العدد 5384 - السبت 03 يونيو 2017م الموافق 08 رمضان 1438هـ

الأزمة اليمنية- عبدالنبي العكري

this will be replaced by the SWF.
الأزمة اليمنية- عبدالنبي العكري

أهلاً بكم زوار موقع الوسط اون لاين
سلام من الله عليكم وبركات
ثمة مؤشرات عديدة عن تصاعد في مسار الأزمة اليمنية، فصنعاء تخوض حرباً مع قبائل الحوثيين المطالبين بدور أكبر، أما في الجنوب فقد خرجت مطالبات علنية عديدة بالرغبة في الانفصال، في أكبر تحد يواجه مشروع الوحدة اليمنية.
وفي المسار الآخر، تنام ملحوظ لدور الجماعات الإسلامية المتشددة، فضلاً عن أوضاع اقتصادية آخذة في التراجع. إنها أوضاع تؤجج الصراع في اليمن الذين يشغل موقعاً جغرافياً متميزاً في هذه المنطقة.
نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج "فوكس"، نلتقي فيها الناشط السياسي عبدالنبي العكري، الذي تربطه باليمن علاقات قديمة تعود لعقود من الزمن، نستضيف العكري للوقوف على حقيقة الوضع في صنعاء.
• بداية؛ ماذا يجري في اليمن؟ حرب في صعدة على الحوثيين، والجنوب يطالب بالانفصال، والقاعدة تهدد بالمزيد من العمليات، ماذا يحدث بالضبط أستاذ عبدالنبي؟
- هذا يعكس تدهوراً في النظام، وعدم تراكم المشاكل لتنفجر واحدة بعد الأخرى، ويؤكد ليس فقط أطراف المعارضة بل ناس من داخل النظام بدأت تطرح بأن هناك حاجة إلى حوار وطني جدي يتصدى للمشاكل أو كما هي وليس مداراة.
• ولكن، لماذا تثار كل هذه الأزمات الآن؟ هل من مغزى لهذا التوقيت؟
- هي لم تنتج اليوم، إذا أخذنا مشكلة الحوثيين فقد مرت عليها 3 سنوات، وبالنسبة للجنوب على الأقل منذ الحرب الأهلية في سنة 1994 فلم يكن استقرار، صحيح أحياناً صمت لفترة معينة ولكن منذ الحرب الأهلية 1994 والأوضاع ليس على ما يرام، رأينا أن الأزمة وراء الأزمة، وأن الحزب الاشتراكي الذي هو شريك أساسي في الوحدة أقصي عملياً من الحكم وهُمش بشكل كبير جداً، والجنوب شيئاً فشيئاً أصبحت المسألة ليست ايديولوجية، اشتراكي أو غير اشتراكي، أصبح هناك شعور عام في الجنوب بشكل خاص بأنهم مهمشون وأنه يجري الاستيلاء على موارد الجنوب من أراضي ومن مصالح من قبل متنفذين ولا نقول من قبل شماليين لأن الاستغلال لا يعرف جهة.
هذه المسألة انفجرت، انحراف في الجنوب تقريباً في السنوات الثلاث الأخيرة ولكن كانت هناك مشكلة متفاقمة منذ على الأقل 1994 حتى الآن.
• ولكن بصفتك مطلعاً على الشأن اليمني منذ سنوات طويلة، ما هي الجذور الحقيقية لهذه الأزمات؟
- أنا أعتقد أنه من المؤكد أن المجتمع اليمني كان يعاني أزمة حتى قبل الوحدة، والمشكلة سواء نظام غير قادر يجدد نفسه لا في الشمال أو استئثار بالسلطة في الجنوب، وفي الشمال كان هناك استئثار بالسلطة وبالثروة. جاءت الوحدة كأنها مهرب أو كأنها حلّ سحري في سنة 1994 وكان يمكن أن تشكل حلاً أو مدخلاً للحل لكن رجعت العلل الموجودة في النظامين السابقين تغلبت على المشروع الجديد والذي كان مشروع واعد، أن تكون هناك وحدة للشعب اليمني مرتبطة بالإصلاح والديمقراطية ولكن للأسف اقتسمت السلطة كأنها غنيمة وتسببت في صراعات دامية أدت إلى الحرب الأهلية في 1994 ورجعت الأوضاع إلى أسوأ مما كانت قبل الوحدة.
