سلمت المكسيك أمس الخميس (19 يناير/ كانون الثاني 2017) تاجر المخدرات الشهير "إل تشابو" غوسمان إلى الولايات المتحدة ووصل إلى نيويورك بعد رفض المحكمة المكسيكية العليا لطلبات طعن أخيرة تقدم بها.
ويتزعم غوسمان الذي يتمتع بنفوذ كبير كارتل سينالوا الذي يقف وراء جزء كبير من أعمال العنف في حرب المخدرات في المكسيك والمتهم بإدخال اطنان من المخدرات إلى الولايات المتحدة. وحطت الطائرة التي اقلت غوسمان في مطار لونغ آيلاند ماك آرثر في ايسليب في ولاية نيويورك، على ما جاء في بيان صادر عن وزارة العدل الأميركية. وبث شريط تلفزيوني يظهر على ما يبدو موكب غوسمان يصل إلى سجن في نيويورك انتشر في الشارع امامه عدد كبير من العناصر المسلحين.
وتوج تسليمه عملية مطاردة اشبه بفيلم هوليوودي بين السلطات المكسيكية وتاجر المخدرات الشهير البالغ 59 عاماً الذي فر من السجن مرتين.
وقالت مصادر قضائية أميركية إن المدعي العام الفدرالي روبرت كابرز سيعقد مؤتمراً صحافياً يتناول فيها عملية التسليم والتهم الموجهة إلى غوسمان.
ويواجه غوسمان ست تهم منفصلة في ولايات أميركية مختلفة من بينها نيويورك. وحاول غوسمان بشتى الوسائل الحؤول دون تسليمه إلى الولايات المتحدة منذ القاء القبض عليه قبل سنة تقريباً في معقله في ولاية سينالوا بعد فراره الثاني الملفت من السجن.
وكان الرئيس المكسيكي رفض بداية تسليم "إل تشابو" إلا أنه غير موقفه بعد فراره الأخير من السجن في يوليو/ تموز 2015.
وكان غوسمان موقوفا منذ مايو/ أيار الماضي في سجن في سيوداد خواريس (شمال) بالقرب من الحدود مع ولاية تكساس الأميركية.
التوقيت
وقالت وزارة الخارجية المكسيكية ان تاجر المخدرات سلم إلى الولايات المتحدة بعدما رفضت المحكمة العليا ومحكمة استئناف طلباته الاخيرة لتجنب هذا الاجراء.
واعتبرت محكمة الاستئناف ان تسليمه يتماشى مع معاهدة ثنائية بين البلدين وان حقوق غوسمان لم تنتهك على ما جاء في بيان لها.
وعبرت وزارة العدل الأميركية عن "شكرها للحكومة المكسيكية على تعاونها الواسع ومساعدتها لضمان امن عملية تسليم غوسمان".
إلا أن محامية غوسمان، سيلفيا ديلغادو قالت لمحطة "ميلينيو" التلفزيونية انها فوجئت بعملية التسليم معتبرة أنها "غير قانونية" بسبب عدم البت بطعن آخر.
وكانت وزارة الخارجية المكسيكية وافقت في مايو/ أيار على طلب تسليم تقدمت به ولاية كاليفورنيا الأميركية حيث هو ملاحق بتهمة توزيع المخدرات، وولاية تكساس حيث يواجه مجموعة من التهم منها القتل وغسل الأموال.
وأتى تسليم غوسمان إلى الولايات المتحدة قبل ساعات من تولي دونالد ترامب مهامه كرئيس للولايات المتحدة. وكان ترامب تواجه مع المكسيك بشأن مسألتي التجارة والمهاجرين. وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب اقامة جدار عند الحدود بين البلدين.
واعتبر الخبير المكسيكي الكبير في الشئون الأمنية، اليخاندرو هوب، إن قرار تسليم غوسمان في الساعات الاخيرة من ولاية باراك أوباما وقبل دخول ترامب إلى البيت الابيض "لم يأت صدفة". واوضح لوكالة "فرانس برس": "هم ارادوا تجنب ان يتبجح ترامب بذلك لذا عمدوا إلى تسليمه في اللحظات الاخيرة" من ولاية أوباما.
إلا أن اليخاندرو الماسان صاحب كتاب عن سيرة غومسان بعنوان "ذي موست وانتيد"، قال إن تسليم تاجر المخدرات يشكل "هدية إلى ترامب" لان الرئيس المكسيكي يريد اقامة علاقات جيدة مع نظيره الأميركي الجديد.
ونفى نائب المدعي العام المكسيكي للشئون الدولية، البرتو الياس بلتران أن يكون التوقيت اتى بدافع سياسي.
عمليات فرار جريئة
وقال إن الحكومة لا تتدخل في القرارات القضائية وإنه تم البت بالقضية أمس (الخميس) وكان ينبغي تسليم غوسمان "فوراً" بموجب ترتيبات المعاهدة الدولية.
وأوقف غوسمان مرة أولى في غواتيمالا في العام 1993 الا انه فر من سجن للمجرمين الخطيرين في العام 2001 من خلال الاختباء في عربة للغسيل.
واوقفت البحرية المكسيكية بدعم من وكالة مكافحة المخدرات الأميركية "إل تشابو" مجددا في فبراير/ شباط 2014 في منطقة ماساتلان في ولاية سينالوا حيث كان مع زوجته وابنتيه التوأمين. إلا أن غوسمان فر من السجن بطريقة جريئة بعد 17 شهرا على توقيفه.
فقد حفر رجاله نفقا يمتد على كيلومتر ونصف الكيلومتر وصولا إلى حمام زنزانته في سجن التيبلانو قرب مكسيكو ما سمح له بالفرار على دراجة نارية موضوعة على سكة.
والقي القبض مجددا على غوسمان في يناير/ كانون الثاني 2016. واوضحت السلطات يومها انها تمكنت من تقفي اثره على إثر لقاء سري بين غوسمان والممثل الأميركي شون بين والممثلة المكسيكية-الأميركية كايت ديل كاستيو.
واعتبر الخبير في الشئون الامنية في جامعة مكسيكيو الوطنية المستقلة، راوول بينيتس مانوت إن تسليم غوسمان سيضعف كارتل سينالوا الذي يتزعمه على الارجح الان اسماعيل "إل مايو" سامبادا معاون "إل تشابو".
واوضح بينيتيس مانوت "سيحصل صراع داخلي بين ابنائه (غوسمان) وابناء اعضاء آخرين مؤسسين للكارتل. وقد يكون الصراع عنيفا او سلميا".