العدد 5384 - السبت 03 يونيو 2017م الموافق 08 رمضان 1438هـ

الخلاف العراقي – السوري المتفاقم

this will be replaced by the SWF.
الخلاف العراقي – السوري المتفاقم

أهلاً بكم مستمعي وزوار موقع الوسط اون لاين
هذه حلقة جديدة من برنامج فوكس
في هذه الحلقة نضع تحت المجهر الخلاف العراقي – السوري المتفاقم والذي بلغ مداه مع اتهام بعداد لدمشق باحتضان المسئولين عن العمليات الإرهابية في العراق.
نقف قليلاً على خلفيات هذا الخلاف ودوافعه وتوقيته مع المفكر البحريني الوزير السابق الدكتور علي محمد فخرو.
• بداية؛ كيف تفسرون الخلاف السوري العراقي الأخير الذي جاء على خلفية انفجار ما بات يعرف بالأربعاء الدامي في العراق وهو الانفجار الذي استهدف وزارتي المالية والخارجية وسط بغداد؟
- أولاً يجب أن ننظر إلى هذا الموضوع من خلال ثلاث أو أربع نقاط أعتقد أنها أساسية، النقطة الأولى هي أنه من الصعب في وضع معقد مثل الوضع العراقي القفز إلى كيفية أي جهة أن تكون مسئولة عن هذه التفجيرات، فالوضع الداخلي في العراق يحتم على بعض الجهات أو على العديد من الجهات في داخل العراق نفسه محاولة إفشال حكومة المالكي وإظهارها بأنها غير قادر على ضبط الأمن داخل العراق وذلك من أجل التهيئة للانتخابات القادمة، وأنا أعتقد أن هذه ورقة يجب ألا تنسى في خضم هذه الصراعات في داخل العراق. وطبعاً نحن في هذه الحالة نتساءل عن الجهات الداخلية في العراق التي قد تستفيد من هذه التفجيرات.
هناك أولاً قوى الاحتلال نفسها التي قد ترغب في أن تظهر أن بقاءها في العراق هو ضروري وملح بعد أن انسحبت انسحاباً جزئياً من المدن، هناك طبعاً الجانب الصهيوني المتغلغل في داخل العراق، وهناك قوى داخلية في داخل العراق تتصارع طائفية وإثنية، تتصارع من أجل النجاح في الانتخابات القادمة.
هذا هو جزء من الجانب الذي يجب أن ينظر إليه. الجانب الآخر المحيّر في هذا الموضوع، أنه كيف تستطيع دولتان اجتمع قادتهما منذ بضعة أيام – قبل هذا الانفجار – واتفقا على إيجاد استراتيجية أو تحالف استراتيجي مشترك في العديد من القضايا، بعد بضعة أيام فقط هذا كله يتبخر، هل هذا يعني أن هناك قوى فعلاً خافت من وجود هذا التحالف الاستراتيجي أو هذا العمل المشترك الاستراتيجي، وأرادت أن تفجره من البداية بحيث إن الوضع في داخل العراق يشير إلى وجود تآمر خارجي وعند ذاك تمتد اليد إلى اتهام سورية بذاتها.
• ولكن لماذا برز هذا الخلاف – دكتور – بعد أسبوع واحد فقط من زيارة المالكي؟
- هذا المحيّر، هذا هو الشيء المحيّر، كيف أن بلدين اتفقا اتفاقاً كان في الواقع كان مفاجأة للجميع، في خلال بضعة أيام يحدث هذا الشيء، إلا إذا كانت هناك جهات كانت تريد أن تفشل هذا التقارب العراقي – السوري.
هذا جانب ثاني، الجانب الثالث الذي أيضاً يحيّر الإنسان هو أنه دائماً عندما يأتي الموضوع بالنسبة لسورية، تجري محاولة تدويل ذلك الموضوع، رأيناه من قبل بين فيما يتعلق بمقتل الحريري في لبنان، من أجل وضع ضغوط كبيرة ومتزامنة على سورية إلى أن وصل الحال إلى هذا الركود في كل الموضوع بكامله ويكاد ينسى الآن في المحفل الدولي.
الآن كأن هناك جهات مرة أخرى تريد أن تعيد الموضوع على المستوى الدولي، من خلال تدويل هذا الموضوع. يعني لماذا سورية فقط؟ هي دائماً الخلافات معها تدوّل، بينما بقية الخلافات مع دول كبيرة لا تدوّل على الإطلاق؟