• أستاذ عبدالنبي؛ هل يمكن القول إن ما يحدث في اليمن حالياً هو أزمة داخلية بحتة، أم أن لها خيوطاً دولية وإقليمية؟
- لا، لا أعتقد أن لها خيوط إقليمية، لأن كل الدول المحيطة إما أنها عاجزة عن الفعل، بمعنى أننا حينما نتكلم عبر البحر، أو أنها لا ترغب في التدخل في الشئون اليمنية، وعدم الاستقرار لأن هذا الوضع أيضاً بهدد بالمخاطر للدول المحيطة باليمن لأن الحرب الآن مع الحوثيين وصلت إلى الحدود مع السعودية، وهذه الحدود ليست جداراً يفصل بين الدول، فأعتقد أن الأزمة أسبابها داخلية وحلولها داخلية.
• هل تتوقع حدوث صفقة ما بين الحوثيين والنظام؟
- في رأيي أن الصفقات لا تفيد، لأنه جرت من قبل صفقات سابقة مع عدة أطراف، وأعطي مثلاً غير الحوثيين وهم حزب الإصلاح وهو الحزب القريب من النظام، وجرت هذه الصفقة حينما كان الشيخ عبدالله الأحمر على قيد الحياة (رحمه الله)، ولكن لا يفيد. الصفقات لا تفيد، الذي يفيد هو الحلول الجذرية التي تتعاطى مع المشكلة، النظام بحاجة لتجديد، النظام نخبه محدودة ومحصورة في عدد قليل وتضيق قاعدته، المطلوب مثل ما حزب اللقاء الوطني يدعو، مطلوب حوار جدي وفي اعتقادي على الأقل قمة المجموعة مقبولة من جميع الأطراف، ولتقترح القيادة الحالية. الآن في الحكم في فترة طويلة، لماذا لا يترك المجال لمثلاً رئيس توافقي، لحكومة وحدة وطنية؟
هذا في اعتقادي هو الحل، أما النخبة الحاكمة الحالية لا تستطيع حلّ المشكلة.
• ولكن هناك من يقول إن هناك تعددية سياسية في اليمن وهناك حراك سياسي وحراك اجتماعي، وهناك انفتاح في الصحف اليمنية، كيف تعلّق على ذلك؟
- حراك نحن نسميه حراكاً لا يؤدي إلى تغيير، وتعددية لا تؤدي إلى تداول سلطة، وكلام صحافة ليس له انعكاس، نحن نعرف بأن عملياً بعد الحرب الأهلية في سنة 1994 حزب المؤتمر هو الذي يحكم منفرداً والرئاسة هي الرئاسة لم تتغيّر، ونحن نعرف أن الهامش الذي تعمل به المعارضة هامش ضيّق جيداً واللعبة محكمة لا تؤدي إلى تغيير.
• ولكن الملاحظة أن هناك صمتاً من قبل المجتمع الدولي إزاء ما يجري في اليمن، كيف تفسر ذلك؟
- اليمن ليست دولة نفطية، فالصومال فيها أزمة أكبر، وبجنبها السودان. أنا في اعتقادي ألا ننتظر العالم يهبّ أو يتراكض حتى يحل مشاكلنا، نحن يجب أن نحل مشاكلنا بأنفسنا، المسئولية الأولى على اليمنيين وعلى من هم في السلطة، لأنه لا يفيد كل هذا العناد في أن اتهام الخصوم بالانفصالية أو بالعمالة أو غيرها وغيرها، هذا لا يفيد شيئاً. الذي يفيد هو أن يجلس اليمنيون؛ سلطة ومعارضة ومن يعتبرون متمردين، وأيضاً أنا لا أبرأ المسئولين العرب، للأسف أن العرب يتركون الآخرين يتدخلون في مشاكلهم ولا يحلونها.
