في الشتاء نحتاج أحيانا إلى قطعة كلابس خفيفة، لكنها تمنحنا الدفء الذي نحتاجه في هذا الفصل، فإن لم تكن السيدات بالذات يرغبن في ارتداء الجاكيت الجلدي أو الصوفي الثقيل، فإن الغالبية يلجأن إلى الشال، وهو من قطع الملابس التي تميز الشتاء.
من أشهر أنواع الشالات "الباشمينا" أو كما يطلق عليه "الشال الكشميري"، وهي معروفة في جميع أنحاء العالم لما تتميز به من حرفية عالية ومعقد ترجع أصولها إلى أكثر من 500 عام.
صوف الباشمينا
أحد أنواعها هذه الشالات "شال كاني" المصنوع على نول يدوي، ومن صوف الباشمينا الكشميري، وهو نوع خاص من الماعز يعيش على ارتفاع من 12000 إلى 14000 قدم يرعاها البدو حول بحيرة بونغ كونغ الشهيرة في منطقة لداخ الهندية بالقرب من غرب التبت.
تعتبر عملية نسج شال كاني حرفة كشميرية نموذجية، تستخدم فيها نحو 250 عصى خشبية تسمى "توجي" أو "كاني"، وبكرات صغيرة تحمل خيوطا ملونة من الصوف حتى تتم عملية النسج بأشكال متداخلة بفضل تقنية تسمح للنساجين بغزل الخيوط ثم تحديد التصميم بعد ذلك على أساس الخيوط الملونة المختلفة التي تم نسجها. تخضع عملية النسج إلى تنظيم دقيق وفقا لنموذج يسترشد به النساج.
وقد وصلت هذه الـ"الشالات" ذات التصميمات المتداخلة من وسط آسيا إلى الهند مع دخول الإسلام، وأضافت إليها الثقافة الهندية المزيد لتنتقل الحرفة إلى إطارها الإبداعي في عملية تداخل ثقافي استغرقت ما يزيد على خمسة قرون.
بين المنسوج يدويا والمقلد آليا
في القرن الثامن عشر، انتشرت شعبية هذه الشالات لدرجة أن التجار من جميع أنحاء العالم كانوا يأتون إلى كشمير من أجلها. وكانت في ذلك الوقت تساوي وزنها ذهبا. بعد ذلك ظهرت نسخا مقلدة أقل سعرا تنسج في إنجلترا وفرنسا، مما أفسد سوق الشالات الأصلية، وذلك حسب تقارير صحافية نشرت مسبقا.
يأتي الشال في الغالب على شكل مستطيل يبلغ حجمه في العموم 1×2 متر. ويستطيع حرفيان أن ينتهيا من صناعة شال واحد في غضون يومين إلى ثلاثة. وفي بعض الأحيان، تمتد فترة نسج الشال إلى خمسة أيام بناء على التصميمات.
ووفقا لفرانك آمز، مؤلف كتاب "شال الكشمير"، في العام 1853 استلزمت صناعة شال كاني طلبته إمبراطورة فرنسا عمل مستمر من 30 رجلا لمدة تسعة أشهر.
هناك الكثير من شالات كاني الفاخرة، مثل الشال ذي الوجهين، دوروكا، الذي لا يمكن تمييز الوجه الصحيح له بسهولة. وهناك أيضا دورانغا- دوروكا، وهو ذي وجهين وبلونين، حيث يحمل أحد الوجهين تصميما موجود أيضا على الوجه الآخر ولكن بلون مختلف. ولكن أرقى نوع هو أكاسي، الذي يوضع فيه تصميم على أحد الوجهين من خلال شق الخيوط إلى نصفين، ويترك الوجه الآخر بلون واحد أو يكون مطرزا بتصميم آخر.
تتراوح أسعار شال كاني في الهند ما بين 40.000 إلى 200.000 روبية بناء على نوعية التصميم والخامات، علما بأن هناك كثير من القطع المقلدة في الهند ومن الصعب للغاية التمييز بين المنسوجة يدويا وتلك المنسوجة آليا.
"العنزة نوري" تنقذ صناعة الشالات
رغم انتشار هذه الشالات إلا أن هناك إعاقة تهدد هذه الحرفة بالانقراض، والسبب تناقص ماعز الباشمينا، الذي يجب أن يعيش في منطقة الهيمالايا الباردة التي تشتهر بالعواصف حتى ينتج صوفا جيدا، ونقص التغذية والأحوال الجوية تشكل خطرا على صناعة الصوف الكشميري، نتيجة لنفوق أعداد كبيرة من الماعز بسبب العوامل المذكورة مسبقا.
وعليه سعى العلماء لتطوير إنتاج الصوف قبل أكثر من 4 أعوام لإيجاد حل للمشكلة، وفكان الاستنساخ هو الخيار الأنسب، وقد نجحوا فعلا في استنساخ أول عنزة أطلق عليها اسم "نوري".
وكان الغرض من الاستنساخ ليس زيادة أعداد الماعز، وإنما زيادة لزيادة كميات الصوف المنتجة من كل ماعز.