وأخيراً، الجانب الرابع والمحيّر، هو أنه بالرغم من أن هذا الخلاف خطير وأساسي، تحريك قوى الشرطة على الحدود وملاسنات واستدعاء السفراء، إلى آخره، بالرغم من كل ذلك هذا السكوت الغريب الذي يراه الإنسان من الجامعة العربية نفسها، العراق وسورية دولتان في داخل الجامعة العربية، كان الإنسان ينتظر بعد 24 ساعة من انفجار الوضع أن يكون هناك وفد يذهب للعراق ويذهب إلى سورية ليعرف ما الوضع ويحاول أن يخفف.
• إذاً، صمت الجامعة العربية عن هذا الخلاف، صمت مريب برأيك دكتور؟
- أنا أعتقد أنه إما أنه إهمال، هو مريب يعني أنه يثير العجب، يثير الاستغراب، لأن كيف أن مؤسسة مشتركة قومية إقليمية لا تتحرك وهي ترى أن الدولتين متوجهتان نحو تصادم مباشر، فأنا أعتقد أن كل هذه الأربع نقاط في اعتقادي تجعل من هذا الموضوع ليس موضوعاً بسيطاً، أن هناك أناساً دخلوا العراق وفجروا وإنما هو جزء من مسلسل كبير كان دائماً يشتغل في الماضي لإيجاد دائماً تقاطع وجفاف بين سورية والعراق حتى عندما كان العراق وسورية يحكمهما حزب واحد.
• دكتور؛ ولكن ماذا يعني – برأيك – تسليم العراق طلباً رسمياً إلى الأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي في انفجارات بغداد على غرار محكمة الحريري؟
- بالضبط هذا ما أقوله، إنه لماذا يأتي الأمر بالنسبة لسورية يدوّل، لماذا يدوّل؟ العراق كانت لديه خلافات، كان لديه موضوع مع تركيا، وفي فترات كان عنده مواضيع مع إيران، وفي بعض الفترات كانوا يتكلمون عن السعودية وبعض العناصر السعودية تدخل، إلخ. لماذا الآن بالنسبة إلى سورية يدوّل الموضوع؟ أنا باعتقادي أن الهدف هو وضع ضغط مستمر دائم متتالي على سورية، على المستوى الدولي من أجل أن ترضخ لمطالب معينة معروفة في المستوى الدولي.
• ولكن حتى الولايات المتحدة ربما نأت بنفسها عن الاتهام المباشر للسلطات السورية في هذا الموضوع.
- نعم، أنت عندما تريد أن توجد مسرحية لابد أن توجدها متكاملة، الجهة أحياناً نحن شاهدنا مسرحيات كثيرة، جهة مستفيدة تنأى بنفسها حتى يكون لا توجه أصابع الاتهام إليها من قريب أو بعيد، أنا أنظر لها من هذا الشكل، أنا دائماً في نظراتي إلى الغرب أنا أعتقد أن الغرب كثيراً من الأوقات يلعب أوراق وينأى بنفسه عن تلك الأوراق.
• ولكن هناك تقارباً غير مسبوق بين دمشق والغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية...
- نعم، أنا أوافقك على ذلك وبالتالي هذه إحدى النقاط التي يُراد من خلالها إفشال هذا التقارب بين الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية وسورية، من خلال وضعها مر أخرى في محاكمة دولية تجعل أي تقارب مستحيل في الوقت الحاضر. وهنا، أنا لا أبعد الكيان الصهيوني عن كل الموضوع بكامله في الواقع. أنا أعتقد المستفيد الأوحد بالنسبة لهذا الموضوع هو الكيان الصهيوني نفسه.
• ولكن، هل من مصلحة أحد ضرب الاستقرار الأمني في العراق، هل هي من مصلحة القوات الأميركية أم من مصلحة أنصار النظام البعثي السابق، أم دول إقليمية لديها أيادٍ في العراق؟
