"الحلم أصبح حقيقة"... بهذه الكلمات يختصر المؤلف الموسيقي مارون الراعي مشاعر 160 عازفا ومغنيا وتقنيا لم تثنهم قسوة المشهد الأمني والسياسي الذي يعيشه لبنان، عن إنجاز أول أوبرا لبنانية باللغة العربية الفصحى تستعيد قصة "عنتر وعبلة" من بطون التاريخ العربي، وتقدمها بحلة فريدة يمتزج فيها الشعر الفصيح والحوار البليغ مع التأليف الأوركسترالي وتقنيات الأداء الأوبرالي.
فعلى رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي أحاطت بمسرح "كازينو لبنان" المطل على خليج جونيه شمال بيروت، توافد مساء الجمعة الماضي -الموافق 8 يوليو/ تموز الجاري- مئات الأشخاص لحضور افتتاح أوبرا "عنتر وعبلة" للكاتب أنطوان معلوف والمؤلف الموسيقي والمايسترو مارون الراعي، في أمسية أعلنت الولادة الحقيقية لمؤسسة "أوبرا لبنان"، وهي أول مؤسسة من نوعها في هذا البلد الذي كان له باع طويل في المسرح الغنائي ولا سيما مع الأخوين عاصي ومنصور الرحباني.
من أجواء البادية وعلى أنغام أوركسترا غربية طُعمت بإيقاعات شرقية بقيادة المايسترو مارون الراعي، تتوالى فصول حكاية عنترة بن شداد الذي عاش في القرن السادس وكان أحد أرق شعراء العرب وأشرس فرسانهم على الإطلاق، وحبيبته عبلة التي خلدتها قصائده على مدى الأزمان.
ويجسد المغني غسان صليبا- الذي عرفه اللبنانيون خصوصا في مسرحية "صيف 840" لمنصور الرحباني أواخر الثمانينات- دور "عنتر"، مجسدا نضال ذاك "العبد الأسود" للحصول على حقه في الحرية وفي أن يكون مساويا لأبناء قبيلته من دون تمييز بسبب لونه الأسود وعرق والدته الحبشية.
فيما يؤدي الفنان إبراهيم إبراهيم دور والد عنتره (شداد) الذي لا تحركه مشاعر الأبوة للاعتراف بابنه وعتقه من العبودية، ولا ينصت لعذابات عبلة (لارا جوخدار) في الأسر، ولا لأصوات أطفال القبيلة وهم ينشدون له أن "الأرض بستان ألوان"، ولكن شراسة عنتر القتالية للدفاع عن القبيلة، تجبره أخيرا على ذلك.
وتعتبر أوبرا "عنتر وعبلة" ثمرة عام من التأليف الموسيقي وعام من التدريب لمئة وثلاثين فنانا على المسرح، إلى جانب نحو ثلاثين شخصا خلف الكواليس، لكنها أيضا "ثمرة مناهج وضعها كبار الأساتذة وتبناها المعهد الوطني العالي للموسيقى، وهي مناهج تقوم على احترام اللفظ العربي السليم"، وذلك حسب تقرير نشره موقع "فرانس 24".