطاعن في السن عامين وسبعة أشهر سويا في رحلة حول العالم بطول 84 ألف كيلومتر. ولدى عودتها من رحلتها الطويلة هذا الشهر، قادت هيتسر سيارتها هودو مثل المنتصرين أمام بوابة براندنبرج الشهيرة في برلين، وسط هتافات من الجماهير على غرار لحظات الوصول إلى خط النهاية على الطريقة الهوليودية.
وانطلقت هيتسر في رحلتها من برلين يوم 27 يونيو/ حزيران من العام 2014، متجهة نحو جنوب شرق أوروبا، ومنها إلى وسط وجنوب أسيا، ثم قامت بجولة في أستراليا، ومنها إلى نيوزيلندا قبل أن تعبر إلى الأميركيتين. وتجولت هيتسر بسيارتها في الأميركتين الشمالية والجنوبية قبل أن تتجه إلى جنوب القارة الإفريقية، ثم تأخذ طريقها شمالا عائدة إلى أوروبا مرة أخرى.
وتعترف هيتسر أنها كانت تشعر أحيانا بالوحدة خلال رحلاتها.
وكتبت هيتسر في مدونتها قائلة: "لقد علمتني هذه الرحلة أن العائلة هي أهم شيء بجانب الأصدقاء.. الأصدقاء الحقيقيون"، كما علمها السفر أن تكون أكثر تواضعا في احتياجاتها.
وأضافت هيتسر بشأن الدروس التي تعلمتها خلال الرحلة التي جعلتها أيضا أكثر هدوءا وأكثر قدرة على تأمل الأشياء: "إنك فعلا تحتاج إلى أشياء قليلة للغاية".
واتخذت هيتسر مثلا أعلى من امرأة أخرى تدعى كلارينور ستينز (1901 - 1990)، وقامت هذه المرأة في العام 1927 برحلة حول العالم في سيارة من طراز أدلر ستاندر 6 على مدار عامين. ولم تكن هذه السيارة عتيقة آنذاك، ولكن الطرق كانت أسوأ حالا مقارنة بالطرق في العصر الحالي.
ودائما ما كانت هايدي هيتسر سباقة بصورة أو بأخرى بين نساء عصرها، فعلى سبيل المثال، لم يكن مألوفا في السنوات الأولى التي أعقبت الحرب العالمية الثانية أن تتعلم امرأة مهنة ميكانيكا السيارات في ألمانيا.
وترأست هيتسر بعد ذلك، لعدة عقود، شركة كبيرة لتجارة السيارات، بينما كانت تشارك في راليات السيارات، وهي مستاءة في الوقت نفسه من "الجوائز السخيفة التي كانت تخصص للنساء" والتي فازت بها. وكان من الواضح بالنسبة لابنائها أن التقاعد لن يكون سهلا بالنسبة لها بعد أن باعت شركتها.
وأوضحت هيتسر قائلة: "لقد توصلنا إلى تفاهم أنني ببساطة سوف أنفق ميراثهم عن آخره".
وعندما انطلقت هيتسر في رحلتها حول العالم على متن السيارة هودو، لم تكن تتوقع أن تستغرق الرحلة كل هذا الوقت، ولم يصمد أحد من السائقين الذين شاركوها الرحلة لفترة طويلة، ولم تكن السيارة "هدسون جريتر إيت" اقتصادية في استهلاك الوقود، حيث كانت تستهلك 17 لترا من الوقود لكل 100 كيلومتر (6ر13 ميل لكل جالون).
وأحيانا كانت السيارة هدسون القديمة، التي اختفت من الشوارع منذ زمن طويل، تحتاج إلى إصلاحات في المحرك أو قطع غيار، ولكنها لم تخذلها مطلقا سواء وسط الصحراء الافريقية أو على الطرق الجبلية التي تكسوها الثلوج في أسيا. وتقول هيتسر إن مكابح هودو بدأت تتعطل في لاوس، "ولذلك كنت أسير بسرعة أبطأ".
وكانت هيتسر تتفادى مناطق الأزمات خلال رحلتها، وتوضح قائلة: "إنني فتاة أقود سيارة بمفردي على الطريق، فإذا ما تعرضت للخطف وطلب أحد ما فدية نظير الافراج عني، فسوف يكون ذلك موقفا محرجا للغاية"، وأضافت: "عندئذ، سيقول الألمان إنهم يدفعون الضرائب من أجل إخلاء سبيل امرأة عجوز".
ولكنها تعرضت لمخاطر أخرى خلال الرحلة، فقد فقدت جزءا من أصبعها ذات مرة أثناء إصلاح السيارة، كما سقط أحد ضروسها في مكان ما أثناء الرحلة. وتعقب هيتسر قائلة: "إنني لدي أسنان أخرى تكفيني".
وذات مرة، اضطرت هيتسر إلى قطع الرحلة والعودة إلى ألمانيا لإجراء جراحة لإزالة ورم سرطاني، ولكنها عادت بعد ذلك مباشرة لاستئناف الرحلة. ويعلق الطبيب الذي أجرى لها الجراحة قائلا: "إنها تحمل وقودا في دمائها".
وتقول هيتسر إنها أحبت نيوزيلندا وناميبيا وبوينس أيرس، ولكن أكثر ما اعجبها كان حسن الضيافة الذي لاقته في كل مكان. فقد كانت دائما تتلقى دعوات للإقامة مع الناس، وأحيانا كانت الدعوة تستمر لعدة أسابيع، فقد كان هواة السيارات القديمة يريدون أن يكونوا برفقتها هي والسيارة هودو.
وتحب هيتسر أيضا المفاجآت، فذات مرة عندما كانت في أفريقيا، أوقفت هيتسر السيارة هودو بالقرب من فيل، وتقول: "كان الجميع يلتقطون صورتي، ولم يكونوا مهتمين بالفيل على الاطلاق".
وطوال الرحلة، كانت هيتسر تضع صور أولادها وأحفادها على لوحة القيادة بالسيارة، وتعترف هيتسر بأن مشاعرها كانت أحيانا تغلب عليها. وكتبت ذات مرة على مدونتها: "إنني أطفو في فضاء بغير هواء، ولا أصل أبدا إلى أي مكان.. لدي فراش وليس لدي منزل، وليس لدى العمل الذي اشبع من خلاله طموحي طوال حياتي.. إن هدف هذه الرحلة حول العالم غامض بعض الشيء".
كما مرت على هيتسر لحظات تمنت فيها لو كان برفقتها شخص ما تتقاسم معه الذكريات الجميلة. والآن بعد أن عادت إلى مسقط رأسها في برلين، تعتزم هيتسر، التي جابت العالم طولا وعرضا، أن تحتفل بعيد ميلادها الثمانين في منزلها. وثم ماذا بعد؟ دعونا ننتظر ونرى. فهي تقول: "يمكنني أن استريح عندما أصبح امرأة مسنة".
وماذا أيضا عن هودو، تلك السيارة هدسون جريتر إيت التي يرجع تاريخ صناعتها إلى العام 1930؟ يقال إن متاحف السيارات مهتمة باستقبالها.
ماجت قرية السهله
شحليلاتها العيوز
واحنه سيارتنه "الإيكو" ياله ياله توصلك من المحرق ليه المنامه !!!!