- أنا أعتقد عدة جهات، أنا قلت أولاً هناك مصلحة لبعض الجهات في داخل العراق أن توجد اضطراباً داخلياً، أعتقد أن هناك جهات قد تكون في الجيش العراقي من صالحها أن يوجد اضطراب في داخل العراق، وبالتالي تظل الحكومة العراقية معتمدة على الوجود الخارجي ولا تستطيع أن تنأى بنفسها عن الاستمرار في الاحتلال الأميركي، وهناك طبعاً مثلما قلت الكيان الصهيوني الذي يهمه جداً عدم وجود أي نوع من التقارب بين سورية وبين الغرب حتى تبقى سورية دائماً معزولة موجه إليها أصابع الاتهام، وبالطبع مثلما نعرف هناك أيضاً حتى جهات عربية بين الحين والآخر لا تريد لسورية أن تستقر ولا تريد لسورية أن تلعب دورها، وبالتالي تسكت عن مثل هذه الفضائح بدلاً من أن تضع جهدها من أجل لمّ الشمل العربي في الأرض العربية.
• دكتور؛ مع غياب أية مبادرة عربية – كما تفضلت – وجدنا مبادرتين تركية وإيرانية سريعة جداً، كيف تفسر هاتين المبادرتين؟
- أفسر هذا من خلال هذا الفشل التام من في الحياة العربية الإقليمية المشتركة، ممثلة في الجامعة العربية. يعني هو نفسه الأخ عمرو موسى منذ بضعة أيام صرح عندما تحدث عن ضرورة فتح حوار عربي جماعي مع طهران، هو نفسه أشار بأن عدة دول عربية تعارض ذلك. يعني أنت نفسك اسأل نفسك لماذا تعارض ذلك؟
نحن نعتقد أن هذا الحوار هو ضروري وأساسي ويجب أن يُفتح إلا إذا كان الهدف في هذه المنطقة هو إيجاد عدم استقرار وعدم تفاهم ووجود صراعات دائمة وشكوك بين مختلف الأطراف، وأنا أعتقد أن العملية أنها عملية متشابكة وفيها غموض وفيها أطراف تلعب من خارج المسرح من أجل الإبقاء على الوضع العربي سواء بين العرب أنفسهم أو بين العرب وجيرانهم حتى يبقى ما كانت تسميه كوندوليزا رايس "الفوضى الخلاقة".
• دكتور؛ أخيراً، هل تعتقد أن هذا الخلاف وانفجارات بغداد ستؤخر إلى أجل غير مسمى بعض المبادرات العراقية لإدماج البعثيين السابقين في العملية السياسية في العراق مع قرب الانتخابات؟
- نعم، أعتقد أن أحد الأهداف من قبل، يعني بعض الصور من داخل العراق، بأنها لا تريد أي نوع من التفاهم بين الأطراف السياسية على الساحة العراقية بما فيها الطرف البعثي، أن تحاول أن تتفاهم مع بعضها البعض من أجل تفشيل الجلاء المحتل الأميركي عن العراق.
يعني المشكلة أن الساحة العراقية من التشابك ومن وجود عشرات الأطراف اللاعبة فيها، بحيث أنك فعلاً عندما تنظر إلى موضوع الانفجارات، ليس فقط الأربعاء الدموي، وإنما كل الانفجارات التي يومياً وخصوصاً الانفجارات الكبيرة، أحياناً على الشيعة، وأحياناً على السنة، وأحياناً على الأكراد، وأحياناً كذا، كلها كأن هناك أوركسترا تلعب وتتحرك من ساحة إلى ساحة ثانية حتى تبقي على هذا الوضع العراقي في غموض تام وعدم قدرة على إقناع الناس بالخروج من هذه الأزمة دون الممر الطائفي ودون الممر العرقي الذي كنا نأمله.
• دكتور؛ هل تتوقع أن دعوات رئيس الوزراء العراقي ومبادراته لإنهاء الاصطفاف الطائفي والمحاصصة والكوتا بين العراقيين والنجاح النسبي الذي حققته حكومة المالكي هي التي أزعجت بعض الأطراف في المنطقة؟
- نحن نقدّر دعوات المالكي للتفاهم، ولكن هناك أسئلة حول حتى هذه الدعوات، لماذا لم تستمر هذه الدعوة؟ الدعوة كانت هي زخم في فترة من الفترات، لماذا توقفت؟ الذي أوقفها وجود جهات كانت تضغط على المالكي بأن قضية أي نوع من التفاهم مع البعثيين هو خط أحمر لن تقبل به، وستفجر الوضع إلى أبعد الحدود من أجل منع أي نوع من التفاهم، ليس فقط مع البعثيين وإنما مع كل الجهات الأخرى.

في ختام هذه الحلقة، لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر إلى الدكتور علي محمد فخرو على هذه المشاركة، أستودعكم الله، على أمل اللقاء بكم الأسبوع المقبل.

 

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5384