يرجع تاريخ موسيقى واغاني الشجن والحزن في البرتغال المعروفة ب " فادو " في اوائل القرن التاسع عشر اذ نشأ في احياء لشبونة الفقيرة والمعدمة، وحول مينائها، مجمعا فيها الطبقات الشعبية التي حملت نفس الهموم والاحلام. فكانت فادو خليطا من الموسيقى المتاثرة بالتراث الاندلسي( مورسكي) وغناء البحارة والمستعمرات الوافدة.
كلمات فادو، أو أغاني " القدر او المصير " تتكلم بحنين عن البحر، ومعاناة الفقر ،ذات ألحان حزينة تلعب عادة على الغيتار البرتغالي ذي الإثني عشر وتراً. وقد ارتبط فادو بالطبقات المنعدمة التي تنتشر فيها اماكن الدعارة والجريمة والتسول وكانت هذه الاحياء مبررا لنبذ هذه الفئات من المجتمع في لشبونة. لكن مع مطلع القرن العشرين تحول فادو كجزء من برامج الترفيه في الملاهي الليلية والمسرحيات وبرامج الاذاعة وغيرها وصولا لاول فيلم برتغالي ناطق كانت قصته تدور حول أسطورة فادو (ماريا سيفيرا) التي لعبت دور مومس ومغنية فادو تقع في غرام أحد الكونتات. وهو الفيلم المنتج في العام الأول من ثلاثينيات القرن الماضي، وقصة الغرام بين الغجرية والكونت.
وبحسب موقع " العازف" وهو موقع متخصص بنشر المقالات والدراسات حول الموسيقى اشار الى ان هذا الفيلم كان "الخطوة الأخيرة في عملية تهجين موسيقى المهمشين داخل مؤسسات الإنتاج الفني الراسمالية وداخل سياقات الثقافة العامة، وتحويلها لموسيقى الجميع، "الشعب"، بمفهومه الجماهيري الأوسع، وكأداة سياسية في يد الديكتاتور سالزار، الذي استحوذ على السلطة المطلقة في البلاد بعد عام من واحد من إنتاج هذا الفيلم.
سالزار ديكتاتور البرتغال لم يكن يعشق هذا اللون من الغناء واكن له احتقارا مبطّناً لموسيقى فادو، واصفاً بانها موسيقى ضد التحضر. وفي واقعة أخرى وصفها بأن لها تأثيرا مضعفاً للشخصية البرتغاليّة وأنها “تستنزف الطاقة من الروح . لكن شعبية فادو الكاسحة دفعت النظام الفاشي في البرتغال على اعتبار انها تمثل عن الروح القوميّة البرتغاليّة بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانيّة، الأمر الذي وصل لقمته في الخمسينيّات والستينيّات، مع تصاعد شهرة ملكة فادو أميليا رودريغوس عالميّاً.
وفي صباح الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل 1974، أذاعت الإذاعة البرتغالية أغنية غراندولا فيلا مورينا، لزيكا أفونسو الذي منعت أعماله من كل وسائل الإعلام. كانت الأغنية كلمة السر المتفق عليها لثورة القرنفل، وعلى إثرها انطلقت الوحدات العسكريّة المشاركة في الانقلاب للسيطرة على المؤسسات الحيويّة في العاصمة، ومعها ألوف من المواطنين الذين نزلوا للشوارع للاحتفال بسقوط حكم أطول ديكتاتوريّة عمراً في أوروبا الغربيّة.بعد الثورة، تم نبذ فادو التقليدي بوصفه من بقايا الفاشية، وتم اتهام أميليا ردريغوس، ملكته، بالعمل لصالح أجهزة الأمن. لكن سرعان أعيد الاعتبار لأميليا الذي اتضح أنّها كانت تدعم سرّاً أنشطة إعالة أهالي المعتقلين من قبل نظام سالزار. وعند وفاتها، أعلنت الدولة الحداد لمدة ثلاثة أيام، وتم دفنها في المقبرة الوطنية.
فادو
أحب البرتغال وموسيقاها
مفيد هذا التقرير
ارجو توفير ن عيد تقارير مماثلة.