بسيناريو "مطلع الشمس"، الذي يسرد أحداث يوم دفن الشهداء، يوم من أصعب الأيام التي مر بها الإماراتيون، في وقت ليس ببعيد، فاز المخرج الإماراتي عبدالله حسن أحمد بجائزة "آي دبليو سي للمخرجين" خلال الدورة الثالثة عشر من مهرجان دبي السينمائي الدولي (7-14 ديسمبر/ كانون الأول 2016).
إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي، ودار الساعات السويسرية الفاخرة "آي دبليو سي شافهاوزن"، التي تقدم الجائزة في كل عام، أعلنتا فوز عبدالله حسن أحمد بالجائزة، في ثاني أيام الدورة 13 من المهرجان وخلال حفل عشاء نظمته شركة "آي دبليو سي"، ضمن فعاليات المهرجان.
وتدور أحداث "مطلع الشمس" في منطقة جبلية صحراوية، وعلى مدى يوم كامل، هو يوم دفن الشهداء، إذ يتلقى والد إماراتي خبر استشهاد ابنه الذي يقاتل في إحدى الحروب البعيدة، ويبقى في حيرة من أمره حول كيفية ايصال الخبر المفجع لزوجته الحامل، دون أن يسبب لها الكثير من الألم.
الفيلم الذي سيخرجه أحمد، وهو المخرج الحائز على جائزة أفضل سيناريو إماراتي قصير عام 2007 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، مبني على فكرة لمحمد حسن أحمد، وإنتاج خالد المحمود. كتب السيناريو يوسف ابراهيم وذلك في ثاني تعامل لأحمد معه، إذ كتب له سابقاً سيناريو فيلم "فستان" عام 2004 وهو الفيلم الذي حصد عددا من الجوائز.
"الوسط" التقت أحمد بعد فوزه بالجائزة، وأجرت معه الحوار التالي:
ما مدى استعدادك لخوض تجربة الفيلم الروائي الطويل للمرة الأولى؟
استعدادي لهذا الأمر بدأ منذ سنوات طويلة، أولا من أجل الحصول على نص استطيع أن أخرجه وأقدمه في فيلم، وبالفعل حصلت على هذا النص الذي يسرد حكاية إنسانية، ويقدم تفاصيل حياة هذه الأسرة التي عاشت فاجعة استشهاد ابنها، كما عاشتها كثير من الأسر الإماراتية، كما يبرز المشاعر والأحاسيس والحكايات المختلطة التي عاشتها هذه الأسر الفاقدة لأبنائها بين الحزن والمشاعر الوطنية وغير ذلك في يوم دفن الشهداء. هذا النص حصل على جائزة وزارة الداخلية الإماراتية للسينما في دورة العام الماضي من مهرجان دبي السينمائي الدولي، بعدها قمنا بتطويره وتقدمنا بها لجائزة "أي دبليو سي للمخرجين"، وحصلنا عليها، ونحن الآن نسعى للحصول على الميزانية اللازمة للفيلم، وبعدها يفترض أن نبدأ في تصويره مع منتصف شهر مارس/ آذار أو بدايات أبريل/ نيسان 2017.
لديك خبرة أكثر من جيدة في مجال الفيلم القصير، إذ أخرجت أكثر من 13 فيلم قصير، وأنتجت ما يقرب من 30 فيلم قصير، لكن ألا تخشى أن تواجهك اشكالية الإنتقال إلى الفيلم الطويل والخلط بينه وبين الفيلم القصير الممطط، وهي اشكالية واجهت كثير من المخرجين الشباب حال انتقالهم من الفيلم القصير إلى الفيلم الطويل.
مسألة الإخراج بالنسبة لي مسألة احترافية، فأنا لا أعمل أي شيء آخر سوى الإخراج، والإخراج هنا لا يتعلق بالفيلم القصير او الطويل لكنني أتعامل بشكل احترافي مع الكاميرا والأدوات السينمائية والتلفزيونية سواء لتقديم الأفلام الوثائقية أو المواد التجارية من إعلانات وغيرها. كذلك فأنا منتج أفلام أصلا ولذا فإن نظرتي تجاه الفيلم الطويل وتجاه الصعوبة فيه تتعلق بالجانب الإبداعي منه فقط أكثر من أي شيء آخر، وكل ذلك بالطبع يرتبط بالميزانية التي تخصص للفيلم. صحيح أن النقلة مخيفة للفيلم الطويل لكن يبقى أن لدي خبرة ولدي احترافية في هذا الجانب، كما إن الميزانية تساعد دائما فكلما كانت أعلى كلما استطعت توفير أدوات افضل وكلما أصبح لدي وقت أطول للتصوير وبالتالي نضج أكبر في الفيلم.
