أكد الفنان الصيني المعارض آي واي واي الذي يعد فيلما عن أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط يوم الخميس الماضي خلال زيارة إلى غزة أن القطاع "يشكل موقعا مهما جدا" لتصوير الوثائقي الذي قاده العمل عليه إلى عشر دول مختلفة.

وأوضح اي واي واي (58 عاما) في مقابلة مع وكالة فرانس برس أثناء زيارته لميناء الصيادين غرب مدينة غزة "بدأت منذ أشهر إعداد فيلم وثائقي حول أوضاع اللاجئين في اليونان ومقدونيا وتركيا ولبنان والأردن وفلسطين والقدس. وأنا الآن في غزة لإجراء مقابلات مع لاجئين".

وشدد على أن قطاع غزة "موقع مهم جدا لتصوير أجزاء من الفيلم" الذي يعرض العام المقبل.

وتابع يقول "أنا متأخر بعض الشيء" في تناول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، لان "قضية اللاجئين الفلسطينيين لها تاريخ طويل وتشمل إعدادا كبيرة ولها تعقيدات سياسية وتأثيرات على مجتمع واسع".

وأشار إلى أن قضية اللاجئين حاضرة في عدد من الدول مثل "أفغانستان والعراق حيث قابلت الكثير من الناس في مخيمات لجوء وهم يعانون من حالات مختلفة ستكون في جوهر الفيلم".

وقد أجرى الفنان المعروف عالميا مقابلات مع لاجئين فلسطينيين في قطاع غزة في إطار هذا الفيلم الوثائقي.

والتقى عائلات لاجئة في مخيمي جباليا وخان يونس مساء الأربعاء الماضي وتوجه إلى منطقة الشجاعية (شرق مدينة غزة) حيث اجتمع بمواطنين فقدوا منازلهم في الحرب التي شنتها إسرائيل في صيف 2014 على القطاع الذي تحاصره.

وخلال تواجده مع طاقمه المكون من عشرة فنيين ومساعدين في ميناء غزة، التقى آي واي واي صدفة بعشر طالبات جامعيات هجرت عائلاتهن من بلداتها الأصلية قبل ثمانية وستين عاما.

وكانت الفتيات وجميعهن في العشرين من العمر، يجلسن على صخور وركام منازل دمرها الجيش الإسرائيلي في حرب صيف 2014 وضعت على رصيف الميناء الذي يشكل متنفسا للفلسطينيين في قطاع غزة المحاصرة منذ عشر سنوات.

وسأل آي واي واي الذي ارتدى قميصا قطنيا اخضر وسروال جينز واعتمر قبعة للاتقاء من الشمس، الطالبات اللاجئات عن طبيعة حياتهن والصعوبات التي تواجه الناس، معربا عن أمله بان تحقق كل فتاة حلمها بالعيش بسلام وبإيجاد وظيفة.

وقال لوكالة فرانس برس "نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين علينا أن نقبل بان البشر متساوون، (...) علينا أن نتعايش وان نفهم بعضنا".

وقالت الطالبة نداء الزريعي التي تستعد لأخر امتحانات جامعية قبل الحصول على شهادة في التعليم الأساسي "أبلغت المخرج أنني احلم بوظيفة، نريد أن نعيش مثل كل البشر وهذا حقي، لا أريد هجرة جديدة ولا لجوء جديد أريد السلام في وطني".

والتقى الفنان أيضا عددا من طلبة جامعة الأزهر والجامعة الإسلامية غرب مدينة غزة.

عقبات وصعوبات

وقال الفنان الصيني المقيم في برلين انه واجه العديد من المشاكل أثناء تصويره أكثر من 600 ساعة في عشرة بلدان من بينها اليونان ولبنان.

وأضاف "ليس من السهل أن تقوم بتصوير أوضاع اللاجئين لان جميع اللاجئين يواجهون اضطهادا من القوى السياسية وبعضهم يهاجر لأسباب سياسية".

وكان اي واي واي وصل الثلثاء الماضي إلى غزة عبر معبر بيت حانون (ايريز) على أن يغادرها صباح الجمعة. لكن طاقم الفيلم سيواصل التصوير لأيام عدة.

وزار كذلك معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر الذي أعادت السلطات المصرية فتحه استثنائيا ليومين صباح الأربعاء الماضي أمام الحالات الإنسانية، حيث أجرى سلسلة مقابلات مع فلسطينيين كانون يستعدون للسفر من غزة.

وآي واي واي فنان متعدد المواهب بين الرسم والنحت والفنون التشكيلية، ومدافع متحمس عن حقوق الإنسان ومعارض لسلطة الحزب الشيوعي الوحيد الحاكم في الصين.

وقد أودع السجن لمدة 81 يوما في بلاده بين مطلع أبريل/ نيسان ونهاية حزيران/يونيو 2011، ما أثار موجة استنكار عالمية. واتهم اي واي واي يومها بالتهرب الضريبي.

وبعد ذلك وضع في الإقامة الجبرية وسحب منه جواز السفر. ولم يعد إليه إلا في يوليو/ تموز 2015، الأمر الذي أتاح له السفر إلى أوروبا.

وزيارات فنانين عالميين إلى قطاع غزة نادرة جدا بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليه.

وزار فنان الغرافيتي البريطاني الشهير بانكسي القطاع العام الماضي، مزينا أنقاض غزة التي شهدت ثلاث حروب مدمرة منذ العام 2008، برسوم غرافيتي بعضها ذات مضمون سياسي.