ترش مربيات نحل فلسطينيات يرتدين ملابس واقية بيضاء الدخان على خلايا النحل الموجودة في كرم زيتون في تلال الضفة الغربية المحتلة منذ نصف قرن، وهو مشروع مكّن العديد من النساء من توفير دخل اضافي لأسرهن.
قبل أربع سنوات، بدأت مسؤولة المشروع في قرية كفر مالك القريبة من مدينة رام الله منتهى بعيرات (37 عاما) تربية النحل واستخلاص العسل مع خمس سيدات اخريات من قريتها. وتقول لوكالة فرانس برس "في البداية كانت تربية النحل مشروعا بسيط". بعد سنوات، اكتشفت السيدات ان "هذا المشروع غيّر حياتنا الى الافضل".
وتقول بعيرات "تمكنت احدانا من شراء جهاز التلفاز الذي ترغب به من بيع العسل. واخرى دفعت اقساط ابنائها الجامعية".
ويساعد رش الدخان على تخدير النحل واستخلاص العسل من دون التعرض للسع، بحسب قولها.
والفلسطينيات العاملات في هذا المشروع من ربات الاسر ولديهن اطفال.
وتنتج سيدات المشروع سنويا ما قدره 600 كيلوغرام من العسل، ليباع الواحد منها بمبلغ 100 شيكل (26 دولارا). وبعد حسم تكاليف العمل ومصاريف غذاء النحل وغيره، تحصل كل سيدة على مبلغ قدره 6000 شيكل سنويا (حوالي 1600 دولار).
وهذا دخل اضافي مرحب به في الاراضي الفلسطينية حيث يعيش شخص من كل اربعة تحت خط الفقر، وتنتشر البطالة بشكل كبير. وتصل نسبة البطالة بين النساء الى 40 %.
لكن بالإضافة الى الدخل المادي، تقول منتهى باسمة، مكّن المشروع السيدات من السفر خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة للمشاركة في ورشات تدريبية.
وتضيف "لم تخرج بعض السيدات من فلسطين او حتى من بيوتهن من قبل، والان يخرجن وحتى يسافرن الى الاردن واسبانيا" للمشاركة في دورات او تقديم منتجاتهن الزراعية.
وتؤكد السيدات ان صنع العسل وبيعه ليس كافيا، وأنهن يسعين لتعلم كيفية انتاج مراهم ومستخلصات من عسل النحل بالإضافة الى عسل الملكات.
معركة على الارض
وتعمل السيدات بدعم من مؤسسة الاغاثة الزراعية الفلسطينية، وهي منظمة غير حكومية مقرها في رام الله.
وتمكنت 103 فلسطينيات في الضفة الغربية وقطاع غزة من الاستفادة من 64 مشروعا مماثلا، بفضل الاغاثة الزراعية.
وتقام غالبية المشاريع الزراعية في المنطقة ج. التي تشكل 60 % من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وبموجب اتفاقيات اوسلو للحكم الذاتي التي وقعت مع اسرائيل العام 1993، قسمت الضفة الغربية الى مناطق "أ" و "ب" و"ج". وبقيت المنطقة المصنفة "ج" تحت سيطرة اسرائيل الكاملة، في حين ان للسلطة الفلسطينية سلطات محدودة على المنطقتين "أ" و"ب".
ويقول منسق المشروع ناصح شاهين ان أحد اهم اهداف المشروع هو "دعم الناس للبقاء على ارضهم، خصوصا النساء اللواتي يعشن في مناطق زراعية"، مشيرا الى انهن اقترحن "مشاريع يقدرن على ادارتها".
وتصادر اسرائيل بشكل متكرر الاراضي الزراعية للتوسع الاستيطاني، ما ادى الى تراجع نسبة مساهمة القطاع الزراعي في اجمالي الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة 72 %. واصبحت المساهمة الان اقل من 3,5%.
وبحسب ارقام صادرة عن مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية، تمثل الزراعة الان فقط 4 الى 5 % من الاقتصاد الفلسطيني.
وتعتمد اسرة من أصل كل عشر اسر في الضفة الغربية المحتلة على الام كالمعيل الرئيسي.
وتقول بعيرات ان بعض السيدات يُعِلن اسرا مؤلفة من سبعة وحتى تسعة افراد.
وتقول نعمة عبد الرحمن حمايل (52 عاماً) ان موعد فرز العسل السنوي هو في شهر آب/اغسطس.
وتضيف "لدي ستة اولاد يدرسون في الجامعات. عند انتاج كل كيلوغرام عسل يتم بيعه اسبوعيا، يتحسن الوضع الاقتصادي" للعائلة.