هل تعتزم أن يكون فيلمك الروائي الطويل الأول فيلما فنياً خاصا بالمهرجانات، أم ستراعي الناحية التجارية بحيث تركز على جمهور صالات السينما وتقدم فيلمك بشكل يضمن وصول الفيلم إلى هذا الجمهور؟
بداياتي كمخرج كانت من المهرجانات ولم أعرف أي شيء اخر، ولذا فإن جمهور المهرجان وجمهور الأماكن الثقافية هو عالمي، وفي فيلمي الأول لن أخرج من هذا العالم، والأمر ليس بيدي فأنا داخل هذا العالم طوال حياتي. بالتأكيد أعول على العرض الجماهيري لفيلمي، فالجمهور الموجود في المهرجانات، جزء منه من الجمهور الخارجي، ولذا نعم أريد أن يحب الناس فيلمي، كما أريد ذلك من جمهور المهرجانات. في الحقيقة أنا أعول على الجانبين.
إذن أنت تنوي تقديم خلطة سينمائية مختلفة في فيلمك الطويل عن تلك الخلطة المعتادة في أفلامك القصيرة؟
الهدف من إخراج الفيلم الطويل هو المهرجانات ورأي النقاد والجمهور في داخل المهرجان والجمهور العادي أيضا، أما في الفيلم القصير فهدفي من اخراجه وتقديمه، فعلياً، هو الحصول على الجائزة لإرجاع رأس المال، وكذلك الحصول على آراء النقاد وإنضاج تجربتي السينمائية. المعادلة في الفيلم القصير تتحقق دائما في لعبة المهرجانات، أما في الفيلم الطويل فالأمر مختلف فالمقياس هو أن يحب الجمهور فيلمك، ولذا أنا متخوف من ذلك، أن يحب الناس فيلمك ليس أمرا سهلاـ لكني تلمست هذا الأمر في الأعمال التي قدمتها للتلفزيون أو الأعمال السينمائية القصيرة، وسأحاول أن أنقل هذه الأمور إلى فيلمي الطويل.
لكن في مقابل الحصول على هذا الحب الجماهيري، هل أنت مستعد للتنازل عن أي من أدواتك كفنان؟
في مشروعي الطويل الأول أو الثاني، لن أتنازل. وعموما، دائما ما ينظر للمخرج في تجربته الأولى من ناحية الفنيات، تقبل المهرجانات والجمهور العادي وهو جمهور كبير يكون بهذا الشكل، وأنا لا أبحث عن سينما صعبة، بل أود تقديم السينما البسيطة التي تصل.
فأنت لا تزال تعول على جمهورك المثقف بشكل أساسي للحصول على القبول والحب؟
كلا نهائيا، اذا تابعتي المهرجانات، مثل مهرجان دبي السينمائي الدولي، ستجدين أن جزء كبير وواسع من الجمهور، هو جمهور متذوق للسينما، منتقي، وهو ليس ذلك الجمهور الذي يذهب للمجمع ويدخل اي فيلم يُعرض. أعتقدأن هذا الجمهور يعرف ما يشاهده تماما، ثم لا تنسي أنني أحب العمل البسيط والسينما التي أقدمها ليست سينما معقدة بل سينما يمكنها أن تصل إلى أي جمهور.
لكن لديك هذه اللمسة الشاعرية في افلامك القصيرة، هل ستنقلها إلى فيلمك الطويل؟
جربتها كثيراً في أفلامي القصيرة، جربت السينما السحرية التي فيها سحر الواقع وخيال الواقع مع الحس الشاعري لكنني احب الواقعية أيضا وأتمنى ان يكون فيلمي الروائي الطويل الأول فيلما جيدا، خصوصا مع حصولي على جائزة "أي دبليو سي للمخرجين" وهي جائزة مهمة جدا يقدمها القطاع الخاص للمشاريع السينمائية التي لا تحصل على فرص تمويل الذي لا يحصل على فرص، وهي بدعمها المادي الكبير تساهم بشكل كبير في تأسيس السينما في الخليج.
يشار إلى أن "جائزة آي دبليو سي" هي جائزة نقدية تبلغ قيمتها 100 ألف دولار أميركي وتقدمها دار الساعات السويسرية "آي دبليو سي شافهاوزن" للمخرج الفائز، وذلك لنقل مشروعه من الورق إلى الشاشة الكبيرة.
وتغلب سيناريو أحمد على مشروعي سيناريو آخرين تقدما للجائزة ووصلا للمنافسات النهائية وهما مشروع فيلم "سالم" للمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، ومشروع فيلم "رحلة البحث عن دانة النجوم" للمخرج القطري حافظ علي.