حلم حياتها بأن تدرس طب الأسنان، ولكن ذلك لم يتعارض مع شغفها بالرسم الضوئي والخط، كلاهما حسب قولها يدوية مكملتان لبعضهما... خديجة الخواص فتاةٌ مصريةٌ في مقتبل العشرينات من عمرها، أنهت في العام 2016 دراستها بكلية طب الأسنان، إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تصبح واحدة ضمن 9 أشخاص فقط على مستوى العالم يحترفون الرسم الضوئي بالخط العربي، حسب ما نشر موقع "هافينغتون بوست عربي".
تقول خديجة، "اكتشفت أن مهارتي في خلع الأسنان أو تجميلها لا تختلف كثيرا عن قدرتي على رسم الحروف بصورة فنية وجمالية".
ما هو الرسم الضوئي؟
تقول الخواص، "الرسم الضوئي بالخط العربي يحدث عن طريق كتابة الكلمات معكوسة كما نراها في المرآة في الظلام الدامس باستخدام عصا ضوئية، لتظهر الكتابة كأنها مكتوبة على ورق، ثم يتم تصوير حركة الضوء بكاميرا مع ضبط العدسة لتلتقط شدة الضوء بسرعة بطيئة جدا فيرسم الضوء الكلمات المكتوبة في مدة لا تزيد على 30 ثانية".
وأضافت: "حين أرسم بالضوء بالخط العربي أجمع بين هوايتي في رسم الخطوط والتصوير والمجهود البدني. ابدأ بكتابة الكلمات معكوسة على الورق، ثم أضبط زاوية الكاميرا 45 درجة على 30 ثانية وأستخدم لمبات إضاءة معينة".
بدأ اتجاه خديجة إلى هذا الفن في أبريل/نيسان من العام 2013، حين شاهدت بالصدفة مقطع فيديو عبر "يوتيوب" لشاب فرنسي يُدعى جوليان نشره في العام 2011 استخدم فيه هذا الفن الذي فتنها، ومن حينها قررت شراء الأدوات اللازمة لتجربته.
الأغرب أنها التقت بجوليان نفسه، حين أتى إلى مصر ليجمعهما عرض للفن نفسه بأحد المراكز الثقافية.
عشق للخط العربي
لم تجد الفتاة المصرية مَنْ يدربها، فاستعانت بموهبتها وشغفها وبالتعليم الأولى الذي قدمه لها معلّم اللغة العربية في صفها الإعدادي، حين علّمها أساسيات الكتابة بالخطين النسخ والرقعة، ومن ثم خلق في قلبها حباً للخط العربي جعلها تصبح فيما بعد متطوعة دائمة في مركز الخطوط التابع لمكتبة الإسكندرية، وتحصل على تقديرات عديدة في مسابقات للخطوط.
وهي تقول: "علّمت نفسي وتحمّلت مشقة التدريب، ساعدني على ذلك احتكاكي بمعلمين عرب وأجانب أثناء تطوعي بمكتبة الإسكندرية".
حين انتهت خديجة من دراستها الثانوية، درست التصوير لشغفها به، وحين اكتشفت الرسم الضوئي بالخط العربي وجدت الأمر فرصة سانحة لتجمع كل ما أحبّت في عمل واحد. الخط والرسم والتصوير والحركة البدنية.
موهبة الخواص النادرة لم تعد عليها بعروض عمل مبهرة؛ نظراً لأن الفن غير مفهوم ومألوف في مصر حتى الآن - على حد قولها -، إلا أنها استطاعت أن تقدم ما وصفته بعروض حية للرسم الضوئي بالخط العربي في العديد من القنصليات والمراكز الثقافية.
الفتاة الشابة تأسف لأنها شعرت بعدم الاهتمام تجاه منتجاتها في بلادها، بينما لاقت اهتماماً مناسباً خارجها، فحين راسلت مجلات وصحفاً أجنبية لنشر صورها تلقت ردوداً إيجابية لبدء العمل، في الوقت الذي تجاهلت فيه كل الصحف والمؤسسات الثقافية المصرية ما أرسلته لها تماماً.
على رغم ذلك لم تيأس، وبدأت تعرّف الناس بفنها في أي تجمّعات تصادفها، وساعدها أصدقاؤها الأجانب على إيجاد بعض العمل خارج مصر.
خديجة تدرك أن أمامها وقتاً طويلاً لتعريف الناس بفنها، وتتفهم أن الأغلبية ترى صورها غير مألوفة أو مفهومة، كل ذلك زاد من تصديقها لما وصفته بالتأثير الروحي للوحاتها بغض النظر عن تأثيرها الملموس.
وتختتم الخواص حديثها حول الرسم بالضوئي قائلة: "اللوحات يخرج منها إشارات ضوئية محسوسة وروحية حتى لو بدت الكلمات غير مفهومة.. لبعض الوقت كنت أساعد الأطفال المصابين بالتوحد على الشعور بالنور من خلالها. حين أمارس هوايتي في الرسم الضوئي لا أشعر بالسعادة فقط، وإنما بالطيران".