أيضاً على العرب مسئولية، يجب ألا يترك نظام عربي ينهار، ونحن نتفرج ونتذرع بالسيادة الوطنية، هذا غير صحيح. ميثاق الجامعة العربية لا يتضمن ذلك، ميثاق الدفاع العربي المشترك يقول بأنه يجب أن تتعاون الدول العربية أو تحل مشاكل بعضها البعض خصوصاً مع جيران الدولة.
لماذا جرى التدخل في لبنان؟ مادام جرى التدخل في لبنان لماذا لا يجري في غيرها؟ أنا لا أقول التدخل العسكري على طريقة لبنان لأن هذا لا يحصل، ولكن هناك مسئولية سياسية بألا تترك دولة عربية بمفردها، إذا أراد أحد العرب الانتحار يجب على العرب ألا يتركوه ينتحر.
• المستشار السياسي للرئيس اليمني عبدالكريم الأرياني، أرجع جميع مشاكل اليمن إلى العامل الاقتصادي المتمثل في اتساع رقعة الفقر، هل ذلك سبب واقعي برأيك سيد عبدالنبي؟
- أنا لا أعتقد ذلك، ثم ما الذي جعل اليمن فقيراً؟ اليمن ليس فقيراً، اليمن به ثروات، والذي أوصل الوضع الاقتصادي إلى هذا التدهور بحيث الآن مشروع الغذاء العالمي يتنبأ بأن تكون هناك مجاعة في السنة القادمة، والآن نصف السكان تحت خط الفقر، الذي أوصل اليمن إلى هذا الوضع هو الفساد، هو الاستئثار بالسلطة، هو الاضطرابات التي لا تشجع على العمل والتضخم والمحسوبية التي جعلت الدولة مثل البقرة الحلوب للمرتشين والفاسدين ولغير المنتجين، وجعل الكفاءات تهجر اليمن.
• ولكن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح طالما يؤكد بأن الحوار الوطني هو أمر مطروح على الطاولة شريطة ألا تكون هناك أجندة خارجية...
- الكلام عن الأجندة الخارجية لا وجود له، وإذا كان هناك حوار فيجب ألا يكون حوار الطرشان بل حوار جدي، أي ما يتوصل إليه ينفذ. أنا في اعتقادي اليمن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية انتقالية على الأقل لمرحلة تدير حواراً وطنياً أيضاً وتؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة. هناك بلدان مرّت بهذه الأزمات، لماذا لا نأخذ موريتانيا على سبيل المثال على علاتها، فقد تجاوزت الأزمة إلى حدّ ما، وهي بلدة فقيرة أيضاً.
بمعنى أن هناك بلدان شهدت حروباً أهلية، لبنان مثلاً شهد حرباً أهلية وخرج منها، ليس قدر اليمن ألا يخرج من هذه الأزمة، ولكن يجب أن توجد إرادة حقيقية وليس حواراً من أجل تضييع الوقت أو كسب الوقت فقط.
• ماذا تتوقع بشأن مجريات الأحداث في اليمن خلال القادم من الشهور؟
- أنا أتوقع أن الأمور تتدهور خصوصاً أننا نعرف أن هناك وضعاً أمنياً متدهوراً، ووضعاً اقتصادياً سيئاً ويتدهور بسرعة، واحتياطات اليمن من النفط تنفذ بسرعة، وأنا باعتقادي أنه خلال 10 سنوات سينفذ النفط اليمني وستكون هناك مشكلة أكبر وأكبر، وإذا استمر هذا النهج فالبلد سائرة إلى إمكانية أن تؤدي إلى حرب أهلية.

شكراً للناشط السياسي الأستاذ عبدالنبي العكري على هذه المشاركة.
بهذا نأتي إلى نهاية هذه الحلقة، على أمل اللقاء بكم في الأسبوع المقبل.

 

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5384