العدد 5056 - الأحد 10 يوليو 2016م الموافق 05 شوال 1437هـ

بالصور... تشيتشيوالكو بلدة مكسيكية تعيش من تصنيع الكرات


تشيتشيوالكو (المكسيك)- أ ف ب 

تحديث: 12 مايو 2017

تخيط فيرجينيا البالغة اثنين وسبعين عاما ببراعة كرة جلدية خاصة برياضة كرة القدم... فعلى غرار سكان كثيرين في تشيتشيوالكو في جنوب المكسيك، توفر هذه المرأة قوت عيشها بفضل هذا النشاط المضني الذي يتناقله أبناء هذه البلدة عبر الأجيال.

فمع شوارعها الضيقة المرصوفة بالحصى، تقع بلدة تشيتشوالكو البالغ عدد سكانها 25 الف نسمة في قلب جبال ولاية غيريرو، إحدى أفقر الولايات المكسيكية وأعنفها.

ومنذ أكثر من خمسين عاما، تصنع هذه البلدة الصغيرة كرات ذاع صيتها على نطاق واسع في المكسيك. فكما الحال بالنسبة لفيرجينيا راميريز، يعمل مئات السكان هنا طوال النهار على حياكة الكرات.

وتروي هذه المرأة المسنة لوكالة فرانس برس "جميعنا منخرطون في هذه الصنعة: رجالا ونساء وأطفالا ... حتى زوجي! لا عمل آخر لدينا".

وتلتقي نسوة في الساحة الرئيسية فيما تعمل أخريات في الشارع تحت فيء شجرة أو يلازمن منازلهن كما الحال مع هذه المرأة الحامل التي تعمل من مطبخ منزلها بمساعدة قريبتها البالغة ست سنوات والتي تمدها بالقطع المختلفة لتركيبها.

وبدأت فيرجينيا ممارسة هذا النشاط قبل أكثر من نصف قرن حين كانت في سن السابعة عشرة. واكتسبت براعة يدوية كبيرة لدرجة أنها لم تعد تستعين بكشتبان لحماية اصابعها من وخز الابر.

وتتباهى هذه المرأة بقدرتها على تصنيع "ما يصل الى خمس كرات يوميا"، غير أن كلا منها يوفر لها ما لا يزيد عن 50 سنتا يوميا.

وتوضح أمام فرن صغير تستخدمه لتسخين شطائر التورتيا بالذرة للأطفال الستة المقيمين في هذا المنزل "نحن فقراء للغاية، ليس لدينا فاصوليا ولا ملح. لا نملك شيئا".

منافسة من الصين وباكستان

بدأ تصنيع الكرات في تشيتشيوالكو في ستينات القرن الماضي عندما جلب يولاليو الكارون من مكسيكو قطعا من الجلد المستخدم في تصنيع الكرات وطلب من السكان جمعها.

وقد بدأت مشاغل عدة تقام تدريجا في البلدة كما ان بعضها جهز بآلات تسمح بصنع قطع الجلد الاصطناعي ثم تقطيعها مباشرة قبل حياكتها يدويا من جانب السكان.

وفور تركيبها، تنقل الكرات إلى المشغل حيث توضع اللمسات الأخيرة عليها قبل نفخها.

وخلال أربعة عقود، عمل سكان القرية لحساب ماركات شعبية في المكسيك. حتى أن "هذه الكرات كانت تصدر إلى الخارج" وفق البرتو موراليس وهو مؤسس أحد المشاغل في تشيتشيوالكو.

وقد كانت هذه البلدة تضم ما يصل إلى 70 مشغلا تنتج 60 ألف كرة شهريا في المرحلة الذهبية لهذه الصناعة.

غير أن هذا الزمن ولى. فخلال أربعين عاما، تراجع مستوى الإنتاج إلى الربع ليبلغ 15 ألف كرة مصنعة شهريا ولم يعد هناك سوى 15 مصنعا بحسب رئيس البلدية الفريدو الكارون الذي يملك أيضا مصنعا للكرات.

ويتحسر البرتو موراليس على مرحلة مزدهرة لم تكن فيها اي منافسة من الكرات البخسة الثمن المستوردة من الصين وباكستان. ويقول المستثمر بأسف "نشاطنا يعاني ركودا".

وبات مشغله ينتج 1200 كرة أسبوعيا كلها من علامته التجارية الخاصة "دون بيتو" تباع بسعر يراوح بين ما يقرب من أربعة وستة دولارات للقطعة الواحدة.

ويقول موراليس "لا يمكننا إنتاج أكثر من ذلك لأننا لا نجني ما يكفي من المال للاستثمار في آلات".

وبعد ان كانت تستخدم في الماضي في مباريات الدرجة الأولى في الدوري المكسيكي وحتى في منافسات المنتخب الوطني، لم تعد الكرات المصنعة في تشيتشيوالكو تستخدم إلا في المنافسات غير الاحترافية. وبات المنتخب المكسيكي يستعين بكرات مستوردة في مبارياته.

هجرة وتجارة مخدرات

ليست المنافسة الأسيوية السبب الوحيد في تراجع هذا النشاط في البلدة، إذ تضاف إليها عوامل أخرى بينها الاتجار بالمخدرات والهجرة.

ولم يعد إنتاج الكرات يمثل سوى 20 % من إيرادات البلدة بعد أن كانت النسبة تبلغ 80 % قبل 40 عاما بحسب رئيس البلدية.

ويوضح المستثمر ارتورو الاركون الذي يعمل خصوصا في تصنيع الكرات الملونة أن "البعض يفضل زرع الخشخاش في الهضاب إذ انه يدر عليهم أموالا أكثر".

وفي هذه المنطقة التي تنتشر فيها تجارة المخدرات، تمارس الكارتلات ضغوطا على السكان لحملهم على الانضمام إلى هذه التجارة غير القانونية والتخلي عن صناعة الكرات. كذلك تعتبر جرائم تصفية الحسابات بين المجموعات المتنازعة أمرا سائدا في المنطقة. ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عثر على 17 جثة في أحد الوديان.

حاليا، لا تزال 40 عائلة في تشيتشيوالكو تعمل في تصنيع الكرات.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً